يبدو واضحا من مجموعة من الشواهد والوقائع ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي تفضل الاستثمار في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة بشكل يفوق الاستثمار في الداخل المحتل ، وفي هذا السياق قامت حكومة الاحتلال بتخصيص 417 مليون شيقل لصالح تطوير الاستيطان في منطقة البحر الميت ، بهدف جذب المزيد من المستوطنين وتهويد مناطق الاغوار المحتلة.
فقد قررت حكومة اسرائيل تحويل موازنة بقيمة 417 مليون شيقل كانت مخصصة للبحر الميت الذي يتراجع مستوى المياه فيه بمعدل متر سنويا،بسبب ظاهرة "الخسفة" حول منطقة البحر بفعل نسبة الجفاف العالية، لصالح التوسع الاستيطاني في المستوطنات المقامة حوله خارج الخط الأخضر بزعم "التطوير السياحي"، وبررت حكومة الاحتلال البناء الاستيطاني وتعزيزه انه لمواجهة ظاهرة الجفاف والتي تؤثر على حياة المستوطنين في المنطقة وعلى تراجع دور السياحة،
وتفيد المعلومات ان الموازنة المذكورة ليست مخصصة لإنقاذ البحر الميت ، انما لتعزيز ودعم الاستيطان بزعم منع جفاف البحر، علما ان المشاريع التي ستصرف عليها الميزانية تقع خارج الخط الأخضر، ضمن ما يسمى "المجلس الإقليمي مجيلوت"، شمالي البحر الميت، ما يعني أن الحديث عن توسع استيطاني تحت شعار "تطوير السياحة"، الى جانب مشروع تطوير سياحي تابع لعين جدي في المنطقة الجنوبية للبحر الميت، وصيانة شارع رقم 90.
وبدوره قال رئيس "المجلس الإقليمي تمار"، وعضو "كيبوتس عين جدي"، دوف لاتينوف، بعد صدور قرار الحكومة، أن "القرار سيكون بمثابة حبل النجاة لإنقاذ البحر الميت، ولمواصلة تطوير مستوطنات البحر الميت، باعتبار أن البحر هو ثروة قومية لا بديل لها"، على حد قوله.
وتعتبر منطقة الأغوار جزءا من حفرة الانهدام الأفرو آسيوية وهي من أكثر بقاع الأرض انخفاضا. وتقع على أنخفاض حوالي 380 م تحت سطح البحر . وتمتد الأغوار الفلسطينية على الجهة الشرقية للضفة الغربية من عين جدي (البحر الميت) جنوبا إلى ما يعرف ب ” تل مقحوز”على حدود بيسان شمالا داخل الخط الأخضر . ومن نهر الأردن شرقا حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية للأغوار غربا . وهذه المنطقة تشكل حوالي 28.5% من مساحة الضفة الغربية (2400 كم مربع ) وتعتبر منطقة الأغوار سلة الغذاء للدولة الفلسطينية المستقبلية فمساحاتها الشاسعة ، وتربتها الخصبة ،ومصادر مياهها الوفيرة تجعل بالامكان الاعتماد على الزراعة معظم أشهر السنة .كما تعتبر الأغوار مصدر دخل سياحي رئيسي بعد القدس المباشرة نظرا لوجود العديد من المعالم التاريخية والحضارية فيها . ويتكبد الفلسطينيون بفعل سياسة التضييق التي تمارسها اسرائيل ضد الفلسطينيين خسائر تفوق 800 مليون دولار سنوياً، بسبب سيطرة إسرائيل على مناطق الأغوار الشمالية، سلة الخضر والفاكهة للفلسطينيين. فيما يصل حجم أرباح المستوطنين من خلال الاستثمار في الأغوار الشمالية 650 مليون دولار سنوياً بسبب سيطرة الاحتلال على هذه المناطق
في ذات الوقت تصاعدت اعتداءات وانتهاكات عصابات ” تدفيع الثمن ” الارهابية ضد الفلسطينين وممتلكاتهم بدعم من حكومة الاحتلال وتشجيع صامت من الادارة الامريكية خلال الاسبوع الفائت , حيث نفذت هذه الجماعات الارهابية عدة هجمات منها مهاجمة قرية اللبن الشرقية والاعتداء على ممتلكات المواطنين وإلحاق أضرار كبيرة بأكثر من 30 مركبة، بالإضافة الى إقدامهم على خط شعارات عنصرية ولا سامية معادية على جدران منازلهم، ومهاجمة المزارعين من قرية مادما خلال حراثتهم أراضيهم، وإجبارهم على مغادرتها بعد الاعتداء عليهم من قبل قوات الاحتلال بوابل من قنابل الغاز السامة. ومهاجمة قرية التوانه في مسافر يطا ورشق المواطنين العزل بالحجارةـ واعتداءهم على حافلة لإحدى مدارس بلدة يطا كانت في رحلة مدرسية، وأصابة الفتى أحمد محمد أبو عرام (13 عاما)، بكسور واعتدائهم ايضا على على طلبة مدارس في حارة السلايمة بالبلدة القديمة من الخليل، وأعطاب إطارات 45 مركبة في قرية برقة شرق رام الله،وقطع نحو 100 شجرة زيتون مثمرة في أراضي قرية بورين جنوب نابلس وقطع 15 شجرة ايضا في قرية عوريف..
