ما تزال الثلاجة رقم (15) بمستشفى سيلايانج، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، تحفظ جثمان الشهيد الفلسطيني العالم فادي البطش، بانتظار الموافقة المصرية لنقله إلى مسقط رأسه في غزة.
في ممرات المستشفى، ولليوم الثلث على التوالي، يحتشد المئات من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية وبعض النشطاء الماليزيين، والصدمة ما تزال تسيطر عليهم، يتذكرون بينهم ذاك الصوت الشديّ بالقرآن، فيما آخرون يسردون مواقفه وأخلاقه وما توصلت إليه آخر أبحاثه.
أحدهم علق قائلا بعد أن ألقى نظرة الوداع على الشهيد البطش، إذ سمحت الشرطة الماليزية امس الاثنين، بفتح الثلاجة رقم (15) لمدة أربع ساعات: "ماذا بينك وبين الله حتى يشع النور من وجهك بهذه الطريقة؟"، قبل أن يرد عليه آخر: "ذاك أمر لا يعلمه إلا الله".
كان ذاك التعليق الوحيد، في حضرة نحيب وبكاء الرجال، "فلله درك يا فادي كم ذرفت عليك الدموع"، لم يطلب أحباؤه إلا أمرين؛ أن يتم الكشف عن قاتليه، وأن يكرم جثمانه بالدفن في غزة.
وبعد مضي ثلاث ايام على استشهاده، فجر السبت، ما تزال الاتصالات تتواصل مع الجهات المصرية المختصة، للسماح بنقل جثمان الشهيد إلى غزة، لكنها اصطدمت بمطالبة وزير حرب الاحتلال أفيغدور ليبرمان، من القاهرة بعدم السماح بنقله إلى القطاع.
وما بين المفاوضات التي لا تزال جارية حتى اللحظة مع مصر، دون أي اختراق، وبين التحقيقات الماليزية، التي كشفت اليوم الاثنين، عن رسومات تقريبية للمجرمين اللذين نفذا عملية الاغتيال، تبقى الثلاجة رقم (15) الأرحم بين جميع الأطراف.
وكان مسلحان مجهولان أقدما فجر السبت، على اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش، أثناء توجهه لصلاة الفجر في منطقة سكنه بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، فيما اتهمت عائله الموساد الصهيوني باغتياله.
ويعمل الدكتور فادي البطش (35 عاما) -وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية- محاضرا في جامعة ماليزية خاصة، وهو في الأصل من سكان مدينة جباليا بقطاع غزة، ومتزوج وله ثلاثة أطفال.
وحصل البطش على عدد من الجوائز العلمية، أبرزها جائزة منحة "خزانة" الماليزية عام 2016 أولَ عربيّ يتوج بها، كما حصل على براءات اختراع عدة لتطويره أجهزة إلكترونية ومعادن لتوليد الكهرباء.
وأثناء رحلته الدراسية، نشر "البطش" عددا من الأبحاث العلمية المحكمة، وشارك في مؤتمرات دولية باليابان وبريطانيا وفنلندا وغيرها.