دوامة الأسئلة..عمر حلمي الغول

الإثنين 28 مايو 2018 10:21 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دوامة الأسئلة..عمر حلمي الغول



عطفا على ما حملته أسئلة الأمس، التي تضمنتها مقالة "الغموض يلف المستقبل"، تملي الضرورة متابعة طرق بوابة السؤال في الحقلين العربي والفلسطيني، ومحاولة الإقتراب من جادة الإسئلة الجارحة والحادة والقاسية. لإنه دون كي الذات بوجع السؤال، لن نفلح في مكاشفة أنفسنا، وكي نتجاوز كي الأعداء لمصيرنا، وليس لوعينا فقط.

ومع ان بعض أسئلة الأمس إقتربت ولامست الموضوع العربي، غير ان هناك حاجة للحفر في جادة السؤال لبلوغ المسكوت عنه: هل أهل النظام العربي متمسكون بالقضية الفلسطينية، كقضية مركزية للعرب؟ وما هي دلالة ذلك؟ هل تكفي البيانات الصادرة عن القمم العربية، أو التي تحملها خطابات الملوك والروساء أو من في مقامهم؟ وكيف تتم ترجمة أولوية ومركزية القضية الفلسطينية؟ هل هناك ربط بين قضايا أهل النظام الإقليمية والدولية وبين القضية الفلسطينية، أم ان ما تحمله البيانات والخطابات تذروه رياح مصالح الحكام وأنظمتهم السياسية؟ وما هي جدية قادة الدول العربية في دعم حق الشعب العربي الفلسطيني في إستقلال وسيادة دولته على أرض وطنه المحتلة في الخامس من حزيران /يونيو 1967؟ وإذا كان العرب جديون في تبنيهم قضية فلسطين، لماذا يطبعون مع دولة الإستعمار الإسرائيلية قبل الوصول إلى السلام الحقيقي، وتطبيق مبادرة السلام العربية؟ لماذا يتسابقون في كسب ود إسرإئيل الإستعمارية؟ لماذا يغرقون في متاهة ووحول ومستنقعات إرهابها؟ وهل إسرائيل معنية بحماية العرب من إيران الفارسية؟ من قال ذلك؟ وما هي الدلالة السياسية والإقتصادية والعسكرية؟ ولماذا لا يقرأ العرب اللوحة كاملة دون إختزال أو تضخيم لجانب على جانب آخر؟ وهل حسابات الأنظمة العربية الضيقة هنا أو هناك في حال تحققت تؤمن لهم السلام والإستقرار، وإسقاط دور الإرهاب والتخريب الإسرائيلي عن أوطانهم وشعوبهم الشقيقة؟ وهل تغيير أولويات ومراكز الأعداء يحل معضلة العرب؟ وهل إندفاع بعض العرب بدفع عشرات المليارات من الدولارات الأميركية لتخريب بلد عربي شقيق تساهم في تعزيز الأمن القومي العربي؟ ولماذا عندما يتطلب الأمر تقديم الدعم للأشقاء في فلسطين يبدأ التقطير وقطع اليد من الرسغ لتشحد عليها تلك الدول؟ وهل السماح لبعض الأبواق في غير بلد عربي بإسم الحرية المفتعلة والكاذبة للإساءة لفلسطين وقضيتها وشعبها الجبار يخدم الديمقراطية، إن كان هناك من أصله ديمقراطية، أم ان ذلك يصب في تنفيذ إملاءات أميركا وإسرائيل؟ 

