سقوط أوهام التسوية .. وخيارات المواجهة..اطلس للدراسات

الثلاثاء 12 ديسمبر 2017 02:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
سقوط أوهام التسوية .. وخيارات المواجهة..اطلس للدراسات



غزة/اطلس للدراسات/

في ظل القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال، ناقش سياسيون ومثقفون "سقوط أوهام التسوية .. وخيارات المواجهة"، خلال ندوة نظمها مركز أطلس للدراسات، اليوم الاثنين، في قاعة اللاتيرنا بمدينة غزة.

وفي ورقة قدمها مركز أطلس، أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مهرة على أن "ما قام به ترامب، على خطورته الكبيرة، لا يتعدى كونه ترجمة لحقيقة الموقف الأمريكي من قضيتنا على مدار عقود الصراع، ترجمة واضحة للانحياز الأمريكي في جميع المراحل والمحطات لصالح المشروع الصهيوني".

وأضاف مهرة "هذه الموقف كان يغلف بالكثير من الديبلوماسية والجمل الغامضة لأجل خدمة استمرار قدرتهم على المناورة، للمحافظة على تمسكنا بالسير على طريق الخداع"، مشيرًا إلى أن ترامب فضّل مصالحه على حساب المصالح الأمريكية لينهي لعبة الخداع مندفعًا بقراءته للحالة الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية.

وأوضح بالقول "العنوان كان معروفًا منذ زمن، والعنوان كان مكتوبًا على الحائط بالبنط العريض؛ إلا أننا كعرب وفلسطينيين على المستوى الرسمي حافظنا على تمسكنا بوهم مسار التسوية، إلى أن جاء ترامب وصدمنا بالحقيقة المرة: لا قدس ولا دولة، وعليكم الإقرار بالواقع".

وبيّن مهرة أن "المغزى السياسي الأهم بالنسبة لنا كفلسطينيين وعرب يكمن في فشل فرضية مسار مسيرة السلام في الوصول إلى حل ينهي الاحتلال ويؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 67"، مضيفًا "اليوم نصطدم بالحقيقة المرة بأننا كنا نعيش في خدعة كبرى، خدعة مكنّت الاحتلال ومنحته وقتًا ثمينًا، وقتًا للمزيد من السطو على ما تبقى من أرض وللمزيد من الانفتاح على العالم، والأخطر المزيد من انفتاح العرب عليه، فلا غرابة ان نشعر اليوم بالقهر والضياع والعجز وشعور مَن تخلى عنه الجميع".

وتابع "مع الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال، وانكشاف حقيقة الموقف الأمريكي الداعم للاحتلال، ونفاق وضعف المنظومة الدولية؛ بات من الواضح للجميع - فلسطينيين وعرب ومسلمين، قيادة وشعوبًا - أنه لا يمكن رهن دحر الاحتلال وتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، لا بمسيرة التسوية ولا بالمنظومة الدولية فقط، وأن الأمر يتطلب إعادة النظر بشكل جدي في الخيارات والأدوات، وقبل ذلك علينا إجراء مراجعة عميقة وشاملة وجادة وصريحه ونزيهة لكل أدائنا، فهذا الحصاد المر نحن من غرسنا نبته وعلينا ان نتحلى بالجرأة الكافية لنعترف بمسؤوليتنا عن إهدار كل هذا الوقت وكل هذه التضحيات".

ولفت مهرة إلى أننا كفلسطينيين أمام خياريْن: خيار التسليم بالأمر الواقع وخيار المواجهة الشاملة، موضحًا أن "عدونا الاحتلالي الإحلالي قوي ومتماسك، ويزداد قوة ونفوذ ويكسب المزيد من الأصدقاء، في ظل منظومة دولية قاصرة وعاجزة، فشلت في توفير الحماية لشعبنا وفي تجريم الاحتلال أو لجمه أو محاسبته، عدا عن فشلها في توفير ضمانات ذات مصداقية تضمن تحقيق الحد الأدنى من حقوقنا".

وشدد مهرة "لابدّ من المواجهة الشاملة التي تعيد الاعتبار لأدوات المواجهة ووسائلها، وتعيد الاعتبار للبعد القومي والإسلامي في الصراع. علينا أن نبدأ بأنفسنا كفلسطينيين بإعادة النظر بالاعتراف بإسرائيل قبل ان نطالب العرب بسحب مبادرة السلام، وأن نعيد الاعتبار لمنظمة التحرير ولمؤسساتها بعد أن نعيد بنائها على أسس كفاحية وحدوية تشمل كل أطياف وفصائل الشعب الفلسطيني".

