ما زال توتر الوضع الأمني في قطاع غزة يشغل الصحافة الإسرائيلية، التي وضعت جملة سيناريوهات ميدانية متوقعة في حال استمر القصف الإسرائيلي لأهداف في غزة، والرد بإطلاق الصواريخ من المقاومة.
أور هيلر، المراسل العسكري للقناة الإسرائيلية العاشرة، قال إن "أحداث الساعات الأخيرة، وعودة التصعيد من جديد في غزة، يؤكد أن حماس تجاوزت حاجز التردد، وهي في وضع يشبه خروج الجني من قمقمه، وصعوبة أن يعود إليه".
وأضاف، في تقرير تلفزيوني ، أن "إسرائيل وصلت إلى طريق مسدود في موضوع إيجاد حلول لمعضلة غزة، رغم بعض الأحاديث مؤخرا عن إمكانية التوصل إلى حل بعيد المدى مع حماس، من خلال تقديم سلسلة من الجزرات المتمثلة بفتح المعابر، لكن استمرار المسيرات الشعبية الفلسطينية باتجاه الحدود، ومواصلة إحراق الطائرات الورقية لمئات الدونمات، يؤكد أن التوتر ما زال سيد الموقف".
فيما ذكر يوسي ميلمان، الخبير الأمني الإسرائيلي، في صحيفة معاريف، أن "حماس وإسرائيل يمتنعان عن الذهاب إلى حرب شاملة، لكن الفجوات بينهما ما زالت واسعة، ولم يتم جسرها بعد؛ لأنه ليس هناك توقعات بإيجاد حل بعيد المدى في قطاع غزة في هذه المرحلة".
وأضاف في مقال مطول أن "هناك رغبة للطرفين، حماس وإسرائيل، بأن تكون لهما الكلمة الأخيرة في ختام كل جولة تصعيد، ورغم توصلهما لما يشبه وقفا لإطلاق النار بوساطة مصرية، لكن إسرائيل تمتنع عن الإعلان عنها؛ خشية ظهورها أمام الرأي العام الإسرائيلي بمظهر الضعف والخضوع لحماس".
ميلمان كشف النقاب عن "اجتماع قريب للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية السياسية للبدء في إدخال تحسينات على الوضع المعيشي الصعب في غزة، تشمل البضائع التجارية، والأدوية، والكهرباء، والبنية التحتية، وهو ما يمكن أن يسمى هدنة صغيرة؛ لأن حماس وإسرائيل لا تريدان حربا، لاعتبارات تخص كل منهما، فإسرائيل تخشى من ثمن الدماء المتوقع أن تجبيه حماس منها، فيما الأخيرة متيقنة أن قادتها سيكونون الأهداف الأولى لتلك الحرب، التي قد تصل حد إسقاطها كليا في غزة".
وأوضح أن "كليهما يريد التوصل لهدنة كبيرة تستمر عدة سنوات، لكن الفجوات بينهما ما زالت بعيدة، فإسرائيل لا تستطيع إجراء مباحثات مع حماس؛ لأنها لا تعترف بها، رغم أن حماس حكومة قائمة في كل الأحوال، ولديها جيش تعداده أربعون ألف مسلح".
عقبة أخرى تعترض الهدنة الكبيرة، تتمثل في أن "إسرائيل ترفض أي إعادة إعمار لقطاع غزة طالما أن حماس لم تفكك سلاحها، والحركة ترى أنه لا مجال للاقتراب من هذه الخطوة؛ لأنها تنفي سبب وجودها من الأساس، وهناك العقبة الثالثة المتمثلة بمسألة الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة؛ لأن مطالب حماس تزيد بعشرة أضعاف من استعداد إسرائيل لما يمكن أن تقدمه لها في هذه الصفقة".
وختم ميلمان بالقول إن "جولة التصعيد الأخيرة قبل أيام كانت الأخطر التي خاضتها حماس وإسرائيل منذ 46 شهرا بعد انتهاء حرب غزة الأخيرة، صحيح أن كلا الطرفين شعر أنه حسن مواقفه أمام رأيه العام وجمهوره، لكن من الأهمية لهما أن يعودا لحالة الهدوء التي سادت، ومن الأفضل لإسرائيل أن تجد أمامها عنوانا في غزة اسمه حماس، ولو كانت ضعيفة، حتى لو أعلنت الحركة أنها بقيت المسيطرة على غزة، والعنوان الأساسي فيها".
ليئور أكرمان، الضابط الكبير السابق في جهاز الأمن العام (الشاباك)، قال إن "التصعيد المتدحرج في غزة ينبغي ألا يفاجئ أحدا في المؤسستين العسكرية والأمنية في إسرائيل؛ لأن حماس تواصل كتابة عنوان المرحلة، وتبادر بإطلاق الصواريخ مع الجهاد الإسلامي، وهي نتيجة طبيعية لأداء المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل خلال حرب غزة الأخيرة 2014، الذي اتسم بالفشل منذ بدء الحرب وحتى نهايتها".
وأضاف في تحليله بمجلة يسرائيل ديفينس للعلوم العسكرية، أن "جوهر الفشل الإسرائيلي يتمثل في عدم استخلاص الدروس والعبر من المواجهات السابقة، فقد شهد قطاع غزة ثماني عمليات عسكرية: قوس قزح وأيام التوبة في 2004، والمطر الأول 2005، وأمطار الصيف 2006، وشتاء ساخن 2008، والرصاص المصبوب 2009، وعمود السحاب 2012، والأخيرة الجرف الصامد 2014".
وأوضح أن "جميع هذه العمليات نفذتها إسرائيل عقب هجمات بادرت بها حماس، ثم جاء الرد الإسرائيلي عليها، في كل الحالات كانت حماس من تبادر، وبين كل عملية وأخرى واصلت بناء قوتها، وحفر أنفاقها، والتسلح، وتطوير قدراتها الاستخبارية ضد الجيش الإسرائيلي، وشهدت تغييرا جوهريا ببنائها التنظيمي".
وختم بالقول إن "اللافت في جميع هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس أنها انتهت دون حسم عسكري أو تحقيق إنجاز سياسي، حتى أن التصعيد الأخير انتهى بنتيجة مفادها أن العد التنازلي للحرب القادمة بدأ عمليا في غزة".