قالت صحيفة هارتس العبرية " أنه في الأوقات العادية، لم يكن أحد سيفكر في تسريح العدد الكبير من الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفيات في قطاع غزة، خلال ألـ 24 ساعة الماضية واجبارهم على مغادرة الاسرة ، فقد احتاج هؤلاء إلى العلاج المكثف لفترة من الوقت موضحة ان النظام الصحي المنهار لم يتحمل العبء وهكذا، تم يوم أمس، تسريح الجرحى الذين يحتاجون للإشراف والعلاج المستمر، واحدا تلو الآخر فوسائل العناية غير متوفرة، والمشافي تحتاج الأسّرة للآخرين، أولئك الذين تعتبر حالتهم أشد حرجا.
وتابعت الصحيفة "في غرف العمليات بغزة يضطر الاطباء الى القيام باشياء لم يتوقعوا أنهم سيضطرون إليها. فهناك، كما شهد الأطباء، أجبروا على استخدام التخدير الجزئي فقط حتى لدى علاج الإصابات المعقدة، مثل الكسور المفتوحة أو الأضرار الخطيرة في الأوعية الدموية والسبب هو أنه لا توجد طريقة أخرى ولا توجد أدوية كافية للعلاج، لا توجد أدوية كافية للتخدير الكامل، حتى عندما تكون هناك حاجة ماسة لذلك".
وقال الدكتور محمود مطر، أخصائي العظام في مستشفى الشفاء في غزة: "نعمل تحت ظروف لا إنسانية من حيث عدد الإصابات وعدد الجرحى الذين يتم إجلاؤهم في نفس الوقت إلى قسم الطوارئ وغرف العمليات". وأضاف: "مهما كان أفراد الطاقم الطبي مهرة ويريدون المساعدة ومعالجة المصابين، فإنهم سينهارون في النهاية بسبب العبء".
وهذا الانهيار هو مسألة فترة قصيرة من الزمن، كما حذر المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور يوسف أبو الريش. وفي مؤتمر صحفي عقده، قال إن الأزمة في الجهاز الصحي في غزة هي أسوأ ما عرفه الجهاز منذ سنوات وهناك حاجة ملحة لضخ 19.5 مليون دولار لتوفير الاحتياجات الفورية - منها 7.2 مليون دولار للعقاقير وأكثر من 2 مليون دولار للمعدات الطبية.
وعلى الرغم من إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة أمس، أنها ستتبرع بمبلغ 3 ملايين دولار لشراء الأدوية والمعدات الطبية، فإن هذا لا يكفي - خاصة عندما يرتفع عدد الأشخاص المحتاجين للعلاج فمنذ بداية أحداث أمس الأول، تم علاج أكثر من 1500 شخص في مستشفيات غزة، علما أن 1،359 منهم أصيبوا بالرصاص الحي وهناك 54 حالة حرجة، و76 حالة صعبة.
وعلى الرغم من الاستعدادات المبكرة لهذه الأحداث، شدد أبو الريش على أن النظام الصحي في قطاع غزة غير قادر على التعامل مع مثل هذا العدد الكبير من الإصابات وسيجد صعوبة في التعامل معها خلال الفترة المقبلة، حتى لو توقفت المواجهات وإطلاق النيران.
وأضاف: "هناك المئات من الجرحى، بعضهم في حالة حرجة وبعضهم في حالة صعبة، الذين يحتاجون إلى العمليات الجراحية وكل هذا يتطلب الاستعداد على المدى الطويل وتلقي إمدادات مستمرة من الأدوية والمواد الطبية".
وفي ضوء العدد الكبير من الجرحى، أجرت وزارة الصحة في غزة أمس الأول، اتصالا مع نظيرتها في مصر وتم الاتفاق على نقل العديد من الجرحى عبر معبر رفح إلى مستشفيات شمال سيناء أو القاهرة، حسب شدة الإصابة. لوتقول هارتس ان "هذا أبعد ما يوفر استجابة ملائمة للمشكلة، وفي غزة طالبوا مصر والدول الأخرى بإرسال وفود طبية، وخاصة الجراحين وجراحي العظام، لمساعدة الطواقم التي تنهار تحت العبء".
وقال الدكتور عدنان البرش إن هذه الطواقم تتعامل مع مجموعة واسعة من الإصابات، بما في ذلك تحطم العظام وتمزق في الأوعية الدموية والجروح المتغلغلة، حيث يمكن أن يصل مخرج العيار الناري إلى 15 سم.
وقال البرش وهو خبير في طب العظام: "ليس هناك شك في أن الجيش الإسرائيلي يستخدم عيارات وأسلحة خطيرة للغاية مما يترك إصابات بالغة التعقيد وهذه تتطلب أيضًا علاجًا مستمرًا لا يستطيع النظام الصحي في غزة توفيره".
وتوضح الصحيفة "عندما لا تتوفر الاستجابة الطبية المثالية، لا مفر من الخيار الأخير في بعض الأحيان: نتيجة للإصابات الصعبة والالتهابات الخطيرة، وعدم وجود علاج محدد، يضطرون في القطاع إلى بتر المزيد والمزيد من أطراف الجرحى"
. منذ بداية المسيرة في آذار وحتى نهاية الأسبوع الماضي، أبلغت وزارة الصحة في غزة عن 19 حالة بتر للسيقان وخمس حالات بتر لأطراف الأخرى وبعد أحداث الأيام القليلة الماضية، من المتوقع أن ينمو هذا الرقم بشكل ملحوظ.