قال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الدكتور حنا عيسى، “إن الإرهاب يتنكر للقيم الرفيعة للحضارة التي تستوجب احترام الحياة الإنسانية، ولذلك لا بد من محاربته ضمن الإطار الصارم للقانون، فطبيعة الإرهاب نفسها تقضي بمكافحته، لا بأعمال حربية، بل بتدابير أمنية، ولا يجوز توفير أي جهد ضده".
وأضاف، "الإرهاب لا يستحق أية مجاملة سياسية لان مناهجه إجرامية، وتأصل في تربة سمادها الظلم والإذلال والإحباط والبؤس. ولعل الطريقة الأكثر فعالية لمحاربة الإرهاب هي حرمان منفذيه من الأسباب السياسية التي يتذرعون بها لتبريره".
وأكد، "ان اتفاقية منع ومعاقبة الإرهاب لعام 1937م الموقعة تحت رعاية عصبة الأمم كانت أول محاولة لتقنين الإرهاب على الساحة الدولية، ولكن لم يكتب لها النجاح ولم تصبح نافذة المفعول نتيجة لعدم تصديقها إلا من قبل دولة واحدة فقط، وتلك الاتفاقية بما فيها من مزايا ومثالب لم يتم أحياؤها أو المناداة بها قبل أية دولة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة عام 1945م".
وشدد، "إن الأوان قد آن لعقد مؤتمر دولي تحت أشراف الأمم المتحدة لمعالجة مشكلة الإرهاب الدولي وتوسيع الكفاح ضد الإرهاب، وذلك بوضع تعريف للإرهاب الدولي متفق عليه من معظم دول العالم وفقا لأهداف ومبادئ الميثاق ولإعلان مبادئ القانون الدولي واتخاذ قرارات فعالة وحاسمة من اجل القضاء نهائيا وبسرعة على الإرهاب الدولي من خلال إبرام اتفاقية متعددة الأطراف”.
وأضاف، “اتسعت دائرة العنف والإرهاب في الآونة الأخيرة لتشمل دولا كثيرة في معظم أنحاء العالم متجاوزة في ذلك ليس فقط الجرائم في دول محددة بل الجرائم ذات الطابع الدولي، وهو ما يضر بالنظام الدولي العام وبمصالح الشعوب والموطنين وأمن وسلام العالم وكذلك حقوق وحريات المواطنين والأفراد الأساسية في مختلف بقاع المعمورة”.
وتابع عيسى، أستاذ وخبير القانون الدولي، “حاول أساتذة القانون والعلوم السياسية عبر العقود الأخيرة لهذا القرن تحليل ظاهرة العنف والإرهاب إلا أنهم لم يتوصلوا إلى حل نهائي لتحديد مفهوم الإرهاب بشكل منطقي وعقلاني والسبب في ذلك اختلاف ايدولوجية كل طرف عن الآخر”.
ونوه، “ونرى وفقا لما ورد في المعجم القانوني لمؤلفه (بلاك) أن الرهبة على أنها ذعر أو رعب أو فزع أو حالة ذهنية تسببها الخشية من ضرر جراء حادث أو مظهر معاد أو متوعد، أو خوف يسببه ظهور خطر”.
وأشار، “عنف الترهيب يمكن أن يرتكب إما لأسباب عادية أو لأسباب سياسية، ويمكن أن ترتكب أفعال عنف الترهيب من قبل فرد أو مجموعة أو أفراد تشكل عصابة أو جمعية أو منظمة وكذلك يمكن أن تقترف من قبل دولة من الدول أيضا ويطلق على هذا الشكل (إرهاب الدولة) او إرهاب تسانده الدولة أو إرهاب ترعاه الدولة”.
واستطرد أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية، “أما المؤلف (ارنولد) يعتبر تعريف الإرهاب على انه ظاهرة وصفها أسهل من تعريفها والمؤلف (شميد) اعتبر الإرهاب على انه أسلوب من أساليب الصراع الذي تنفع منه الضحايا الجزافية أو الرمزية كهدف عنف فعال … الخ”.
وتابع، “ويقدم لنا (بسيوني) تعريفا حديثا يقول بأن الإرهاب هو استراتيجية عنف محرم دوليا تحفزها بواعث عقائدية (أيديولوجية)، أو تتوخى إحداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من مجتمع معين لتحقيق الوصول إلى السلطة أو للقيام برعاية لمطلب أو لمنظمة بغض النظر عما إذا كان مقترفو العنف يعملون من اجل انفسهم ونيابة عنها أم عن دولة من الدول”.