فيما أطلق مستوطنون حملة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تدعو إلى قتل الفلسطينيين وذبحهم وحرقهم، والتوجه لأقسام الولادة في المستشفيات وقطع رأس كل طفل فلسطيني ولد حديثا، وفي دعوة أخرى كتب “علينا أن ننتقم لكل يهودي أصيب أو قتل، علينا أن ننتقم من كل الفلسطينيين”.
وفي السياق قررت نيابة الاحتلال التخلي عن اعترافات منفذي جريمة إحراق عائلة دوابشة ، في قرية دوما ،الى الجنوب من مدينة نابلس، قبل أكثر من عامين ونصف بحجة أن الاعترافات تلك غير قانونية بسبب الحصول عليها بطرق غير عادية، كما قرر "الصندوق القومي اليهودي للأراضي" (كيرن كييمت) عدم السماح لعائلة الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير الذي قتل بعد ان احرق حيا في جريمة ارتكبها ثلاثة مستوطنين في تموز 2014، بإقامة نصب تذكاري في موقع الجريمة التي تم احراقه بها في إحدى الغابات المحيطة بمدينة القدس وقالت ان سياساتها المتبعة حيال قضية التخليد في الغابات تغيرت مؤخرا، لذلك فانه لا توجد لديها نوايا لتمكين تخليد ذكرى افراد في نصب تذكارية متفرقة.
على صعيد آخر كشف التقرير السنوي الثالث للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، حول "سجل القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان"، تصاعدا بل وتسارعا من قبل اليمين الإسرائيلي ، في سن تشريعات تهدف إلى تكريس السيطرة الإسرائيلية على أكبر قدر ممكن من أراضي الضفة، حتى بلغ عددها خلال الأعوام الثلاثة للولاية البرلمانية لـ "الكنيست"، 185 قانونا، من ضمنها 54 قانونا أقرت، أو دخلت حيز التشريع ، ما يعني بوضوح تورط الهيئة التشريعية "الكنيست" في فرض تشريعات عنصرية هدفها التضييق على المواطنين الفلسطينيين والسيطرة على اراضيهم وممتلكاتهم ، بدءًا بالتشريعات حول تهويد القدس، مرورًا بالتشريعات حول توسيع الاستيطان ، فمنذ بدء ولاية "الكنيست" الـ (20)، عالج 43 قانونا لغرض الضم المباشر وغير المباشر للضفة المحتلة كلها، أو المستوطنات. ولعل أبرز القوانين التي أقرت نهائيا: قانون سلب ونهب الأراضي بملكية خاصة في الضفة، وقانون تعزيز ضم القدس،وقانون يقضي بسريان قانون التعليم العالي الإسرائيلي على معاهد المستوطنات، بمعنى "الجامعة" في مستوطنة "أريئيل"، وكليتين أكاديميتين أخريين
وفي تصريح عنصري جديد قال مايك بنس نائب الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ان وجود اسرائيل مصدر الهام للعالم وأنه يشارك حليفه العظيمة “إسرائيل” باحتفالات الذكرى السنوية السبعين “لاستقلالها”.واكد بنس إن معجزة وجود “إسرائيل” في وطنها التاريخي هي مصدر إلهام للعالم، مشدداً على ان الشعب الأمريكي فخور بالوقوف مع “إسرائيل” في هذا اليوم التاريخي وكل يوم”؛ حسب قوله.
واعتبر المكتب الوطني للدفاع عن الارض أن هذه المواقف التي تصدر عن مسؤولين اميركيين تساعد على التطرف في سلوك الاسرائيليين بشكل عام والمستوطنين بشكل خاص وأشار الى أن التصعيد الجديد في اعتداءات وانتهاكات عصابات ” تدفيع الثمن ” الارهابية ما كانت لتتواصل على نحو خطير في الايام والأسابيع الماضية لولا تشجيع الادارة الاميركية لنشاطات اسرائيل الاستيطانية ورعاية جيش الاحتلال وأذرعه الامنية وجهاز القضاء الاسرائيلي لهذه المنظمات الارهابية وتوفير الحماية لها وتمكينها من مواصلة نشاطاتها في البؤر الاستيطانية ، التي تحولت الى ملاذ آمن لها في طول الضفة الغربية وعرضها .