في الوقت الذي كنا نتابع فيه اتصالات حماس مع إسرائيل عبر القاهرة من اجل التوصل الى اتفاق هدنة طويلة الأمد اشتعل الوضع الميداني وبدا الامر لوهلة على حافة الانزلاق الى حرب كبيرة.
ما الذي جرى وماذا تريد كل من حماس وإسرائيل من هذا التصعيد؟ بالتأكيد المتتبع للاحداث ربما يكون متيقنا بان الجانبين لا يريدان حربا مفتوحة، فالقصف الإسرائيلي ورد المقاومة من حماس والجهاد كان محسوبا، ضربات في أماكن غير مأهوله وبعيدة عن الأرواح.
لم يكن لدى أي من الجانبين الرغبة في تكبيد الاخر الخسائر البشرية لعلمهما انها ستشعل المواجهة التي لا يرغبان بها.
وأيضا لا يعني ان مثل هذه الجولة من المواجهة التي يمكن وصفها بالاعنف منذ حرب 2014 ستلغي مساعي البحث عن هدنة طويلة الأمد، وانما هي معزز لموقف كل منهما، فكل جانب يريد ان يدخل مفاوضات التهدئة ويده العليا في الميدان.
حماس التي حققت الكثير على المستوى السياسي من مسيرات العودة كانت رسالتها التي انضمت اليها حركة الجهاد الإسلامي للداخل بان المقاومة لم تتخل عن الاشتباك المسلح وان مسيرة العودة شكل من اشكال هذه المقاومة وليست بديلا عن المسلحة، وللخارج واقصد هنا لإسرائيل ومصر فان الهدف هو تحسين شروط التفاوض التي تجري معهما سواء فيما يتعلق بالهدنة طويلة الأمد او إجراءات تخفيف الحصار عن القطاع.
في المقابل كانت إسرائيل تود القول انها ما زالت تحافظ على قوة الردع التي نالت مسيرة العودة منها كثيرا، ليست على مستوى سمعة جيشها التي تلطخت لما ارتكبه من مجزرة بحق متظاهرين سلميين فحسب وانما بسبب قدرة هؤلاء المتظاهرين على ابتكار اشكال متنوعة من المقاومة السلمية اقلها الطائرات الورقية وأبرزها خطي عدد منهم السياج الفاصل ووصولهم الى مواقع قناصة الاحتلال واحراقها.
إسرائيل على الأقل اليوم ليست معنية كما نعلم بالحرب في الجنوب بقدر انشغالها بما يجري على حدودها في الشمال، في سوريا ولبنان وكيف سيكون التعامل مع إيران وحزب الله، خاصة وان ذلك ينصب في إطار تحالف اشمل مع عدد من الدول العربية وهو ما يهمها بدرجة كبيرة، لكن ذلك لا يعني ان العدوان الاوسع على قطاع غزة ليس قائما وانما امره لا يعدو اكثر من مسألة وقت.
على كل حال نحن اليوم في انتظار مليونية مسيرة العودة في الرابع من حزيران الذكرى الخمسين للنكسة، التي نرجو ان لا تكون كيوم النكبة، وان تكون حماس والمنظمون وقبلهم المشاركون استخلصوا العبر ووضعوا الترتيبات التي تضمن سلامة المتظاهرين وعدم منح إسرائيل المبرر لتقتل كيفما تشاء.