سياسة التهويد والتهجير القسري والتطهير العرقي ، التي تتبناها سلطات الاحتلال وترمي إلى تهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم وتضييق الخناق عليهم تتسارع وتجري على قدم وساق في ظل توسع البناء في المستوطنات والمناطق العسكرية لجيش الاحتلال . ورغم ان حكومة اسرائيل ومن خلفها الادارة الاميركية تدرك ان ذلك يشكل مخالفة جسيمة للقانون الدولي ويرقى إلى مستوى جريمة حرب مبنية على التمييز والتطهير العرقي، إلا أن هذه الحكومة تمعن في تحدي المجتمع الدولي وتصعد في تطبيق عمليات الهدم الإداري في الضفة الغربية، التي اعتادت تطبيقها في مدينة القدس المحتلة.
واستنادا الى معلومات من مؤسسة "سانت ايف " الأجنبية التي تعنى بمتابعة الأمور القانونية، فقد اكدت أن حكومة الاحتلال وجيشها أقرا نقل تطبيق الهدم الإداري الى الضفة الغربية، ومعنى ذلك اعطاء صلاحيات واسعة للإدارة المدنية بهدم البيوت والمنشآت دون الرجوع الى المحاكم . ما يهدد بأخطاركبيرة التجمعات الفلسطينية في مناطق ج ، حيث اصدرت الادارة المدنية للاحتلال فيما يسمى بمنطقة يهودا والسامرة (حسب تعبير سلطات الاحتلال ) امرا عسكريا يقضي بإزالة الأبنية الجديدة ويعطي صلاحيات واسعة للإدارة المدنية بهدم أي مبنى لم تنته اعمال البناء فيه خلال 6 شهور من تاريخ إقرار الامر العسكري المذكور في المناطق المصنفة ج . ويشمل الامر العسكري أي بناء سكني لم يمض على سكنه 30 يوما من تاريخ سريان الامر ، حتى لو كان مكتمل البناء ، بحيث تعطى المنشأة سكنية كانت او زراعية اخطارا بالإزالة ينفذ خلال 96 ساعة. وبحسب الامر يمكن لمالك المبنى تقديم اعتراض معزز بوثائق اثبات ان المبنى مرخص (رخصة بناء) او يقع داخل مخطط تنظيمي مصادق عليه للإدارة المدنية ، الا ان هذا الاجراء لا يحمي المنشاة من الهدم ، لأن هذا الشروط لا تنطبق إلا على الابنية الاستيطانية ، اما فيما يتعلق بالفلسطينيين فليس بمقدورهم توفير مثل هذه الاثباتات ، ذلك أن سياسة الاحتلال منذ العام67 لم توافق سوى على عدد محدود جدا من المخططات الهيكلية للمناطق الفلسطينية الواقعة في مناطق مصنفة ج ، ولم تصادق على توسيع مخططات هيكلية قائمة سوى لعدد محدود جدا ، الأمر الذي يفسر وجود أعداد كبيرة من الابنية غير المرخصة في هذه المناطق ، حيث ان المخططات الهيكلية للقرى الفلسطينية بمجملها تقع في مناطق ب ، التي تخضع لصلاحيات الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية بينما التوسع في مناطق ج من صلاحيات مجلس التنظيم الأعلى الذي يتبع الإدارة المدنية للاحتلال ، وحسب نص الامر العسكري المذكور فإنه يمتد ليشمل أيضا مبان ومنشأت كانت قد أقيمت في سنوات سابقة الا انه لم يكتمل فيها البناء ولم تسكن من قبل مالكيه ويدخل هذا الامر العسكري حيز التنفيذ بتاريخ 1662018، أي بعد شهرين من التوقيع عليه من قبل الحاكم العسكري ، وبحسب نصه الذي وقع بتاريخ 1742018 ومدة سريانة سنتين قابلة للتجديد ، وإذا ما تمت المصادقة على قانون آخر كانت قد تقدمت به وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شاكيد ، والذي يقضي بتحويل صلاحية النظر في الالتماسات ضد القرارات الإدارية للإدارة المدنية من المحكمة العليا الى محكمة الصلح ومحاكم خاصة مع تضييق المجالات التي يمكن لهذه المحكمة النظر فيها فأن استخدام القانون لم يعد يشكل وسيلة حماية للفلسطينيين من التهجير في مناطق ج. وتأتي هذه الأوامر العسكرية ضمن سياسة التهجير القسري التي تتبناها سلطات الاحتلال والتي ترمي الى تهجير السكان الفلسطينيين من ارضهم وتضييق الخناق عليهم في ظل توسعة المستوطنات والمناطق العسكرية لجيش الاحتلال وهو يعتبر مخالفة جسيمة للقانون الدولي الانساني ويرقى الى مستوى جريمة حرب مبنية على التمييز والتطهير العرقي.
