وزارة الخارجية: "هيلي" تعرض على الفلسطينيين سلاما مرجعيته الإحتلال والإستيطان

الأحد 01 أبريل 2018 01:38 م / بتوقيت القدس +2GMT



رام الله / سما /

  تُصر سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة "نيكي هيلي" على إتخاذ مواقف داعمة للاحتلال ومدافعة عن جرائمه وانتهاكاته، ومعادية بشكل سافر لشعبنا وقضيته وحقوقه، كان آخرها في جلسة مجلس الأمن التي عقدت في أعقاب المجزرة البشعة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا الصامد في قطاع غزة، حيث أفشلت سفيرة الحقد والكراهية والايديولوجية الظلامية اصدار بيان متواضع عن مجلس الأمن، في وقت تواصل فيه قطع الطريق على تبني اية صيغة قرار مهما كانت متواضعة بهذا الشأن. وفي ذات الوقت تحرص على تسويق إنحيازها الأعمى لإسرائيل وجرائمها، عبر جملة من المواقف الكاذبة والتضليلية في مقدمتها، محاولاتها تحميل الطرف الفلسطيني (المسؤولية عن عدم استئناف المفاوضات)، عبر لجوئها الى كيل الاتهامات للرئيس محمود عباس والتحريض عليه. وهنا تؤكد الوزارة مجدداً أن الجانب الفلسطيني ممثلا بالسيد الرئيس قدم وما زال يقدم كل ما هو مطلوب لإعادة قطار السلام الى مساره ولإنجاح الجهود المبذولة لإستئناف المفاوضات، غير أن الإدارة الأمريكية وحتى هذه اللحظة لم تُقدم أية فرصة لإستئناف المفاوضات ولم تطرح على الجانب الفلسطيني ما يمكن أن يفتح الباب أمام استئناف عملية سلام حقيقية وذات جدوى. إن محاولات "هيلي" إختزال خلاف الادارة الامريكية مع الجانب الفلسطيني في شخص السيد الرئيس محمود عباس لمواقفه التي تمثل الإجماع الوطني والشعبي الفلسطيني وتعكسه، وتُعبر عن مصالح شعبنا العليا بفئاته وقواه السياسية كافة، هذه المحاولات تندرج في سياق العدوان والتحريض الذي تشنه الإدارة الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه، بهدف تركيعه وفرض الاستسلام عليه.

     إن محاولات "هيلي" التستر وراء عبارة (ما يتفق عليه الطرفان نوافق عليه)، تأتي لتبرير المواقف الأمريكية المنحازة للإحتلال، وهي عبارة باتت بلا معنى وأصبحت فارغة من أي مضمون، في ظل محاولات الإدارة الأمريكية المستمرة لشطب قضايا المفاوضات النهائية والقفز عنها وحسمها بشكل مُسبق لصالح الإحتلال، وهو ما ظهر جلياً في الإعلان الأمريكي الخاص بالقدس والمحاولات المتكررة للمساس بقضية اللاجئين، حيث لم تبقِ إدارة الرئيس ترامب أي قضية ليتفاوض بشأنها الجانب الفلسطيني ويتفق عليها الطرفان. والأنكى من ذلك، أن سفيرة واشنطن في المنظمة الأممية تعتبر إعلان ترامب بشأن القدس قضية أمريكية (داخلية) تارةً، في حين أنها تؤكد مراراً وتكراراً أن قضية القدس (خارج النقاش وتم ازاحتها عن طاولة المفاوضات) تارةً أخرى. هنا تُعبر الوزارة عن شديد إستغرابها وعميق تعجبها من هذا التناقض الصارخ في مواقف "هيلي" التي تعتبر أن القضية الفلسطينية شأناً داخلياً أمريكياً، وتُعطي نفسها الحق في إستغلال الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتصرف بها كشأن أمريكي داخلي، وتتساوق في الوقت ذاته مع أحزاب اليمين الإسرائيلي الحاكم ، التي تعمل من أجل سيطرة اليمين وأيديولوجيته على مفاصل الحكم في اسرائيل، وتكريس الإحتلال وتعميق الاستيطان في على حساب حقوق شعبنا. 

     تستخف "هيلي" أيضاً بوعي المسؤولين الدوليين بإدعاءها أنه: (لا توجد أية معارضة من جانبنا لحل الدولتين، طالما اتفق الفلسطينيون والاسرائيليون على ذلك)، مع علمها المسبق بأن مواقف الإدارة التي تمثلها تُقوض بشكل تام أية فرصة لتحقيق حل الدولتين، وتغلق الباب أمام قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، بل أكثر من ذلك، فهي تدرك بأن مواقف الادارة الامريكية تُشجع سلطات الإحتلال على التمادي في تعميق إستيطانها ومصادرتها للأرض الفلسطينية المحتلة، وتُشكل سياستها المتواطئة غطاءً لمحاولات اليمين الحاكم في إسرائيل لضم المناطق المصنفة (ج) وفرض القانون الإسرائيلي عليها. لذلك، إن ما تدعيه "هيلي" بخصوص حل الدولتين يبقى بمثابة ذر للرماد في العيون ويفتقر لأي رصيد وفاقد لأي مصداقية. ومن جهة أخرى، تحاول "هيلي" إختراع توازناً كاذباً في مواقفها لعلها تصبح مقبولة وقريبة شيء ما من المعقولية والمنطق عندما تقول: (على الطرفين تقديم تنازلات). والحقيقة هنا أننا لم نسمع حتى هذه اللحظة أن الادارة الامريكية مارست أي شكل من أشكال الضغوط على حكومة نتنياهو لتقديم أي تنازل من أجل استئناف المفاوضات، أو للقيام بأي خطوة من شأنها توفير المناخات المطلوبة لإطلاق عملية السلام، بل على العكس تماما، تواصل ادارة ترامب محاولاتها المنحازة لفرض رزمة من "التنازلات" ــ إن جاز التعبير ــ كشروط مسبقة وبشكل اجباري على الجانب الفلسطيني حتى قبل إنطلاق المفاوضات.

     إن الوزارة إذ تدين مجدداً وبأشد العبارات الانحياز الأمريكي الأعمى للإحتلال وجرائمه وانتهاكاته، فإنها تؤكد أن المقاربة الأمريكية لعملية السلام وإستئناف المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد للقانون الدولي وللشرعية الدولية وقرارتها، بل تُشكل خروجاً فاضحاً على الإجماع الدولي وإنتهاكا صارخاً للقوانين الدولية الناظمة، وتمثل محاولة أمريكية مفضوحة للإنقلاب على أسس ومرتكزات ومرجعيات النظام الدولي، وتعكس في ذات الوقت، دعوة أمريكية صريحة لإعادة بناء العلاقات الدولية على ركائز العنف وثقافة التطرف والإرهاب وأيديولوجيتهما الظلامية وشريعة الغاب. إن "هيلي" تعرض على الفلسطينيين "عملية سلام ومفاوضات" تتجاهل مرجعيات السلام الدولية ولا تأخذ بمبادرة السلام العربية، بل تعتمد الإحتلال وسياساته والتغييرات التي فرضها على الارض بالقوة كمرجعية لسلام "هيلي" المزعوم. إن ما تدعيه "هيلي" من مواقف وشعارات يندرج في إطار محاولاتها المستميتة لتبييض صفحة الاحتلال، وتضليل الرأي العام العالمي بجملة من الأكاذيب، بما يعكس إما جهلا مطبقا بحقائق الصراع أو إنحيازا ايديولوجيا أعمى للاحتلال وهو الأقرب الى الحقيقة.