فشلت حركتا فتح وحماس الخميس في التزام موعد جديد لتنفيذ اتفاق المصالحة الموقع بينهما في تشرين الاول/اكتوبر 2017 برعاية مصرية، والذي لا يزال يواجه صعوبات عدة ويكاد يتحول حبرا على ورق.
وكانت الحركتان توافقتا على موعد الاول من شباط/فبراير لتحديد مصير عشرات آلاف الموظفين في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. لكن اي تقدم لم يتم احرازه في الموعد المقرر.
وهذا الفشل ليس الاول. اذ كان حدد العاشر من كانون الاول/ديسمبر 2017 موعدا نهائيا لتسلم السلطة الفلسطينية ادارة القطاع لكنها لم تتسلم كامل سلطاتها، ولا تزال حماس تمسك بزمام الامور، رغم تسلم الحكومة مسؤولية معابر القطاع الثلاثة، رفح مع مصر، وكرم ابو سالم التجاري، وبيت حانون (ايريز) مع اسرائيل.
ولا يزال الطرفان يتقاذفان كرة المسؤولية عن تعطيل تنفيذ الاتفاق.
وقال القيادي في حركة فتح فايز ابو عيطة الخميس "نوجه دعوة لحماس لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة بكل تفاصيلها"، معتبرا ان "تحقيق المصالحة ضرورة ملحة لانهاء معاناة شعبنا في قطاع غزة لان الوضع في غزة لم يعد يحتمل مع وجود كوارث حقيقية".
واضاف "الاوضاع السياسية تتطلب اكثر من أي وقت مضى إنجاز المصالحة للتصدي للتحديات الماثلة امام القضية وخصوصا قضية القدس وسياسة الابتزاز التي تمارسها الولايات المتحدة على القيادة السياسية".
وسيطرت حماس على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد ان طردت عناصر فتح الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس منه إثر اشتباكات دامية.
وفشلت محاولات عدة سابقة للمصالحة بين الحركتين. وعلق سكان غزة البالغ عددهم اكثر من مليونين، والذين أنهكتهم الحروب والفقر والحصار، آمالا كبيرة على المصالحة لتحسين وضعهم.
في المقابل، اتهم القيادي في حماس باسم نعيم الحكومة الفلسطينية بـ "التراجع من دون اسباب توضيحية" في ما يتعلق بمعالجة قضية الموظفين في غزة و"انهاء الانقسام على الاقل على المستوى الاداري".
واكد ان "حماس التزمت بتذليل اي عقبات، لكن فتح والحكومة هما الطرف المعطل"، لافتا الى اجراء "اتصالات مع مصر لارجاع دورها كراع".
لكنه تدارك ان "الاخوة في مصر لديهم ما يشغلهم وخصوصا الانتخابات والاحداث الامنية في سيناء".
ويهدف اتفاق المصالحة خصوصا الى انتقال السلطة في قطاع غزة المحاصر من حركة يرفض جزء من الاسرة الدولية التعامل معها، إلى سلطة معترف بها دوليا. الا انه لم يوضح مصير سلاح حماس واجهزتها الامنية، فيما كان أعلن الرئيس عباس ان السلطة يجب ان تتسلم كل شيء، رافضا "تكرار تجربة حزب الله" في القطاع.
وفي 21 كانون الاول/ديسمبر، حذر رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار من انهيار اتفاق المصالحة. وقال "البعض يريدون المصالحة على مقاس الامريكان واسرائيل... وهذا يعني تسليم السلاح والقدرة الصاروخية والأنفاق. اما الصيغة الثانية للمصالحة فتقوم على اساس الشراكة والاتفاق.. وهذا ما نريده".
وحذر المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف الثلاثاء من ان قطاع غزة بات على شفير "انهيار كامل". وقال ان مفتاح إنقاذه من الكارثة هو إعادة حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية اليه.
وتشكل مسألة الموظفين الذين عينتهم حماس في المؤسسات العامة مشكلة رئيسية.
فبعد سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، واصلت السلطة دفع رواتب نحو 60 الف موظف مدني، إلا ان 13الفا من هؤلاء فقط بقوا في عملهم، بينما امتنع الباقون عن العمل بحسب توجيهات السلطة التي أرادت الضغط على حماس.
وردا على ذلك، قامت حماس حينها بتوظيف نحو اربعين الف مدني وعسكري. ونص الاتفاق على ايجاد حل لهم.
ومنذ تشرين الاول/اكتوبر، توقفت حماس جزئيا عن دفع رواتب موظفيها.
ويقول بشير عامر (30 عاما) الموظف في وزارة التربية والتعليم في غزة "أنا محبط لان المصالحة لم تحل مشكلة الراتب".
ويضيف عامر، وهو أب لثلاثة أطفال، "كيف ستعيش عائلاتنا بدون رواتب؟ لا احد يشعر بنا. لا اتوقع ان يحلوا أزمة الرواتب لان لا ثقة بين حماس والسلطة"، مشيرا الى انه يتقاضى "ألف شيكل لا تكفي للاكل والشراب".
ويتابع "أعيش في منزل مستأجر، وصاحب البيت يريد ان يطردني".
وكان محللون أجمعوا على أن حماس وافقت على المصالحة بسبب الخشية من حصول انفجار اجتماعي في القطاع، وتحت ضغوط مصرية وقطرية.