إذا كان السلوك الإنساني هو محصله تفاعل نشاط الفرد الجسماني والعقلي وانفعالاته النفسيه ودوافعه وميوله مع البيئة المحيطة به فإن السلوك المتمثل في الأقوال إلى جانب الأفعال التي تصدر منه نتيجة المواقف الحياتية التي يمر بها هي التي تحدد ملامح شخصيته وما يتسم به من صفات سواءا كانت محمودة أو مذمومة وحتي يمكن الحكم على شخصيه من نتعامل أو نتعايش معه يحدثنا الخبير الدولي للإتيكيت وآداب السلوك د.سيد حسن الذي يقدم لنا النصائح التاليه:-
1- للظاهر دور قوي وفعال في التأثير علي الآخرين للفت أنظارهم وانتزاع إعجابهم كالأقوال مثل المديح والكلام المعسول إلى جانب المظهر كارتداء أحدث موضات الملابس الأنيقه واستخدام أفخر العطور أما الباطن فهو خفي لايظهر إلا من خلال الأفعال التي تعتبر وسيلة للتقييم السليم لصفات وسمات الشخصية لذلك لايجوز الحكم على الشخصية استنادا على رؤيه المظهر وسماع الأقوال فقط دون مراقبه الأفعال ومتابعه التصرفات فكم من أشخاص استطاعوا أن يخدعوا الغير بمظهرهم وأقوالهم التي تتناقض مع أفعالهم ومن الأمثال الشعبية التي يتم ترديدها لمثل هؤلاء(أسمع كلامك اصدقك أشوف امورك استعجب - عشمتني بالحلق خرمت أنا وداني لخرم ودني انسد ولا الحلق جاني) تناقض الأقوال مع الأفعال تعني الازدواجيه في التعامل وذلك لمن الأمور التي نهي الله سبحانه وتعالي عنها حينما قال: "ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون" وإذا كان الشخص قد أعتاد متعمدا علي أن ما يقوله لايفعله وكان من صفاته المتأصلة فيه الكذب وخيانة الأمانة وعدم تنفيذ الوعود ففي هذه الحالة اطلق عليه(منافق) وقد قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم): "آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا وعد اخلف" المنافق يعتبر أسوأ الشخصيات خلقا وسلوكا لذلك جعل الله عقابه شديدا قال تعالي:" أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولم تجد لهم نصير".
3-النفاق داء خطير قد يبتلي به الرجل والمرأه دون أن يدريان المنافق يقول فلا يفعل ويظهر عكس ما يخفي فيتظاهر بالحب والاحترام وفي داخله حقد وحسد وكره ظاهره صلاح وخير وباطنه شر وفساد -يتخيل أنه يأمر بالمعروف وينطق مع الحق ولكنه يفعل المنكر وقلبه يتحرك مع الباطل لذلك فأن المنافق هو أشد خطرا علي المجتمع وعلي كل من يتعاملون معه و يثقون فيه لأن ظاهره جميل الصوره لكن باطنه يخلو من الصفات النبيلة. وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين حينما قال: "أن اخوف ما أخاف علي أمتي كل منافق عليم اللسان".
4- النفاق يعد من الأمراض الخطيرة التي تصيب الإنسان -قال الله تعالي عن المنافقين:"في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا" وقد أكد علماء النفس السلوكي أن النفاق هو تعبير داخلي عن اضطراب نفسي للشخص يحوله إلى شخص غير واضح وغير محب التعامل معه علي المدي البعيد وقد يحمل هذه الصفة لسنوات عديدة وحيث أن النفاق يعتبر من الأمراض النفسية فقد أكد أساتذه الطب النفسي أنه يمكن العلاج وذلك يتطلب معرفه الأسباب النفسيه فمن خلالها يتم ما يسمي بالعلاج المعرفي. ولمعرفه الفرق بين الشخص السوي والمنافق أن الشخص السوي يكون علي قدر من الثقة بما سيقوله فلا يغير رأيه وفقا لما يرغبه الآخرين وهو يتعامل بواقعيه ودون زيف مع عدم اخفاء الوجه الحقيقي له أما المنافق فهو ذو وجهين وله شخصية مزدوجة لذلك يعتبر من أشر الناس- قال رسول الله (عليه الصلاه والسلام) : " تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه".
5- للنفاق أسباب نفسيه ترجع للتنشئة الاجتماعية الغير سليمة للأبناء منذ الصغر كاكتساب بعض الصفات السيئه مثل الكذب وعدم الوفاء بالوعد وخيانة الأمانة ومن الاسباب الأخرى انعدام الثقه في النفس التي تؤدي إلي الاحساس بالضعف وأيضا الشعور بالنقص ومن الأسباب الأخرى الطموح الزائد الذي يتجاوز القدرات الشخصية وكذلك عدم القناعة والرضا بالحال وليعلم الآباء والأمهات أن النفاق مكتسب وليس جيني والوالدين قدوه لأبنائهم أما أن تكون قدوة حسنة أو سيئة لذلك يجب علي الوالدين ألا يوعدون أبنائهم بأشياء لايتم تنفيذها ولايجب معاقبتهم بشدة لدرجة الإيذاء البدني والنفسي حتي لايلجأون للكذب لاخفاء مايرتكبونه من أخطاء كما يجب تعويدهم علي عدم خيانة الأمانة و عدم التعدي علي حقوق الآخرين علي أن يراعي ان يتم ذلك بحيث أن الآباء والأمهات يفعلون ذلك كقدوه أمام أبنائهم حتي لايتعرضون للإصابة بالنفاق عند الكبر. قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم):"أكرموا ابناؤكم وأحسنوا أدبهم".
