قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، إن حركته لم تعد "طرفا بالانقسام"، ولن تسمح بالعودة للوضع السابق الذي كان سائدا في قطاع غزة، رغم تعثر جهود المصالحة الحالية مع حركة فتح.
وقال أبو مرزوق في حوار مع وكالة الأناضول: " لن نكون، بعد الآن، طرفاً في الانقسام السياسي، وسنستمر في دعم الوحدة الفلسطينية".
وفي حال فشلت المصالحة، قال المسؤول البارز في حماس: " سندرس كل الاحتمالات الممكنة والإجراءات المناسبة لهذه الاحتمالات، وسندرس الخيارات المتاحة مع الفصائل بما يخدم الشعب الفلسطيني".
ورغم التفاؤل الذي ساد الأراضي الفلسطينية عقب توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في 12 ديسمبر/كانون أول الماضي، إلا أن مسؤولي الحركتين تبادلا الاتهامات مؤخرا حول الطرف المسؤول عن عرقلة إتمام "إنهاء الانقسام".
وقال أبو مرزوق: " حماس ليست طرفا بالانقسام، ولن تسمح بالعودة للمرحلة السابقة".
وأضاف إن الجولة الأخيرة، التي جمعت وفد حركته مع وفد حركة "فتح"، شهدت تعنّتاً من قبل الأخيرة، تمثّل في رفض رفع الإجراءات العقابية التي فرضتها الحكومة الفلسطينية، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، على قطاع غزة.
وتنفي حركة "فتح"، على لسان عدد من قادتها، اتهامات حركة حماس بعرقلة المصالحة، وتتهمها في المقابل بعرقلة "تمكين" الحكومة في قطاع غزة.
كما أوضح أبو مرزوق، أن حركته تلّقت وعوداً من حركة "فتح"، تتعلق بتحسين الظروف المعيشية لسكان قطاع غزة، كإعادة التيار الكهربائي، وإيجاد حلول لمشكلة الموظفين الذين عينتهم الحركة خلال السنوات الماضية.
وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول، وقّعت حركتا "فتح" و"حماس" في العاصمة المصرية القاهرة، اتفاق المصالحة الفلسطينية، ويقضي بتمكين الحكومة من إدارة شؤون غزة.
ويقرّ أبو مرزوق بوجود عراقيل، تعيق تقدم المصالحة الفلسطينية، متهما حركة فتح، بوضعها.
وقال: " ما يُطرح من معوقات لإتمام المصالحة وتحقيق الوحدة هي ليست بالقضايا الجوهرية، وما هي إلا ذرائع تعكس إرادة سياسية متشككة".
وفيما يتعلق بأزمة الموظفين في غزة، قال أبو مرزوق إن حركته اتفقت، في مباحثات القاهرة الأخيرة، مع حركة "فتح" على إلزام الحكومة الفلسطينية بـ"تغطية رواتب جميع الموظفين، بنفس قيمة صرف الرواتب حالياً؛ وذلك إلى حين انتهاء (اللجنة الإدارية القانونية لبحث شؤون موظفي قطاع غزة)، من البتّ في ملفات جميع الموظفين".
وعن مهمة اللجنة، قال أبو مرزوق: " يقع على عاتقها النظر في مواقع وهياكل وقانونية الموظفين؛ وعند حدوث أي خطأ سيتم معالجته سياسياً".
ووفق اتفاق المصالحة، فإنه من المقرر أن تنتهي اللجنة من أعمالها في فبراير/ شباط القادم.
وعقدت اللجنة، أمس الأربعاء، اجتماعا في قطاع غزة، برئاسة، نائب رئيس الوزراء، زياد أبو عمرو.
وقال أبو عمرو، في ختام الاجتماع، إن اللجنة ستجتمع الأحد المقبل لتقديم قاعدة بيانات دقيقة كاملة ومحدثة لموظفي غزة الذين تم تعيينهم بعد 14/6/2007 (تاريخ سيطرة حماس على قطاع غزة).
وحذّر أبو مرزوق، من "نتائج سلبية تُلقي بظلالها على مجمل سير المصالحة الفلسطينية، حال استمرت حركة فتح، باتباع تلك السياسة"، حسب قوله.
وعينت حركة حماس قرابة 40 ألف موظف، منذ سيطرتها على قطاع غزة، في يونيو/حزيران 2007، لإدارة قطاع غزة، في أعقاب طلب حكومة السلطة الفلسطينية (مقرها في رام الله) من الموظفين، بالاستنكاف عن العمل.
**الملفات الثنائية مع مصر
وحول علاقة حركة حماس، بمصر، حاليا، قال أبو مرزوق إنها لا تنحصر في ملف "المصالحة الفلسطينية"، موضحاً وجود ملفات ثنائية يجري النقاش حولها.
