قصاص أثر برتبة ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يروي تفاصيل البحث، والعثور على جثث المستوطنين الثلاثة الذين أسرتهم حركة حماس في العام 2014 قرب منطقة بيت لحم.
وعن تفاصيل القضية كتبت صحيفة إسرائيل هيوم العبرية: للمرّة الأولى منذ أربع سنوات (حزيران 2014) الضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي يشغل منصب قصاص الأثر ويدعى هاني القرعان يتحدث عن عملية أسر المستوطنين الثلاثة في العام 2014 في منطقة بيت لحم، وعن العثور عليهم جثث بعد أكثر من أسبوعين.
قبيل تفاصيل المقابلة مع الضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، تصف الصحيفة الموقع الذي أسر منه المستوطنين الثلاثة وتقول، محطة الحافلات التي أسر منها المستوطنين لا تبعد أكثر من كيلو متر واحد من معسكر “عتصيون”، دقيقتين سفر للمعسكر.
واليوم لم يتبقى من محطة الحافلات إلا ذكريات، المحطة أزيلت بعد عملية إعادة تأهيل للشارع، ولم يتبقى من هذا المكان الملعون (حسب وصف ضابط الاحتلال الإسرائيلي) إلا ثلاثة صور تذكر بالسفرة الأخيرة للمستوطنين الثلاثة.
وعن الضابط الإسرائيلي أبو القرعان قالت الصحيفة العبرية، ساعات معدودة فقط قبل عملية الأسر كان الضابط هاني أبو القرعان قد دخل لمنصبه كضابط قص أثر في المنطقة، قبل ذلك كان في قطاع غزة، وهو صاحب خبرة من كثرة العمليات التي شارك فيها هناك، وكان قد دخل لقطاع غزة بعد أسر جندي الاحتلال الإسرائيلي جلعاد شاليط، وقبيل انتقاله من غزة عمل أيضاً في البحث عن الأنفاق، وقال عن عمله:” “لقد كانت مهمة كعمل النمل ، سنة ونصف كنت أمشط متر وراء متر في غزة”.
الضابط من جيش الاحتلال الإسرائيلي هاني القرعان استلم منصبه في منطقة مستوطنات “غوش عتصيون” يوم 12 حزيران، وقرر قضاء يوم السبت في المعسكر للتعرف على المنطقة، في اليوم نفسه، وفي الساعة العاشرة ليلاً صعد المستوطنون الثلاثة على مركبة آسريهم، ولكن حتى صباح اليوم التالي حتى تم اكتشاف إنهم أسروا.
الساعة السابعة صباحاً اتصل قائد اللواء وقال هناك إشاعة عن عملية أسر، وطلب مني تفتيش منطقة محطة الحافلات مقابل مستوطنة “ألون شفوت” والطريق القريبة، حينها لم أكن أعلم عن ماذا يدور الحديث، سألت قصاص الأثر الرفيع، وخرجنا للطريق، وبعد دقيقتين كنا في محطة الحافلات.
يقول الضابط: “بحثت عن كل شيء في المكان، عن دم، عن نظارات، علامات جر، أناس أحياء وأناس أموات، لم استطع القول للآخرين عن ماذا يبحثون، سألت نفسي إلى أين وصلت، حينها أعلنوا في جهاز الاتصال عن امتحان حقيقي، وهذا فعلاً كان امتحان حقيقي لي، في غزة كان دوري البحث عن أنفاق، ولا مرّة طلبوا مني البحث عن مخطوفين، ولكن الجميع كان ينظر إليّ ويريد جواب”.
خلال ساعات بحث ضابط قص الأثر وجنوده في كل متر وراء متر من المنطقة، تم تفتيش نصف طريق تمر بجانب مستوطنات “غوش عتصيون”، وكان في المنطقة خط ناقل للمياه دخلت للتفتيش بداخله في الساعات الأولى.