على صعيد آخر تتواصل فصول وتداعيات نكبة شعبنا الفلسطيني وما رافقها من مجازر وعمليات تدمير للمدن والقرى الفلسطينية ، وتهجير قسري ، مهدت لقيام دولة الاحتلال على حساب وجودنا ، حيث تزامنت هذا العام مع افتتاح السفارة الأميركية في القدس، واعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة لإسرائيل، في خرق واضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، بما فيها قرار مجلس الأمن 478 ، والتي تؤكد جميعها أنّ القدس الشرقية أرض محتلة، وأنّ قضية القدس من قضايا الوضع النهائي، يجب أن يحسَمَ مستقبلها عبر التفاوض المباشر على أساس قرارات الشرعية الدولية .
وفي هذا السياق عبر ثلثا أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عن قلقهم الشديد من عدم تطبيق قرار صدر في عام 2016 يطالب بوقف البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة. وأبلغ مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي
ملادينوف، المجلس العام الماضي أن إسرائيل تضرب عرض الحائط بطلب وقف البناء الاستيطاني.واعتبر المكتب الوطني ان قرار القيادة الفلسطينية التوقيع بشكل فوري على الإحالة الرسمية حول الاستيطان للمحكمة الجنائية الدولية، يشكل اداة مهمة لتقديم شكاوي واحالتها لشعبة القضاء في المحكمة الجنائية الدولية والتي يجب ملاحقة قادة الاحتلال بموجبها وتقديمهم للعدالة الدولية باعتبار ان الاستيطان والتطهير العرقي هي جرائم حرب.
وعشية نقل سفارة الولايات المتحدة الى مدينة القدس المحتلة، التي تصادف ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني وبمشاركة وفد رسمي امريكي ، قررت حكومة الاحتلال في 13/5 تخصيص ملياري شيكل من أجل تعزيز فرض السيادة الإسرائيلية على الشطر الشرقي من المدينة، وستقسم هذه المبالغ على مدار خمس سنوات ، على أن يخصص جزء كبير منها لقطاع التعليم ، لفرض المنهاج الإسرائيلي على مزيدٍ من المدارس الفلسطينيّة في القدس المحتلة. بالإضافة إلى تخصيص نحو 350 مليون شيكل لتطوير المناطق المحيطة بالبلدة القديمة المحتلة ، تشمل تشجيع تنظيم الفعاليّات اليهوديّة في جبل الزّيتون، ورفع جودة خدمات التّنظيف والصيانة في الأماكن العامة وتطويرها، إضافة إلى ترميم المقبرة اليهوديّة في جبل الزّيتون.
كما قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي البدء بالسيطرة على أنحاء مختلفة من شرق القدس المحتلة ، وتزامناً مع نقل السفارة الأمريكية خصصت 50 مليون شيكل وبما يتيح لها مصادرة أراضي من أحياء بيت حنينا وصور باهر. وفق خطة التسجيل التابعة لما تسمى سلطة الأراضي بحيث يتم تسوية جزء من قضية الأراضي في المنطقة حتي نهاية 2021، على طريق استكمالها حتى 2025. وحسب وزارة القضاء الإسرائيلية، فإن الحديث يدور عن بدء فرض السيادة "الإسرائيلية" كلياً على أحياء شرق القدس المحتلة.وفي هذا الاطار قالت ما تسمى وزيرة القضاء "الإسرائيلية" ايليت شيكد: سنعزز وجودنا في شرقي القدس فنحن بالفعل بدأنا بفرض السيادة الإسرائيلية على شرقي القدس .