6-النفاق نوعان نفاق أكبر ويطلق عليه نفاق الاعتقاد وفيه المنافق يظهر الإيمان ويبطن الكفر وعن هؤلاء قال تعالي:"وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ". أما النوع الآخر فهو النفاق الأصغر وهو في جميع صوره عجز عن المواجهه وسوء خلق ففيه يتكلم المنافق عن الفضيلة و لا يتمسك بها ويتحدث عن التقوي وهو بعيد كل البعد عنها في جميع أفعاله قد يظن البعض أن المجاملات هي نوع من النفاق الاجتماعي وهذا الظن خاطئ لأن المجاملة لها أصول وقواعد حيث أن الهدف منها هو مشاركه الشخص في سعادته أن كان يستحق الثناء والإطراء عليه ولكن بالقدر المعقول ودون أن يكون من وراء ذلك تحقيق مصلحه أو منفعه كما يجب اختيار الأسلوب المناسب بمراعاه التقدير اللفظي المتوازن عند التعبير عن الإعجاب والشكر والتقدير حتي تكون المجاملة هي نوع من الاحترام والتوقير الغير مبالغ فيه لكي لا تستهجن تلك المجاملة من المحيطين بالشخص المجامل فتوحي بأنه منافق.
7- من مظاهر النفاق الاجتماعي هو مدح الشخص بما لا يستحقه فقد يلجأ الموظف المنافق إلى مدح رئيسه على الرغم من أنه يشعر بالكراهية نحوه لكنه يفعل ذلك رغبة في الحصول علي ترقية أو مكافأة وهناك من المنافقين من يلجأ إلى المديح لقضاء مصلحه أو منفعة من المسئولين في إحدى الجهات وفي ذات الوقت يقوم بذمهم في غيبتهم قال تعالي:"ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو ألد الخصام" هذا النوع من المنافقين سرعان مايكتشف أمرهم من المقربين إليهم ولكن للأسف الشديد نجد أن الكثير من الأشخاص يرحبون بهم ويعجبون بمدحهم مما يشجع المنافقين علي التمادي في ذلك كنوع من النفاق الاجتماعي.
8-كم من عبارات مديح وغزل واعجاب يتم تبادلها على صفحات الفيس بوك على سبيل التعارف أو الصداقة بين أشخاص لايتم التحقق من شخصياتهم لأنهم مجهولي الهوية ومنهم من يستغل ذلك في تتبع العورات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وآخرين منهم يتعمدون نشر عيوب وأخطاء وأسرار الغير مثل هؤلاء شأنهم شأن المنافقين. لعل شباب وفتيات الفيس بوك يتعظون فلا يتسرعون عند الحكم على شخصية من يتعرفون عليه أو يصادقونه حتي لايواجهون العديد من المشكلات التي قد يصعب حلها ولاسيما إذا كانت تتعلق بمستقبلهم ومصائرهم وحياتهم الخاصة والعائلية.
9- كم من منافقين يعيشون بيننا ويتعاملون معنا ولايدرون حقيقة ما بداخلهم من نفاق بل يعتقدون أنهم دائما على حق وصواب ومن أمثال هؤلاء من يدعون على سبيل الخداع أن لديهم ميراث يقدر بالملايين من أجل استغلال الآخرين ماديا وكم من أشخاص يظهرون الموده للمقربين منهم كي يعرفون أسرارهم الشخصية ثم يبوحون بتلك الأسرار كيدا في هؤلاء المقربين وكم من أشخاص يوعدون الغير بأشياء وهميه من أجل الوصول إلى تحقيق أهدافهم ثم بعد ذلك ينقضون وعودهم بعد تحقيق المراد ثم يتخلون عنهم بأختلاق اي أسباب واهيه ليتنا نحترس عند تعاملنا مع هؤلاء بتوخي الحذر من تصرفاتهم فلانبوح بأسرارنا الشخصية لهم ولا نضع كل الثقه فيهم ولاننخدع بمديحهم وكلامهم المعسول لأنهم دائما يستخدمون كل الحيل للوصول إلى أهدافهم ولنتذكر قول عمربن الخطاب (رضي الله عنه): (المنافق لسانه يسر وقلبه يضر) ما أحوجنا إلى التمسك بتعاليم ديننا التي تحض على التخلي عن النفاق والتحلي بمكارم الأخلاق.