كتب المحلل العسكري يوسي مليمان - معاريف: ما حصل في جلسة الكابينت، الذي انعقد لبحث المواجهة مع غزة، واقتراحات التخفيف من الحصار ومنع حدوث الأزمة الإنسانية في القطاع، هو ما يسمى في لغة السيارات ضغط كامل على دواسة الوقود، بينما المحرك في حالة العادم. فقد جلس الوزراء نحو أربع ساعات، طرحوا اقتراحات، نفسوا عن انفسهم، وفي النهاية لم يتخذوا أي قرار.
الأمر المذهل هو أنه في الأحاديث الخاصة يؤيد معظم الوزراء اتخاذ قرار يسمح بتحسين حياة مليونين من الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، دون شبكة مجار، دون كهرباء، دون ماء مناسبة للشرب. غير أنهم قبل أن يصلوا إلى البحث، تجدهم يغردون، يجرون المقابلات الصحافية ويطلقون البيانات المتناقضة مع موقفهم الأصلي. باختصار، واحد في الفم وآخر في القلب. تهكم في أجل صورة له.
كما أن هذه هي السياسة في أسوأ صورة لها. فالوزراء يعرفون جيدا أن موقف المنظومة الأمنية هو أن التخفيف من الوضع في غزة يمكنه ربما أن يبدد التوتر على الحدود، ويخفف من العنف، ولكنهم يخافون من عائلة غولدن، التي تريد استعادة ابنها للديار.
وزراء الكابينت، غير قادرين على أن يتخذوا قرارا عن المستقبل، ولم يكونوا مخولين باتخاذ أي قرار يخص التسهيلات بغزة، ويجب أن يكون واضحا للجميع، أن اتفاق وقف النار مع حماس الذي تحقق بعد حملة الجرف الصامد قبل نحو أربع سنوات آخذ في الانهيار.
وبدلاً من محاولة بذل أي جهد لاتخاذ قرار، يتملص الوزراء منه. والوحيد الذي أظهر قدرة على الحديث عن الأمر، هو وزير المواصلات والاستخبارات إسرائيل كاتس، الذي يقترح منذ بضع سنوات إقامة جزيرة وميناء في غزة. عندما تبين له أن لا أمل في أن يطرح اقتراحه للبحث، سحب كاتس اقتراحه.
في الصورة، يوجد موقف وزير الجيش أفيغدور ليبرمان الذي لا يؤمن بأي تسوية تمنح تسهيلا للضائقة الاقتصادية لسكان غزة، طالما كانت حماس في الحكم، هذا الموقف يقف على نقيض من توصيات رئيس الأركان جادي آيزنكوت، ومنسق أعمال الحكومة في المناطق الذي أعد خطة شاملة حول الموضوع.
ليبرمان في موقف الأقلية. فمعظم الوزراء يعتقدون أنه يجب الأخذ بتوصيات الجيش والشاباك، ولكن بسبب جبنهم والضغوط التي تمارسها عليهم عائلة غولدن، والخوف من الرأي العام، نجح ليبرمان في فرض موقفه على الكابينت.
المشكلة الأصعب هي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي في الأسبوع الماضي فقط تحدث في صالح رزمة تسهيلات لغزة، غير مستعد لأن يصطدم بليبرمان، بينما توجد التحقيقات ضده في المشهد.
إن الاقتراحات لنقل المساعدة الإنسانية والأعمال الاقتصادية في مجال المياه، المجاري والكهرباء موجودة بوفرة، وتوجد أيضا التزامات من جانب الأسرة الدولية – أوروبا، قطر، اتحاد الإمارات، اليابان وغيرها – لنقل مليارات الدولارات إلى هناك.
ولكن حكومة "إسرائيل" تفضل عدم اتخاذ قرارات، وفي هذه الأثناء سيواصل سكان غلاف غزة دفع الثمن الباهظ، هذه القرارات من شانها ان تخفف من موجة العنف الحالية، واندلاع الحرائق، وسقوط الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. إن المساعدة الإنسانية هي مصلحة إسرائيلية، حتى لو كانت تخدم حماس.