ودعا مهرة إلى الإسراع بإنهاء الانقسام وتبني استراتيجية سياسية وخطاب سياسي جامع للكل الفلسطيني، وإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية وكسب ثقة الشعب، مشيرًا إلى أن إعادة النظر في استراتيجياتنا لا تعني أبدًا الارتجال السريع والاندفاع المتهور دون دراسة مستفيضة ومسؤولية وحرص وحكمة.

وختم مهرة كلمته بالقول "المواجهة الشاملة مع العدو يجب ألا تستثني أي ساحة أو منبر، مواجهة في الميدان وفي كل محل ومنبر دولي، مواجهة تحول سفاراتنا ومكاتبنا في الخارج إلى غرف عمليات لإدارة الصراع وتحشيد طاقات الفعل، مواجهة تقطع الطريق على تمدد العدو وانفتاحه على العواصم العربية وتحشد طاقات الشعوب العربية والإسلامية في إطار جبهة واسعة وعريضة لملاحقة العدو مطاردته".

بدوره، أشار القيادي في حركة حماس صلاح البردويل إلى أن "قرار ترامب ليس صادمًا، وإنما جاء تحصيل حاصل، فهو قرار كاشف"، لافتًا إلى انحياز الموقف السياسي الأمريكي لحماية الكيان في كل المحطات والمحافل، والدعم بالمال والسلاح والموقف السياسي.

وقال البردويل "عندما قبلنا كفلسطينيين بالولايات المتحدة كراعٍ لعملية التسوية إنما هي رعاية الذئب للحمل"، مشيرًا إلى أن طريق المواجهة يجب أن يأخذ نفس الشكل الذي تواجهنا به الولايات المتحدة.

وحول خيارات المواجهة، أكد البردويل على أن "المطلوب ترميم الحالة الفلسطينية، مؤسسة جامعة وبرنامج وطني لتلبية أهداف وتوجهات الشعب الفلسطيني. المطلوب إيقاف التنسيق الأمني وإلغاء اتفاقية أوسلو". وشدد على "توفير عوامل الصمود للحاضنة الشعبية، وإتمام المصالحة الفلسطينية"، متسائلًا "لماذا تريد من الأمة العربية أن تتحرك وأنت تكتم شعبك؟!".

وبشأن المواجهة العسكرية، صرح البردويل بالقول "لسنا مع تفعيل القوة العسكرية، ولكننا مع إدارة الصراع بما لا يمنع أبدًا أن تشعر إسرائيل والولايات المتحدة بالتكلفة الباهظة لهذا القرار الأحمق".

من جانبه، قال القيادي في حركة فتح عماد الأغا "كحركة فتح نقول: لا لهذا الموقف الأمريكي، ولا للدور الأمريكي المزعوم لعميلة السلام"، لافتًا إلى "رؤية جديدة وتحالفات جديدة، هناك تكتلات كثيرة بالتأكيد ضد هذا التفرد الأمريكي".

وحذر الأغا من محاولات إسرائيل ومساعيها لتأجيج الصراعات والمعارك الجانبية مع أيّ من الدول العربية، كما حذر من المخططات الإسرائيلية باتجاه زعزعة الجبهة الداخلية، ومحاولات حرف البوصلة.

وطالب بموقف فلسطيني موحد تجاه هذه المحاولات، والحرص على الجبهة الداخلية ووضع رؤية فلسطينية تدعم من الأمتين العربية والإسلامية، والتحرك باتجاه دولي، والمحافظة على الرؤية التي وصل إليها شعبنا، مشيرًا إلى "اننا تجاوزنا مرحلة الانقسام البغيض لحالة الاتفاق الذي يجب أن يوصلنا لتجاوز أزماتنا".

القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش استعرض، في بداية كلمته، أبرز محطات التسوية موضحًا بأنها كانت "مقدمات لسرقة القدس العاصمة".

وحول المطلوب عربيًا، طالب البطش بسحب السفراء من الولايات المتحدة وطرد سفرائها من الدول العربية، تجميد العلاقات معها، تجميد الصفقات التجارية، إلغاء صفقات التسليح، وقف أشكال التعاون العربي - الأمريكي، ومقاطعة البضائع الأمريكية، والكثير من الخطوات والإجراءات".

فلسطينيًا، دعا البطش الرئيس محمود عباس إلى البدء بخلط الأوراق، مشددًا على أن "الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة جاهزون لحماية أي قرار يتخذه الرئيس عباس مهما كان الثمن باهظًا".

كما طالب باستعادة الوحدة الوطنية، بدءًا بالمصالحة بين فتح وحماس، وإعادة الاعتبار للشراكة، وإعادة بناء مرجعيتنا، واتخاذ قرارات صحيحة نتحمل مسئوليتها، داعيًا إلى إبقاء حالة الاشتباك والالتحام مع العدو وتصعيد خيار المقاومة بالقول "يجب ألا تبرد الجبهات، وخاصة جبهة الضفة الغربية".