في تلك الأثناء استفاق المواطنون في دولة الاحتلال الإسرائيلي على سيل من الإشاعات، الجميع عرف أن هناك شيء ما حدث، لكن لا أحد يعلم ما هو بالضبط، قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، عناصر من جهاز الشاباك، من الشرطة الإسرائيلية، عناصر من وحدة العثور على مفقودين بدأت تصل للمنطقة.
ويروي ضابط الاحتلال القرعان سير العمل في البحث عن المستوطنين الثلاثة بالقول: “بحثنا في كل طريق ، وفي كل مسار، وكل مخرج ، وقمنا بالبحث في كل متر ، وكانت وظيفتي البحث عن المستوطنين لمعرفة ما إذا كانوا قد لقوا حتفهم في مكان ما.”
ويتابع، كيلو متر إلى الأمام، نقف على قارعة الطريق، الضابط القرعان قفز للخارج، فهو بات يعرف كل متر بعد 18 يوماً من البحث، وبعد أربع سنوات في قطاع غزة، هذا طريق مسدود ، ولكن تبين أن أهمية المكان أكبر بكثير، ويقول الضابط القرعان:
“هنا تم قتلهم، العينان اتجهن بشكل تلقائي لمكان عجلات على الطريق، هنا أطلق الإرهابيون النار على إيال ونفتالي وجيل عاد، قبل أن يتحولوا إلى الجنوب”.
وتابع الضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي: في الساحة الموجودة في الأسفل عرضوا في الليلة الماضية مباريات المونديال، بالتالي لا يمكن أن يكونوا هناك لأنهم قد يرونهم، وبدأنا نبحث عن الرصاصات التي سمعت في المحادثة، عاد للمكالمة الأخيرة التي كانت مع الرقم 100، والتي قال فيها المستوطن جيل عاد إنهم خُطفوا، سرنا على الرُكب، بحثنا تحت كل حجر، لن تجد أرض لم أسر بها، لكن لم نجد أي شيء، كل شيء كان داخل المركبة، الرصاصات والأغلفة.
خلال أيام عديدة قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي بمساعدة الضابط هاني القرعان بحثت عن المستوطنين، في ساعات النهار كان يبحث مع القوات، وفي ساعات الليل كان يشارك في اجتماعات استخبارية، وفي وصفه لعمليات البحث قال القرعان:
“شعرت أن الدولة بكاملها على أكتافي، وأن كل الدولة تبحث معنا، والشعور أن الجميع ينظر إليّ، مهمتي كانت رؤية الأشياء التي لا يراها الآخرون، كل اتصال من غرفة العمليات، من قائد اللواء كان يولد لدي شعور بخيبة الأمل، لم نجد شيء بعد يوم كامل من البحث، كلهم يجلسون وأنت تحدد خطة البحث، ولا إجابات لديك”.
لفترة طويلة بحثت القوات بشكل أعمى، والخوف كان تمكن مجموعة الخاطفين من نقلهم إلى قطاع غزة، ولكن حينها تم اكتشاف طرف الخيط، الخاطفون تركوا المستوطنين قتلى في حلحول، وتابعوا السير لدورا، وهناك أحرقوا المركبة.
وعن كيفية العثور على المستوطنين القتلى قال الضابط القرعان، وجود فارق 22 دقيقة بين اختفاء المركبة عن الكاميرات وعودتها عزز فكرة وجود المستوطنين في تلك المنطقة، في المكان وجدت نظارات أحد المستوطنين مما رفع درجة الأمل لمستوى غير مسبوق، وهنا قالوا لي علينا أن نبحث بشكل دقيق هنا، واستدعيت قوات كبيرة للمكان، وبحثنا في كل مكان ممكن في المنطقة، أربعة أيام، فهناك كان طرف الخيط الوحيد، وتابع حديثه بإحباط، حينها وصلنا لنقطة التقدم الحقيقي بعد أسبوعين من البحث، استمرت عمليات البحث، واقتربنا من المكان الذي قبر فيه المستوطنين، ولا أحد منا يعرف المنطقة.
الجزء الثاني…..يتبع