أكد مجلس الوزراء دعمه الكامل لخطاب الرئيس محمود عباس الذي سيلقيه مساء اليوم الثلاثاء أمام مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة، والذي سيؤكد فيه مسؤولية الأمم المتحدة القانونية والسياسية والأخلاقية والإنسانية تجاه قضيتنا الوطنية.
وشدد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها، في مدينة رام الله، برئاسة رامي الحمد الله، على أهمية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وبما يضمن توفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا، أمام الخطر الداهم الذي يستهدف وجودنا الوطني والسياسي والمادي على أرضنا، ويتهدد السلام والأمن في منطقتنا والعالم، وضرورة إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة، بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا، وتمكين شعبنا من العيش بحرية ورخاء في دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وواصل مناقشة الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2018، بعد اطلاع رؤساء الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وممثلي القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وممثلين عن الجهات والدول المانحة عليها.
وأكد ضرورة تبني إجراءات ضرورية وتكثيف الجهود للارتقاء بالأداء المالي بإجراءات تتعلق بسياسات الإيرادات، وذلك من خلال الارتقاء بكفاءة وفاعلية الأداء الضريبي، وتطوير منظومة الضرائب من خلال الالتزام الضريبي بتوسيع قاعدة المكلفين، واستقطاب مكلفين جدد، والحد من التهرب والتجنب الضريبي، وزيادة المطابقة والربط بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
وبهذا الصدد، أشار إلى أن كل ذلك يهدف تعزيز الدخل، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية في تطبيق السياسات الضريبية، مع الأخذ بعين الاعتبار التباين في الدخل الفردي والوضع الاقتصادي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وتعديل السياسة الضريبية الخاصة بالأفراد بهدف تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتخفيف العبء الضريبي على ذوي الدخل المحدود والمتدني وزيادته على المكلفين الأكثر دخلا، والاستمرار في البسط الأفقي للأفراد والشركات التي تعمل بشكل فردي أو عائلي، في ظل تدني الدعم الخارجي والتوقعات بتراجع هذا الدعم نتيجة الأوضاع السياسية الراهنة، الأمر الذي يحتم تبني سياسات مالية قابلة للديمومة، وتجنب اللجوء إلى الزيادة في المديونية والاقتراض إلّا في الحالات القصوى.
وأشاد بالجهود التي بذلت لإعداد الموازنة رغم المعيقات والتحديات والمتغيرات، مشيرا إلى أن إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية يظل الأولوية والشرط الذي لا يسبقه شرط آخر الذي سيمكننا من مواجهة الصعوبات والتحديات المالية التي تواجهنا، وإفشال المخططات التي تهدد مشروعنا الوطني، بارتقائنا إلى أعلى درجة من التلاحم والتكاتف، وتضافر الجهود وحشد الطاقات للعمل المشترك، ومواصلة بناء الوطن ومؤسساته، ورعاية مصالح شعبنا وضمان الحياة الكريمة للجميع.
وأطلع رئيس الوزراء المجلس على نتائج الاجتماع الذي عقده في مكتبه في رام الله يوم أمس مع وزير المالية الإسرائيلي "موشيه كحلون"، ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية "يواف موردخاي" بحضور وزير المالية والتخطيط "شكري بشارة"، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية "حسين الشيخ".
وبهذا الخصوص، أشار إلى أن الجانب الفلسطيني أكد خلال الاجتماع رفضه القاطع لقرارات الحكومة الإسرائيلية المتعلقة ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية، ومصادقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية على مشروع قانون باقتطاع مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء من المقاصة الفلسطينية، وطالب بضرورة وقفها فوراً والتراجع عن إقرارها، لما تشكله من خطر كبير على حل الدولتين، إضافة إلى وقف اعتداءات وهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، واقتحامات مجموعات المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى، والأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، مشيراً إلى أن هذه الاقتحامات تخلق أجواء من التوتر وتدفع المنطقة بأكملها لصراع ديني لا تحمد عقباه.