في الوقت نفسه اعطت حكومة الاحتلال الضوء الاخضر لاستثمار بقيمة 56 مليون دولار لمشروع تلفريك يربط القدس الغربية بالبلدة القديمة في القدس الشرقية التي احتلتها اسرائيل وضمتها.ويأتي اعلان وزير السياحة الإسرائيلي ياريف ليفين عشية النقل الرسمي للسفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس ،. وقال ليفين "سيغير هذا المشروع وجه القدس لان من شأنه تسهيل وصول السياح والزوار إلى حائط المبكى". ويمكن للتلفريك البالغ طول كابلاته 1,4 كلم نقل 3000 شخص في الساعة في الاتجاهين بسرعة 21 كلم في الساعة، بحسب تقديرات وزارة السياحة الاسرائيلية. وسيصبح المشروع جاهزا وحيز التنفيذ اعتبارا من العام 2021
فضلا عن ذلك تعمل بلدية نير بركات بدعم وتشجيع من الحكومة على اقامة اربعة مبان في مشروع سفوح مستوطنة "غيلو " جنوب القدس يتضمن كل مبنى منها 22 وحدة سكنية وبهذا يصبح عدد الوحدات السكنية في المشروع 88 وحدة استيطانية . وستكون الوحدات السكنية متباينة المساحات وستراوح اسعارها بين مليوني شيكل و 2.7 مليون شيكل ومن المقرر بدء اسكانها في العام 2019 وتم حتى الآن بيع 12 وحدة منها . ويشار الى ان ارتفاعا طرأ على بدايات البناء في القدس خلال عام 2017 اذ وصل عددها الى 2581 ووفقا لمعطيات اسرائيلية اقيمت منذ بداية العقد الجاري في القدس 21648 وحدة سكنية ، وحسب آفي تسرفاتي نائب مدير عام شركة تسرفاتي شمعون المشرفة على اقامة مشروع "تسرفاتي بسغات زئيف" فإن تراخيص البناء التي تم اصدارها في العامين 2016و2017 تشكل العامل الاهم في ارتفاع عدد بدايات البناء التي يوجد معظمها في مستوطنة "بسغات زئيف" ويتضمن مشروع "تسرفاتي بسغات زئيف" الجديد بناء 92 وحدة سكنية جديدة في اربعة مبان اثنان منها بارتفاع 7-8 طوابق واثنان بارتفاع 6-7 طوابق ويتكون كل طابق من ثلاث وحدات سكنية فقط.
وفي تطورجديد يلقي الضوء على دور السفير الأميركي في دعم نشاط منظمات وشخصيات ارهابية يهودية تعمل في المستوطنات في الضفة الغربية ويكشف دوره الاستفزازي الهدام وغير البناء . فقد أكدت مصادر عبرية إن السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، موّل تنظيمات إرهابية يهودية وترأس جمعية قدمت مساعدات مالية لتنظيمات إرهابية يهودية، تنفذ اعتداءات ضد الفلسطينيين وقتلهم، وتصنف وزارة الخارجية الاميركية هذه الجمعية باعتبارها تشكيلاً إرهابياً ، حيث يدورالحديث هنا عن الجمعية التي يطلق عليها "أصدقاء المدرسة الدينية في بيت إيل"، والتي قدمت في العام 2013 مبلغ 12 ألف دولار لمنظمة "كوموميوت" اليهودية الإرهابية؛ وهذا ما توصلت إليه منظمات حقوقية إسرائيلية، تعنى بتتبع مصادر التمويل التي تحصل عليها حركات اليمين المتطرف داخل إسرائيل.وبينت أن قيادات من اليمين اليهودي الديني المتطرف، قد شكلت منظمة (كوموميوت) عام 2006، بهدف العمل على إحباط مخطط إخلاء أي مستوطنة يهودية في الضفة الغربية. ومعروف أن المنظمة المذكورة تعد إحدى المنظمات المتفرعة عن منظمة (كاخ) الإرهابية اليهودية التي شكلها الحاخام مئير كهانا، والتي تدعو إلى طرد الفلسطينيين . فيما تبرأت وزارة الخارجية الأمريكية من دعوة حاخام يهودي امريكي متطرف، للمشاركة في حفل افتتاح السفارة في القدس المحتلة، وقالت الناطقة باسم الوزارة ان سفير الولايات المتحدة ديفيد فريدمان هو الذي وجه له هذه الدعوة دون علم الوزارة، وان اقوال الحاخام روبرت جيفريس ضد المسلمين والمرمون والمثليين ، لا تعبر عن موقف الخارجية.