ومن تلك الملفات، يذكر أبو مرزوق الملف الأمني بتشعباته سواء فيما يتعلق بحفظ أمن منطقة سيناء، والتعاون الأمني المشترك بين حركته ومصر.
كما يتباحث الطرفان، وفق أبو مرزوق، حول ملفات تتعلق بإسرائيل، وتعدياتها على قطاع غزة.
وفي هذا السياق، أكّد على جاهزية الجانب المصري في لعب دور "الوساطة في أي صفقة تبادل أسرى جديدة بين حركته وإسرائيل"، مشيراً إلى أن أي تقدم مرهون بالموقف "الإسرائيلي".
ونفى أبو مرزوق، في ذات الوقت، وجود مفاوضات حول إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة مع إسرائيل.
وقال: " لا يمكن الخوض في تفاصيل حقيقية حول صفقة التبادل المقبلة، دون التزام إسرائيل بشروط الصفقة السابقة".
لكنه أشار إلى أن حركته "منفتحة"، "أمام أي جهود تُبذل في ذلك الإطار".
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الذراع المسلح لحركة "حماس"، مطلع أبريل/ نيسان 2015، لأول مرة، عن وجود "أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها"، دون أن تكشف بشكل رسمي إن كانوا أحياءً أم أمواتاً.
**الدور القطري
عن الدور القطري في دفع عجلة المصالحة، نفى أبو مرزوق الأنباء التي تقول إن قطر تعهّدت بتغطية رواتب موظفي غزة (الذين عيّنتهم حماس خلال فترة حكمها للقطاع)، لمدة ثلاثة شهور.
وقال إن للدوحة دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بين حركته و"فتح"، طيلة الفترة الماضية.
وأضاف: " كان لقطر دور رائد في العمل الإنساني في قطاع غزة الأمر الذي ساعد في إنقاذ الحالة الإنسانية المترية".
ولفت إلى أن قطر ساهمت في تغطية رواتب موظفي الحكومة التي كانت تسيطر عليها "حماس"، عدة مرات، في إطار دعمها للقضية الفلسطينية.
ودعا أبو مرزوق السلطة الفلسطينية إلى تحمّل مسؤوليتها عن قطاع غزة، ودفع رواتب الموظفين (الذين عيّنتهم حماس).
وقال أبو مرزوق إن الحكومة الفلسطينية تسلّمت الجباية داخل قطاع غزة وعلى معابره الحدودية.
وذكر أن ما تجبيه الحكومة من قطاع غزة، كافٍ لتغطية فاتورة رواتب الموظفين والموازنات التشغيلية للوزارات.
ودعا السلطة الفلسطينية إلى دفع تلك الرواتب، حيث أنها "تسلمت الجباية في داخل القطاع وعلى معابره الحدودية، وما تجنيه كافِ لتغطية فاتورة رواتب الموظفين والموازنات التشغيلية للوزارات الخدماتية".
ورفض أبو مرزوق تسمية الموظفين الذين عيّنتهم "حماس" بغزة بـ"موظفي حماس".
وقال: " هؤلاء الذين على رأس عملهم ليسوا موظفي الحركة، بل موظفي السلطة كما أن الموظفين المستنكفين وموظفي الضفة الغربية ليسوا موظفي حركة فتح، والانتماء الفصائلي يجب أن يكون خارج نطاق الوظيفة العمومية سواء كان ذلك في الوظائف المدنية أو الأمنية".
**تحالفات "حماس" الإقليمية
وعن التحالفات الإقليمية التي بدأت "حماس" ببنائها، كما قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي في تصريحات سابقة له، أكّد أبو مرزوق أن حركته لا تتوجه لبناء علاقات مع أي دولة على حساب علاقات مع دول أخرى، ولا تتحالف أو تتعاون مع جهة ضد أخرى، لكنّه لم يكشف عن طبيعة التحالفات.
وأوضح أن علاقة حركته مع الدول و"الأطراف الفاعلة"، على المستوى الدولي أو الإقليمي، "تشهد انفتاحاً وتعاوناً على أكثر من صعيد".
وأكد أبو مرزوق أن "حماس" تتوجه لـ"تطوير علاقتها مع جميع الدول بشكل رسمي أو شعبي، وبمختلف الطرق التي تسمح بها الظروف السياسية الإقليمية والدولية؛ للعمل معاً في المساحات المشتركة لمواجهة إسرائيل".
وأشار إلى أن علاقات الحركة "ستستمر لخدمة القضية الفلسطينية، ولإنجاز الهدف الأسمى تحرير البلاد".
ووصف المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية بـ"بالغة الحساسية"، في ظل التحولات الدولية والإقليمية وتبدل المواقف والتحالفات.
وأضاف: " إننا نسير في طريق تاريخي لتصحيح المسار السياسي الفلسطيني في ظل تلك التحولات والأزمات الداخلية الفلسطينية".