وعلى المستوى الفلسطيني: هل لدينا ترف الإنتظار لبلوغ المصالحة الوطنية؟ وإذا لم يكن لدينا خيارات أخرى غير الحوار كجسر للمصالحة، لماذا لا نلعب بالمقصص حتى يأتي الطيار؟ وهل لدى أي وطني ضبابية تجاه مواقف حركة حماس الإنقلابية ومرجعيتها الإخوانية، من رفضهم خيار المصالحة والوحدة الوطنية والشراكة السياسية من حيث المبدأ؟ ولكن هل هذا يكفي لننكفىء وننتظر على أبواب الإنقلابيين حتى يعودوا لرشدهم؟ وهل لديهم الإستعداد لمراجعة ذاتهم، أم انهم يتخندقون في مواقعهم وإملاءات أجنداتهم؟ ومع ذلك، ورغم معرفة ذلك، لماذا لا نفتح الأبواب المغلقة، لإننا أم وأب الطفل الفلسطيني؟ أم علينا إنتظار ما تفتي به بعض الأنظمة أو حتى إسرائيل، التي أَصلت للإنقلاب؟ وإذا كانت إسرائيل وضعت ملف سلاح حماس خلف ظهرها راهنا، ولم تعد تطالب حركة الإنقلاب بالإعتراف بها مسبقا، ولم تطالبها بالإقرار بمحددات الشرعية الدولية، وتطالبنا بدفع الرواتب خشية الإنفجار القريب، لماذا نُصر نحن على بقاء عمليات الخصم الخاطئة من الرواتب؟ ومن أولى من القيادة الشرعية في تنفيذ قرارات المجلس الوطني في دورته ال23 الأخيرة؟ وهل إجراءاتنا السابقة تجاه الموظفين في القطاع تصب في الإتجاه الصحيح أم العكس؟ ولماذا نترك موظفينا، موظفو فتح والحركة الوطنية يلوكون الجوع؟ وهل يمكن مواجهة صفقة القرن دون وحدة، حتى لو وحدة شكلية؟ وكيف نبعد حركة الإنقلاب الحمساوية عن مساق الصفقة الأميركية؟ هل بالبقاء والمراوحة في ذات المكان، أم بالبحث عن مخارج إبداعية تؤمن الحد الأدنى مما نريد؟ وهل يمكن تحقيق ذلك دون تقديم تنازلات؟ وكيف يمكن تعرية وفضح حركة حماس أكثر فأكثر أمام الشارع الفلسطيني، ليس الشارع الغزي لوحده، فهذا بات يعرفها عن ظهر قلب، ولكن الشارع في الضفة والشتات وال48 من غير تقديم المبادرات الإبداعية لخلخلة القاعدة الصماء في حركة حماس، وإزالة الغشاواة عن تلك القيادات والكوادر والأعضاء، الذين لم يتأخونوا حتى اللحظة؟ 

وكيف يمكن للقيادة مواجهة التحديات القادمة دون بلورة أليات واضحة وصريحة ومبدعة لتطبيق قرارات المجلس الوطني الأخيرة تجاه الداخل الفلسطيني وإسرائيل والعرب والعالم؟ وكيف يمكن بلورة صيغ خلاقة لقطع الطريق على أي فراغ سياسي أو دستوري في المستقبل المنظور والوسيط في الساحة الفلسطينية؟ وما هي حدود المناورة مع دولة إسرائيل الإستعمارية والولايات المتحدة؟ وهل أدواتنا الحالية مؤهلة لتحمل مسؤولياتها، أم هناك نقص في المناعة لدى بعض المفاصل؟ وكيف سنتعامل مع بعض الأشقاء العرب، الذين يتهافتون ويتساوقون مع أميركا في الصفقة المشؤومة؟ هل سنبقى نستخدم الخطاب الديبلوماسي، أم ان علينا حمل عصا غليظة لمكاشفتهم وتعريتهم؟ ألم يحن وقت رفع الصوت عاليا أمام كل من يتطاول على المصالح الوطنية من العرب، وهي بالضرورة مصالح قومية؟ وهل رفع الصوت يعني بالضرورة القطيعة مع الأشقاء، أم هو دفاع عن الذات، وإلزام بعضهم للتوقف فورا عن الركض في دولايب إسرائيل وأميركاعلى حساب المصالح الوطنية؟  

دوامة الأسئلة كبيرة وعالية ومتشعبة، وقد لا يكون المرء سلط الضوء على مفاصل كثيرة من القضايا المثارة. غير اننا بحاجة إلى طرق كل الأبواب، وفتح كل النوافذ المغلقة، وعدم وضع الرأس في الرمال، ومكاشفة الذات قبل الشقيق والصديق والعدو، لإنها مسؤولية شخصية ووطنية تحتم فتح دفتر الحساب للشروع بالجمع والطرح والتقسيم والضرب والبدء بالعمليات الجبرية وكل مبادىء الرياضيات الحديثة لإخراج الرأس الفلسطينية من مقصلة صفقة القرن الأميركية الإسرائيلية. لإن مستقبلنا كله في خطر. نحن نقف على فوهة بركان سياسي غير مسبوق يهدد المشروع الوطني برمته، ولا يجوز تحت أي إعتبار الوقوف في حالة ذهول وصمت، بل علينا قرع الأجراس كلها لعلنا نستيقظ مما نحن فيه.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com