لم يستطع المواطن ماهر مسلم ٥٠ عاما والمتعود على زيارة قبري والديه ان يرى منظر الأغنام والحيوانات وهي تنتهك حرمة القبور في مقبرة مخيم المغازي القديمة والمغلقة بقرار من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ عدة سنوات بسبب امتلائها وعدم وجود متسع لدفن المزيد من الموتى
المواطن مسلم والذي يعمل مكانيكي سيارات حزن كثيرا على هذا المنظر المؤلم الذي تنتهك فيه حرمة القبور من قبل هذه الحيوانات دون رقيب وما زاد حزنه مشاهدته منظر الصبار الضخم والأشواك المتناثرة في المقبرة بشكل عام والذي يعتقد الزائر لها أنها غابة وليست مقبرة
وما اوجع المواطن مسلم والذي استشهد والده في عدوان ٦٧ عندما كان يقاوم الاحتلال شرق المخيم وكان وقتها جنينا في بطن أمه و التي رفضت الزواج وأصرت على تربيته تقاعس المسؤولين عن تنظيف هذه المقبرة التي تحتوي على رفات ناس عظماء ضحوا من أجل قضيتهم
المواطن مسلم قرر أن يتخد قرارا دون الرجوع لاحد لأنه يفهم ان أحدا لن يساعده وهو القيام بتنظيف المقبرة بنفسه مهما كلف الثمن بمساعدة أولاده
لم يكن قرار المواطن مسلم بالأمر السهل في تنظيف المقبرة لانها تحتاج إلى وقت وجهد وامكانيات خاصة وان المقبرة مترامية الأطراف والصبار العملاق يحفها من كل جانب لكن الحصول على الأجر والثواب لديه كان فوق كل اعتبار
يقول ماهر مسلم "انه بدلا من ان يجلس على القهاوي او على الطرقات للاستماع النميمة والنفاق والأحاديث التي لا فائدة منها اذهب الى المقبرة لكي انظفها ابتغاء مرضات الله وترحما على روح والدي الشهيد ووالدتي التي افنت حياتها في تربيتي "
بدأ المواطن ماهر في تنظيف المقبرة منذ من شهرين بمساعدة أولاده وبعض المتطوعين من أهالي المخيم وتمكن بواسطة أدوات بسيطة من إزالة عدد كبير من نباتات الصبار العملاقة والتي لا يخلوا قبر من وجودها بالرغم من الصعوبات في قلعها وتعرضه للافاعي والعقارب ووخز اشواك الصبار المؤلمة
يوضح مسلم الأسباب التي دفعته القيام بهذا العمل الجبار قائلا: "عدم اهتمام المسؤولين بتنظيفها بالرغم ان المقبرة مغلقة بقرار من الاوقاف منذ أكثر من ١٠ سنوات والاهم من ذلك انتهاك الأغنام لحرمتها باستمرار وكذلك حجم الأشواك ونبات الصبار الضخم فيها"
وقال مسلم " انه عندما ينهي عمله في الكراج ياخد أولاده إلى المقبرة يوميا بعد العصر لكي يزيل الاشواك والصبار مشيرا إلى أنه مضى أكثر من شهرين وهو ينظفها معللا ذلك بكثرة الأشواك فيها والذي يحتاج إلى جهد كبير
وبستخدم مسلم كما يضيف الأدوات البسيطة من فأس وساطور وحبل قوي مشيرا إلى قبر قديم يخبأ به الأدوات عندما ينهي عمله والذي يستمر اذا كانت الكهرباء تضيء المكان إلى بعد الثامنة مساء
وتنتشر نباتات الصبار التي قلعت من على القبور في كل مكان في المقبرة لدرجة انك تشعر عند زيارتها أنها غابة مما حدا ببلدية المصدر باتخاد القرار من رئيسها بإزالة جزأ منها وتنظيف الشارع الموازي لها وفي هذا المجال تقدم مسلم بالشكر لرئيس البلدية ونائبه وكل العاملين على دورهم في المساعدة في نقل المخلفات داعيا إياهم إلى المزيد من العمل حتى الانتهاء من التنظيف
ودعا مسلم الأهالي أن يأتوا بشكل دائم الى المقبرة والعمل على تنظيفها وإزالة الأوساخ والأشواك بين الفنية والأخرىوأن يهتموا بالمحافظة على حرمتها ، لأن للميت حرمة في قبره فيجب علينا مراعاة والحفاظ على هذه القدسية والحرمة.وأكد مسلم ان هذه المقبرة تاريخية و تحتفظ في ثراها أبطالا صنعوا لهذه البلد تاريخا مشرفا وناصعا،
تشجع عدد من الأهالي المتطوعين في المساعدة في التنظيف كما يوضح مسلم قائلا : ان بعض من الأصدقاء والمواطنين أعجبهم فكرتي وإصراري على هذا العمل الذي لا ابتغي من ورائه غير الأجر والثواب فيقوموا بين الفينة والأخرى لمساعدته
المواطن ماهر لم يكتفي فقط بتنظيفها بل لديه خطة من أجل دهان اسوارها وكذلك وضع عدد من المقاعد المصنوعة من الباطون داخلها وعلى نفقته الخاصة . وخلص إلى القول أطلب من المسئولين والقائمين على المقبرة خاصة وزارة الأوقاف وبلديتي المصدر والمغازي الاهتمام والعناية بها قدر الإمكان وحث المواطنين على التطوع للحفاظ على نظافتها وذلك على مدار العام .وما زال لدى المواطن مسلم أسابيع لكي ينتهي من إتمام هذه المهمة