وقال إن الجانب الفلسطيني قد ركز على ضرورة رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وضرورة تسهيل حركة الأفراد والتجارة والبضائع بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وبين غزة والعالم الخارجي، وذلك لتخفيف وطأة الظروف الاقتصادية التي يعاني منها أهلنا في القطاع، بهدف إنعاش الحياة الاقتصادية هناك.
كما أكد الجانب الفلسطيني ضرورة منح التسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع الفلسطينية فيما يسمى المناطق "ج"، وتسريع الإجراءات والتراخيص اللازمة لإنشاء المنطقة الصناعية في "ترقوميا"، والتي تم الاتفاق عليها سابقاً بين الجانبين. وفي السياق ذاته بحث الاجتماع توسعة المخططات الهيكلية بما يلبي الحاجة الماسة للتزايد السكاني الفلسطيني، وفتح معبر الكرامة على مدار (24) ساعة، وعودة الطواقم الفلسطينية للمعبر وتخفيض الرسوم التي يدفعها المسافرون، وذلك تخفيفاً للأعباء المالية عن المواطنين الفلسطينيين، إضافةً إلى بحث قضيتي المياه والكهرباء، بما يشمل إبرام اتفاقية تجارية جديدة تنظم هذين القطاعين، من حيث زيادة القدرة والكميات والاتفاق على الأسعار الجديدة لهذه الخدمات.
كما تم خلال الاجتماع بحث الملفات المالية والاقتصادية العالقة مع الجانب الإسرائيلي والمتعلقة بالمستحقات المالية للسلطة الوطنية وبحث الآلية الإلكترونية للتحاسب بين الجانبين، بالإضافة إلى الترتيبات المالية المتعلقة بالتجارة العامة وتنظيم العلاقة المصرفية بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية، بما يضمن سلاسة وسهولة العملية خدمة للقطاع المصرفي الفلسطيني وسلامته.
وأطلع رئيس الوزراء المجلس كذلك على نتائج الاجتماع الثلاثي الذي عقده في مكتبه في رام الله يوم الأربعاء الماضي مع "نيكولاي ملادينوف" منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية "يواف موردخاي"، وذلك لتنشيط اقتصاد قطاع غزة في ظل ما يعانيه من أزمات إنسانية متفاقمة، والشروط المطلوبة لتيسير الحركة والوصول إلى التنمية الفلسطينية ودعمها، وأشار إلى أنه تم التوصل خلال الاجتماع إلى اتفاق على مراجعة الآلية المتبعة لإدخال مواد البناء إلى قطاع غزة ضمن عملية إعادة الإعمار، وضرورة الانتهاء من عملية إعادة الإعمار الناجمة عن العدوان الإسرائيلي عام 2014 على قطاع غزة، وإيجاد الحلول الحيوية المتعلقة بقطاعات الكهرباء والمياه والصحة.
كما تم في الاجتماع تناول الحاجة الملحة لرفع جميع عمليات الإغلاق والقيود الإسرائيلية وتيسير حركة السكان بين غزة والضفة الغربية، والخطوات الفورية الضرورية لمعالجة كافة الأوضاع في قطاع غزة.
وأكد المجلس أن تلبية دعوة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" لوزيرة الاقتصاد الوطني ووزير الاقتصاد الإسرائيلي قد جاءت لتوضيح الموقف الفلسطيني بأن اتفاق باريس الاقتصادي لم يعد مجدياً، وذلك نتيجة عدم التزام إسرائيل بالاتفاق من خلال استعراض الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والتي أثرت على الاقتصاد الفلسطيني.
وشدد على أن مطالبة وزارة الاقتصاد الوطني بإزالة قيود الاحتلال المفروضة على الاستثمار الفلسطيني هو المدخل الأساسي لدعم الاستقرار من خلال خلق وتوفير فرص عمل لتشغيل، والاستثمار في كافة المناطق المصنفة (ج).
