أدت العمليات التي تنفذها الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة إلى كشف تفاصيل حول علاقة مزعومة بين أوساط «الدواعش»، وبين المشتبه بهم بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ومدير جهاز المخابرات ماجد فرج لدى زيارتهما القطاع، في الثالث عشر من الشهر الحالي.
وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» اللندنية، أن أجهزة «حماس» اعتقلت مزيداً من الأشخاص المشتبه في تورطهم في محاولة الاغتيال، وبين من شارك في تصنيع العبوة الناسفة مع أنس أبو خوصة المشتبه به الرئيسي والذي قتل صباح الخميس في عملية أمنية كانت تهدف إلى اعتقاله في منطقة النصيرات وسط قطاع غزة.
وقالت المصادر، إن أنس أبو خوصة عمل مع مجموعة من الأشخاص لدى بعضهم «ملفات أمنية» سابقة، لكنها ليست خطيرة، كما أن بعضهم اعتقل سابقاً على خلفية حمل فكر تنظيم داعش الإرهابي. لكنها أضافت أن بينهم من يظهر للمرة الأولى على الساحة، ولم يعرف عنه سابقاً أي معلومات أمنية أو أي انتماء سياسي، ولا يوجد لدى أجهزة الأمن أي ملاحظات أمنية أو جنائية بحقه.
وتابعت المصادر، إن أنس أبو خوصة لا ينتمي إلى أي تنظيم سياسي، لكنه قتل مع عبد الهادي الأشهب الذي كان سابقاً يعمل في أحد التنظيمات «السلفية الجهادية» الناشطة في غزة، مشيرة إلى أنه يجري ملاحقة سبعة آخرين على الأقل في عملية واسعة تنفذها الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حماس» في مناطق متفرقة من القطاع.
وأشارت المصادر إلى أن هناك أشخاصاً اعتقلوا فجر الجمعة في منطقة دير البلح والبريج وسط القطاع، متحدثة عن دهم منازل في مناطق أخرى من وسط وشمال القطاع بحثاً عن مطلوبين.
وقالت المصادر، إن إبراهيم القريناوي، وهو أحد الأشخاص الذين اعتقلوا فجر الجمعة، يُعتبر أحد المشتبه بتورطهم في عملية التفجير، وقد يكون ساهم في تصنيع العبوة، لافتة إلى أنه معتقل سابق لدى جهاز الأمن الداخلي التابع لـ«حماس» على خلفية حمله فكر «داعش».
وأشارت المصادر، إلى أن أجهزة الأمن بغزة عممت صوراً وأسماء لأشخاص مطلوبين على خلفية القضية ذاتها، أحدهم عبد الرحمن الأشهب شقيق عبد الهادي الذي قتل مع أبو خوصة في اشتباكات صباح الخميس، إلى جانب آخرين بينهم أحد أقرباء أبو خوصة، إضافة إلى شابين من عائلة واحدة تقطن في مخيم النصيرات وسط القطاع.
وعن المشتبه الرئيسي بالعملية أنس أبو خوصة، تقول المصادر، إنه جاء إلى قطاع غزة عام 2002 مع عائلته الآتية من سوريا، حيث عاش والده عبد المالك أبو خوصة (أحد كوادر «الجبهة الشعبية» وأسير محرر سابق) في دول عدة آخرها سوريا. وكان موظفاً بلا دوام على بند جهاز الأمن الوقائي. وأشارت إلى أن والده توفي قبل أعوام، كما توفي شقيقه الأكبر «سند» إثر إصابته بمرض السرطان قبل أعوام قليلة، مضيفة إنه الابن الوحيد لوالدته حالياً، ولم يكن يظهر عليه مسبقاً أي انتماء لأي جهة سياسية أو تنظيمية أو فكرية دينية.
وقالت مصادر من عائلته لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ ما يزيد على عام أصبح متشدداً في فكره، وأجبر والدته وشقيقاته على ارتداء «النقاب»، لكنها أكدت أنه لم يظهر في الوقت ذاته انتماءه لأي جهة فكرية متشددة مثل «داعش» أو «القاعدة»، وأنه «التزم دينياً» منذ عامين فقط.
وتقول مصادر فلسطينية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، إن المجموعة المشتبه بها بتنفيذ الهجوم لديها خليط من الأفكار المتشددة التي تحملها جهات مثل «داعش» و«القاعدة»، مشيرة إلى أن عدم وجود معلومات سابقة عن بعض الشبان صعّبت من مهمة الوصول إليهم بسرعة وبقيت المعلومات شحيحة إلى أن تم التوصل لخيط طرف بسيط.
وأوضحت المصادر، أن استخدام العبوات الناسفة بمواد مبيدات زراعية واستخدام «غالون زراعي» في عملية التفجير أوصل إلى أحد الأشخاص من أفراد تنظيم «جيش الإسلام» في قطاع غزة يدعى «ج.أ»، الذي اعترف بأنه اشترى مواد متفجرة مماثلة لها عبر شخص آخر قال: إنه يشتري تلك المواد من أنس أبو خوصة الذي لم يعرف عنه أنه يعمل في هذا المجال، لكنها أشارت إلى أنه يعمل في قطاع الزراعة رغم أنه تعلم «ملتيميديا» في إحدى جامعات غزة.
وقتل أنس أبو خوصة والأشهب صباح الخميس في عملية لقوات أمن «حماس» التي فقدت أيضاً اثنين من أفرادها، إلى جانب إصابة 7 آخرين.
وتتابع قيادة «حماس» على أعلى مستوى مجريات التحقيقات مع المعتقلين الجدد وعملية ملاحقة المطاردين، فيما توصل الأجهزة الأمنية بغزة نصب الحواجز وإغلاق الحدود منعاً لهروب المطاردين من قطاع غزة.
وبحسب مصادر مقربة من «حماس»، فإن الحركة تطلع الفصائل الفلسطينية والمسؤولين عن ملف المصالحة في المخابرات المصرية على تطورات التحقيقات، وتسعى وزارة الداخلية بغزة إلى نقل معلومات كاملة عن التحقيقات لرئيس وزراء حكومة التوافق ووزير الداخلية رامي الحمدالله حول التطورات.
وتشكك حركة «فتح» وقيادة السلطة الفلسطينية في التحقيقات التي تجريها «حماس»، وتخشى أن يكون القتلى في العمليات التي جرت الخميس أبرياء.
وقال محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، خلال خطبة صلاة الجمعة في مقر الرئاسة «لن نترك أمن الناس ألعوبة ونهباً في أيدي أولئك العابثين الذين يقتلون ربما أبرياء، ولا نريد أن يستمر هذا الهزل». وأكد مجدداً أن السلطة الفلسطينية تريد من حماس تسليم قطاع غزة، قائلاً: «نريد أن نستلم غزة من الباب إلى المحراب، والأمر ليس في حاجة إلى حوارات أو مباحثات، إنما المطلوب تسليم غزة للحكومة، وأن تعودوا فصيلاً كغيركم من الفصائل». وأضاف: «لن يتم القبول بتعددية السلطة والسلاح وأجهزة الأمن وتضاربها، نريد نظاماً وقانوناً وسلاحاً واحداً، ودولة واحدة لشعب واحد».
من جانبه، قال إسماعيل رضوان، القيادي في «حماس»، إن الأجهزة الأمنية في غزة تملك الأدلة الدامغة حول عملية التفجير، مشيراً إلى أنها تمتلك أدلة دقيقة بالصوت والصورة، والتي معها «لن يبقى شك» في هوية من يقف وراء الجريمة، بحسب ما قال خلال مسيرة لـ«حماس» بغزة.