هذا وقال مدير مركز "مسارات" لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية هاني المصري أن "موقف الرئيس أبو مازن ضعيف وليس على مستوى التحديات، أبو مازن مطلوبٌ منه أكثر من ذلك".

ودعا المصري القيادة الفلسطينية للالتقاء في القاهرة مع الفصائل لتدارس الموقف الجديد، ووضع خطة المواجهة والانتصار في هذه المعركة، وذلك بدفع الإدارة الأمريكية للتراجع أو عزلة الإدارة الأمريكية بتأسيس مرحلة جديدة والتخلص من مرحلة "أوسلو" وتأسيس عملية سياسية جديدة.

وأكد على أهمية الانتقادات التي وجهت للولايات المتحدة من قوى أخرى في العالم مثل: بريطانيا وفرنسا، مطالبًا باستثمار هذا التوجه. وأضاف "بإمكاننا تغيير الموقف الأمريكي وتوجيه ضربة للأمريكان من خلال تقديم شكوى لمجلس الأمن تحت البند السادس، بحيث لا تستطيع أمريكا استخدام حق الفيتو".

وأردف بالقول "الكل مأزوم، المقاومة في أزمة ويجب على الجميع مساعدة المقاومة، ودليل ذلك أنها تطالب بإعادة حكومة أوسلو للتمكين في غزة. نحن لسنا في واقع يمكن ان يعتمد المقاومة المسلحة كأسلوب رئيسي أو أسلوب وحيد".

كما طالب بوجود رؤية شاملة وحوار وطني مستمر وتغيير موازين القوى المفاوضات، والمقاومة بكل أشكالها والوحدة الوطنية؛ وهذه هي البدائل، لأن الاستراتيجيات المعتمدة فشلت فشلاً ذريعًا، وفق قوله.

من جهته، أشار الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر إلى "قناعة سائدة بين الإسرائيليين بأن هذا القرار ليس علية إجماع إسرائيلي كامل، وهنا ينبغي مراكمة حالة عدم التوافق الإسرائيلية ضد هذا القرار".

وأضاف أبو عامر في مداخلته أن "الضفة الغربية فيها أكثر من 600 نقطة عسكرية، ولو اتخذ قرار بترك الناس لهذه النقاط العسكرية الإسرائيلية؛ أزعم بأنها كفيلة لإرباك الحسابات الإسرائيلية وجعل صاحب القرار الإسرائيلي واللوبي الصهيوني الذي يقف خلف هذا القرار الأمريكي يعيد النظر فيه".

وتساءل بالقول "هل يمكن لنا كفلسطينيين ودول عربية مجاورة وعمق عربي وإسلامي أن نجبر ترامب بأن يتراجع عن هذا القرار؟، أعتقد بأن الأمر صعب، ولكن ذلك قد يكون باستمرار وديمومة الأحداث في الضفة الغربية وقطاع غزة بوتيرة معينة متفق عليها وطنيًا".

وبين أبو عامر أن "المسألة تتجاوز البعد الميداني في الأراضي الفلسطينية لتصل إلى البعد السياسي"، مشيرًا إلى أن الاكتفاء بالبيان الباهت للرئيس لم يرتقِ إلى سخونة الحدث وصعوبة الموقف خلال ستة أيام منذ الحدث، ولم يتم استدعاء الأجسام المتعارف عليها فلسطينيًا للجنة التنفيذية أو المجلس المركزي أو المجلس الثوري، علمًا بأن مجلس الأمن الدولي اجتمع في اليوم الثاني ووزراء الخارجية العرب".

المحلل السياسي أكرم عطا الله قال خلال مداخلته "نحن لا زلنا لم نغادر مرحلة التيه، ولا زلنا نوزع الاتهامات؛ فبالرغم من حالة الطوفان التي أغرقت كل المراكب، علينا أن نفكر بعمق أكثر، مشاريع التسوية أغلقت منذ 2014، وكذلك مشروع المقاومة المسلحة، حيث كانت حرب وتفاوض، وما تحقق لا يختلف عمّا تحقق في مفاوضات حل الدولتين. في 2013 نتنياهو قلب الطاولة في وجه كيري، أكبر فرصة جدية كانت لإقامة حل الدولتين.

ودعا عطا الله الفصائل الفلسطينية إلى "عدم مطالبة الرئيس بانتفاضة فلسطينية، ولكن عليها ان تفرض هي انتفاضة في الميدان. اصنع ممّن يناصرونك ربيعًا يجرف إسرائيل، وكل من يتهاون، حتى لو كان من السلطة"