وأكد المجلس أن تقرير البنك الدولي الذي نشر في عام 2017 والذي أشار بوضوح إلى المعيقات الإسرائيلية المترتبة على حركة الاستيراد والتصدير والسياحة، يعبر عن حجم الانتهاكات والخروقات التي مارستها الحكومة الإسرائيلية تجاه الاقتصاد الفلسطيني، وتدمير العديد من المصانع والمنشآت الاقتصادية والتي كان اخرها تدمير مصنع المكيفات في شمال الضفة الغربية، والذي يعد استثماراً ناجحاً كأهم المصانع في منطقة الشرق الأوسط.
ورحب بدور فرنسا من خلال تدخل مؤثر يدعم الحقوق الفلسطينية التي تم استعراضها وتوضيحها خلال اللقاء الذي تم تحت رعاية الرئيس الفرنسي كجزء أساسي من تقييم المرحلة السابقة وانسجاماً مع توجهات القيادة الفلسطينية في تعزيز الصمود الوطني من أجل تحقيق هدف الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ورحب المجلس بتدشين رئيس الوزراء خط ناقل عقابا في طوباس، لتلبية احتياجات أهالي البلدة من المياه، وتقديم دعم مالي للمركز الثقافي في المحافظة، إضافة إلى تقديم دعم مالي لصالح الملعب البلدي لبلدة عقابا، مؤكداً إصرار الحكومة على مواصلة جهودها وتنفيذ المشاريع التي تساهم في تطوير الخدمات وتحسين الخدمات لأبناء شعبنا في كافة المحافظات، وتعزيز صمودهم وبقائهم على أرض وطننا في مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى اقتلاع الوجود الفلسطيني، وتحويل أرضنا إلى معازل وكنتونات لعرقلة إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة المتواصلة جغرافياً وكاملة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي القلب منها عاصمتنا الأبدية القدس الشرقية، مشيراً إلى جهود رئيس الوزراء ومطالبته للمجتمع الدولي خلال الاجتماع الطارئ للجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة لفلسطين الذي عقد مؤخراً في العاصمة البلجيكية بروكسل، بالمساعدة في تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية في غزة، ولا سيما في قطاعات الطاقة والمياه والتعليم، ومنها إمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في غزة، بالإضافة إلى بناء 100 مدرسة جديدة في قطاع غزة. وإنشاء محطة تحلية المياه، والاتفاق على عقد مؤتمر دولي في العشرين من الشهر القادم لحشد التمويل اللازم لهذا المشروع الحيوي الذي تقدر تكاليفه بحوالي (620 مليون دولار).
وفي سياقٍ آخر، أدان المجلس مصادقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية على القانون العنصري القاضي بخصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء من أموال المقاصة الفلسطينية، مؤكدا أن إسرائيل التي قامت على سرقة أرض الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأمواله وكتبه وتراثه وآثاره تواصل ممارساتها التي بدأتها قبل سبعين عاماً وتغلفها بقوانين عنصرية في محاولة لتشريع الاعتداء على أرضنا ومصادرنا الطبيعية ومواردنا المالية.
وشدد على أن أموال المقاصة هي أموال فلسطينية بحتة، ملك للخزينة العامة وهي أموال عامة لشعبنا، ولا يجوز لحكومة الاحتلال حجزها أو الاقتطاع منها، وأن الخصم من هذه العائدات، ما هو إلّا قرصنة إسرائيلية على الأموال الفلسطينية، كما أن رفض الحكومة الإسرائيلية إطلاع الجانب الفلسطيني على تفاصيل ما يتم اقتطاعه من هذه العائدات، وإصرارها على التصرف بالأموال الفلسطينية بإرادتها المنفردة، في انتهاك فاضح للاتفاقيات والمواثيق الدولية.
وأكد أن الجانب الفلسطيني سيتوجه إلى المحاكم والمؤسسات الدولية في حال إقدام الحكومة الإسرائيلية على حجز أموال المقاصة الفلسطينية، وسيتخذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية والدبلوماسية للتصدي لهذا الاعتداء على المال العام.