ولفت أمين نصرة القدس والمقدسات، “بطريقة مشابهة يعتقد (بروس بالمر) بان الإرهاب قابل للتعريف فيما إذا كانت الأعمال التي يضمها معناه يجري تعدادها وتعريفها بصورة دقيقة وبطريقة موضوعية دون تمييز فيما يتعلق بالفاعل مثل الأفراد وأعضاء الجماعات السياسية وعملاء دولة من الدول.. الخ”.
وقال الدكتور حنا عيسى، “يقترح (بالمر) مشروع تقنين بشأن الإرهاب، كما يقترح طرقا ووسائل بهدف مكافحته وما يجدر ملاحظته أن (بالمر) هو في هذا على صواب، يربط بين التطبيق القديم لعقوبة الإرهاب وبين وجود محكمة جنائية دولية والتي كما اقترحها آخرون من رجال القانون تتألف من قضاة محايدين ينتخبون دوليا لمعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية ومن ضمنها الإرهاب، كما ويقول أن غياب الاتفاق الدولي على الحد الأدنى وقف حائلا حتى الآن دون تبني تعريف مقبول لمصطلح الإرهاب، وكان هذا الحال فيما يتعلق بتعريف ظاهرة العدوان، ولكن تم وضع هذا التعريف فقط عام 1974م “.
وأوضح، “المشكلة الأساسية في تعريف الإرهاب بدرجة معينة من الوضوح والدقة في أنه كما يشير إلى ذلك (لبليش) كان حتى الآن جملة من الأفعال التي حرمتها القوانين الوطنية لمعظم الدول، إضافة إلى أفعال معينة جرمتها، اتفاقيات دولية على وجه التخصيص”.
وأضاف عيسى، “وهكذا وخلافا لما هو عليه الحال بالنسبة لعدد متزايد من القوانين الوطنية حيث يعتبر الإرهاب جريمة بحد ذاته، فان الحال ليس كذلك في القانون الدولي حيث يبدو الإرهاب مجرد تسمية او خطة ينطوي تحتها عدد من الجرائم المعرفة تماما”.
وتابع القانوني، “”.
وذكر القانوني حنا، ”بعد تأسيس هيئة الأمم المتحدة اتخذت الجمعية العامة كثيرا من القرارات المتعلقة في موضوع الإرهاب الدولي وكذلك تم التوقيع على اتفاقيات دولية قائمة متعلقة بمختلف جوانب مشكلة الإرهاب الدولي ومن بينها الاتفاقية المتعلقة بالجرائم وبعض الأعمال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات الموقعة في طوكيو ف 14/أيلول/1963م … الخ”.
ولفت، “جميع هذه الاتفاقيات والقرارات تشجب جميع الأعمال الإرهابية بما فيها الأعمال التي تتورط الدول في ارتكابها بشكل مباشر أو غير مباشر والتي تشيع العنف والإرهاب، وقد تودي بالأرواح البشرية وتسبب أضرارا مادية تهدد سير العمل الطبيعي للعلاقات الدولية”.
وأضاف الدكتور حنا عيسى، و هو دبلوماسي سابق في روسيا الإتحادية، “الإرهاب هو استخدام طرق عنيفة كوسيلة الهدف منها نشر الرعب للإجبار على اتخاذ موقف معين أو الامتناع عن موقف معين. ومن هذا التعريف يتضح لنا أن ملامح جريمة الإرهاب تختلف عن غيرها من الجرائم حيث إن الإرهاب هو وسيلة وليس غاية، وإن الوسائل المستخدمة عديدة ومتنوعة وتتميز بطابع العنف وتخلق حالة من الفزع والخوف، والحديث عن جريمة الإرهاب يثار إلا إذا كان هناك مشكلة سياسية أو موقف معين أو في قول آخر فريقان مختلفان, وغالبا ما تكون هناك أسباب سياسية لهذه الجرائم، إضافة لعدم مراعاة حقوق الأقليات، وعدم مراعاة حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم احترام حقوق الإنسان”.
وقال الدبلوماسي، “إن جريمة الإرهاب تختلف إختلافا جوهريا عن جريمة العدوان في أن الأخيرة تقع ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي من الدول وأطرافها فقط دول بينما الإرهاب هو جريمة تقع ضد سلامة الأشخاص وحقوقهم وحرياتهم الأساسية وأطرافها لا يكونون إلا أفرادا أو جماعات ومنفذوها لا يكونون إلا أفرادا”.