ندفع ثمن كرامتنا..حمادة فراعنة

الأربعاء 06 يونيو 2018 11:11 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ندفع ثمن كرامتنا..حمادة فراعنة



هل نتذكر الراحل الحسين حينما رفض الذهاب إلى حفر الباطن للمساهمة في ذبح العراق عام 1990 – 1991 وفق المخطط الأميركي ، بعد الخطيئة الكبرى التي إرتكبها الراحل صدام حسين في إجتياح الكويت ، بينما لبى نداء الإنتهازية والرشوة المالية أخرون، الذين تجاوبوا مع البرنامج الأميركي ومخطط العدو الإسرائيلي في تدمير العراق وإخراجه من دائرة البلدان الفاعلة ، ولهذا دفعنا ثمن إستقلالية قرارنا الوطني ، حينما كان موقف الحسين حرجاً بين خيارين : 1- رفضه لعناد صدام حسين وضيق أفقه في عدم التجاوب مع مبادرة الثلاثي الحسين وعرفات وعلي سالم البيض في قمتهم الرباعية يوم 4/12/1990 ، ومطالبتهم له بالإنسحاب من الكويت وفي حينه قال الحسين كلمته في إستشراف المستقبل الأسود بقوله : يا خسارة راح العراق !! ، و2- رفضه الذهاب إلى حفر الباطن في ذبح العراق تحت رايات الأميركيين وبرنامجهم ، وقال مهما إختلفنا لن نتحمل وزر المساهمة في قتل العراق وخرابه !! . 
وكان حصيلة الموقف الأردني حصاره والتضيق عليه وحجب المساعدات عنه وجعله عُرضة للإفقار والعازة وضيق فرص الإختيار ، وماذا كانت نتيجة تلك الحماقة ، وتلك الحرب ، وذلك الخيار ؟؟ . 
هل تذكرون ؟؟ كانت النتيجة العمل على حل الصراع العربي الإسرائيلي بعد جلب كل البلدان العربية إلى مؤتمر مدريد في 30/10/1991 مع العدو الإسرائيلي وإسحق شامير للجلوس على طاولة واحدة برعاية مدمر العراق وغازيها جورج بوش . 
لقد ذهب الملك حسين والرئيس ياسر عرفات مرغمين معاً بالوفد المشترك الأردني الفلسطيني إلى مدريد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والذي ولّد مفاوضات أوسلو غير العلنية بعد فرض الحصار السياسي على منظمة التحرير وتجفيف مواردها المالية ، بينما سوريا ورغم مشاركتها في حفر الباطن لم يُكافأ حافظ الأسد بإستعادة الجولان وفشلت المفاوضات السورية الإسرائيلية بين فاروق الشرع ويهود براك . 
ما أشبه اليوم بالبارحة ، المطلوب من الأردن العمل على ذبح سوريا والمساهمة مع المعارضة السورية الإسلامية الممولة خليجياً والمدعومة أميركياً وأوروبياً وتركياً ومن المستعمرة الإسرائيلية ، لتغيير نظام بشار الأسد وإسقاط حزب البعث ، ورفضنا التجاوب مع الحل المفروض وتمسكنا بالحل السياسي قبل أن يصمد النظام ويمتلك زمام المبادرة بدعم روسي وإيراني ، وهكذا حافظ الأردن على كرامته ورفض الإسهام بذبح سوريا وإتخذ الملك عبد الله الواجب الوطني والقومي وما هو مطلوب منه وعمل كما فعل الحسين في رفض حفر الباطن وكان عليه أن يدفع الثمن ، وها نحن ندفع الثمن بالحصار والتجويع والتضييق المنظم ضدنا . 
كان المطلوب منا أن نذهب للقتال في اليمن ، ولم تكن تلك معركتنا ، رغم عدم توافقنا مع توجهات علي عبد الله صالح ، ورغم رفضنا لبرنامج الحوثيين ، ولكننا لم نكن نقبل الحل العسكري في اليمن ، والإسهام بإقتتال اليمنيين لأن الفرق المتقاتلة المدعومة من إيران من طرف ومن الخليجيين من طرف هما من اليمنيين والذي دفع الثمن ولازال الشعب اليمني ، وهكذا دفعنا ثمن عدم التجاوب للذهاب إلى اليمن ، وهو الأمر نفسه وعينه في ليبيا ، وفي العراق حيث عملنا لأن تكون علاقتنا ودية ومتكافئة مع المكونات العراقية الثلاثة مع العرب كما هي مع الأكراد ، ومع السنة كما هي مع الشيعة ، ومع المسيحيين كما هي مع المسلمين ولهذا بقيت عمان حاضنة للعراقيين وممراً للمكونات الثلاثة ، الأمر الذي لم يكن يرضى به أصحاب الأجندات التدميرية للعراق . 
الذين يشعرون بالمسؤولية في حالة حرجة فمن جهة مطلوب وطنياً تغيير قواعد اللعبة والإنتهاء من قرارات ونفوذ قوى الشد العكسي التي لا تريد التعددية والديمقراطية والإحتكام إلى صناديق الإقتراع وبقاء العقلية التقليدية المتحجرة متمكنة في مؤسسات صنع القرار ، ومن جهة أخرى نخوض معركة إستقلالنا الوطني ضد زج الأردن في معارك بينية دمرت سوريا وليبيا والعراق واليمن وإستنزفت مصر ، وأفقدت الخليجيين قدراتهم المالية ، ونحن في غنى للإنخراط بهذه السياسات المدمرة وندفع ثمن النأي بالنفس عن مثل هذه التوجهات وللحديث بقية .