وأدان بشدة التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي يأتي استمراراً لجرائم القتل والتدمير ولحصارها الخانق على قطاع غزة، ولعدوانها المتواصل على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، مؤكدا أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير، محذراً من نوايا الحكومة الإسرائيلية وسياساتها الهادفة إلى تفجير الأوضاع، ومطالباً المجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل لوقف التصعيد الإسرائيلي.
كما أدان المصادقة على مشروع استيطاني جديد في ساحة البراق في محيط المسجد الأقصى المبارك، والذي يهدف إلى طمس وتغيير معالم مدينة القدس الحقيقية وتشويهها، كما أدان الخطة الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة التي أُعلن عنها مؤخراً، وتقضي ببناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "جيلو" جنوب مدينة القدس المحتلة.
واشار إلى أن هذا المشروع الواقع غرب الشارع الاستيطاني رقم "60" يأتي ضمن مشاريع عديدة لتوسيع المستوطنات القائمة، وخاصة الكتل الضخمة وهي ضمن مخطط رقم "2000" للعام 2020 الذي يقضي بإقامة (58) ألف وحدة استيطانية.
واعتبر المجلس أن الموقف الأميركي المنحاز لإسرائيل، ومهاجمة الشعب الفلسطيني وقيادته، أعطى اليمين الحاكم في إسرائيل برئاسة "بنيامين نتنياهو"، الضوء الأخضر للذهاب بعيداً في تنفيذ سياساته القائمة على تكريس الاحتلال وتعميق الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وولدت لدى المسؤولين الإسرائيليين شعوراً بوجود غطاء أمريكي للتمادي في فرض الأمر الواقع بقوة الاحتلال.
وطالب المجلس بضرورة التحرك العربي والإسلامي والدولي بشكل فوري وعاجل، لإجبار إسرائيل على وقف تنفيذ مشاريعها الاستيطانية، وخاصة في مدينة القدس، استناداً إلى القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وإلى مواجهة هذا السلوك الإسرائيلي المتبجح، ومحاسبة ومساءلة دولة الاحتلال وإخضاعها لإجراءات عقابية جادة وملموسة قبل أن تقضي على احتمالات السلام وتنهي حل الدولتين.
كما طالب الاتحاد الأوروبي بالعمل فوراً على تنفيذ تشريعاته الخاصة التي تنص بوضوح على منع تمويل المنظمات أو المؤسسات الإسرائيلية الواقعة في مناطق الضفة الغربية المحتلة، وإظهار الإرادة السياسية اللازمة للجم إسرائيل ووقف انتهاكاتها بدلاً من معاملة دولة الاحتلال معاملة تفضيلية ومنحها المزيد من الامتيازات.
وعلى صعيدٍ آخر، قرر المجلس تشكيل فريق وطني لإعداد كود البناء الفلسطيني، وهو نظام يحدد مجموعة الاشتراطات والمتطلبات التي تحكم تصميم المباني، والمنشآت، وتنفيذها، وتشغيلها، وصيانتها، لضمان تحقيق الحدود المقبولة من مقاييس السلامة، والصحة العامة فيها، والمتمثلة بتطبيق المواصفات، والتعليمات، والأنظمة التنفيذية، والملاحق المتعلقة بالبناء، وتطبيقه على المنشآت بكافة أنواعها.
وصادق على مشروع نظام معدل لنظام الأبنية والتنظيم للأراضي خارج حدود المخططات الهيكلية رقم (1) لسنة 2016، بهدف تنظيم الأبنية والأراضي خارج حدود المخططات الهيكلية.
وقرر المجلس إحالة مشروع قرار بقانون بشأن مقاولي الإنشاءات، ومشروع النظام المالي لدعم صمود المقدسيين إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستهما، وإبداء الملاحظات بشأنهما، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب في جلسة مقبلة.