ربما ذهب الكثير من المراقبين والمحللين إلى ارتفاع وتيرة العدوان الإسرائيلي على غزة وصولاً الى عدوان إسرائيلي شامل .. بالتأكيد لكل طرف من الأطراف حساباته الخاصة، فإسرائيل التي تعمل على تطوير العلاقة مع الدول العربية السنية لمواجهة العدو الاستراتيجي الأول لها وهو إيران، وما تجنيه اسرائيل من مكاسب سياسية في ظل حقبة ترامب في ذلك الخصوص سواء ع صعيد الملف النووي الإيراني بإنسحاب أمريكا من الاتفاق من طرف واحد أو ع صعيد الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني؛ لذلك لا تريد اسرائيل أي حدث يزعج أو يشوش على هذا التطور السياسي الايجابي بالنسبة لها، كذلك انشغال إسرائيل في الجبهة الشمالية الأكثر سخونة ممثلة الآن في سوريا ولبنان، كما وأن لأعمال بناء الجدار على حدود قطاع غزة من أجل محاربة الإنفاق دور لا يقل أهمية عن الأسباب سالفة الذكر في تأجيل العدوان؛ نظراً لهاجس وخطر الأنفاق على الأمن الإسرائيلي، فأي عدوان شأنه أن يعطل هذه الأعمال؛ من هنا وبكل تأكيد تعمل اسرائيل على تهدئة الأمور على الجبهة الجنوبية جبهة غزة على الأقل في الوقت الحالي، التي يمكن احتوائها من قبل مصر بعد أن طورت مصر علاقتها مع حماس وبقية الفصائل من جهة ومع إسرائيل من الجهة الأخرى.
أما أسباب عدم التصعيد من طرف حماس فهو بالتأكيد يعود بالدرجة الأولى للعامل الاقليمي حيث تدرك حماس التطورات الحاصلة في الاقليم وانشغال العرب خاصة الدول السنية المعتدلة في مواجهة العدو الرئيس إيران.
أيضاً هناك سبب آخر وهو أهم من الأول وهو الجبهة الداخلية حيث تدرك حماس تهلهل الجبهة الداخلية وعدم استقرارها نتيجة عدة عوامل أهمها الظروف الاقتصادية والمادية السيئة.
كما تشعر حماس بنشوة النصر في مسيرات العودة سواء على المستوى الداخلي الفلسطيني بتحريك الجماهير نحو الاحتلال، والمستوى الخارجي التعاطف الدولي مع المسيرات السلمية وارتكاب اسرائيل مجازر بحقها، حيث أخذت هذه المسيرات صدى إعلامي واسع، ترى حماس بأنه أعاد القضية الفلسطينية بشكل عام وأزمة قطاع غزة بشكل خاص إلى اهتمام العالم.