كشف مسؤولون فلسطينيون أن المملكة العربية السعودية تعمل منذ أسابيع خلف الكواليس لدفعهم إلى تأييد خطة سلام أميركية وليدة رغم تنديدها ظاهريًا بخطوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبينما وصف الديوان الملكي السعودي خطوة ترمب بأنها "غير مبررة وغير مسؤولة" و"تمثل تراجعا كبيرا في جهود الدفع بعملية السلام"، يؤكد مسؤولون عرب في أحاديثهم الخاصة لوكالة "رويترز" أن الرياض تشارك فيما يبدو ضمن استراتيجية أميركية أوسع نطاقًا لوضع خطة تسوية بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي لا تزال في مراحلها الأولى.
وأوضحت "رويترز" في تقرير لها أن أربعة مسؤولين فلسطينيين طلبوا عدم ذكر أسمائهم ذكروا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفلسطيني، محمود عباس ناقشا بالتفصيل "صفقة كبرى" من المقرر أن يكشف عنها ترمب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر في النصف الأول من عام 2018.
وقال أحد المسؤولين إن بن سلمان طلب من عباس إبداء دعمه لجهود التسوية التي تبذلها الإدارة الأميركية، عندما التقيا في الرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وذكر مسؤول فلسطيني آخر أن ولي العهد السعودي قال لعباس: "كن صبورًا سوف تسمع أخبارًا جيدة، فستمضي عملية السلام".
ولم يرد الديوان الملكي السعودي على طلبات للتعليق، في حين أكد مسؤول في البيت الأبيض أن كوشنر لم يطلب من ولي العهد السعودي التحدث مع عباس بشأن الخطة.
ويخشى مسؤولون فلسطينيون، وكذلك الكثير من المسؤولين العرب، من أنه بإغلاق الباب أمام الفلسطينيين في إعلان "القدس الشرقية" عاصمة لدولتهم المستقبلية، فإن ترمب سينضم إلى "إسرائيل" في منح الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا داخل مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة دون إقرار حق العودة للاجئين.
وقال المسؤولون الفلسطينيون إنهم يخشون من أن يكون الاقتراح الذي نقله بن سلمان إلى عباس، ويقال إنه من كوشنر هو نفسه هذا السيناريو.
وأفاد مسؤول فلسطيني ثالث بأن المقترح يشمل- وفقا لما نُقل إلى عباس- تأسيس "كيان فلسطيني" في غزة وثلاث مناطق إدارية بالضفة الغربية في المنطقة "أ" والمنطقة "ب" و10 بالمائة من المنطقة "ج"، التي تضم مستوطنات إسرائيلية.
وذكر هذا المسؤول أن المستوطنات بالضفة الغربية ستظل كما هي، ولن يحصل الفلسطينيون على حق العودة، كما سيتولى الاحتلال مسؤولية الحدود.
وقال المسؤول إن الفلسطينيين رفضوا ذلك، مشيرًا إلى أن عباس شرح الموقف وخطورته على القضية الفلسطينية، وأن السعودية تفهمت الأمر.
في المقابل، نفى مسؤول البيت الأبيض أن يكون كوشنر نقل هذه التفاصيل إلى ولي العهد السعودي، وقال: "هي لا تعكس بدقة أي جزء من المحادثة".
وأبرز مصدر سعودي لـ"رويترز" أنه يعتقد أن تفاهمات بشأن سلام إسرائيلي- فلسطيني ستبدأ في الظهور في الأسابيع المقبلة.
واعتبرت العواصم العربية قرار ترمب بشأن القدس ميلا حادًا صوب الكيان الإسرائيلي، غير أن الباحث لدى معهد بروكينجز في واشنطن شادي حميد أبرز أنه "من المستبعد أن تعترض أغلب الدول العربية على إعلان ترمب، لأنها تجد نفسها أكثر اصطفافا مع "إسرائيل" منها في أي وقت سابق، ولا سيما فيما يتعلق بالتصدي لإيران".
وقال في مقال نشر في مجلة ذا أتلانتك": "لو كان السعوديون، بمن فيهم ولي العهد نفسه، مشغولين بشكل خاص بوضع القدس، لاستخدموا وضعهم المميز كحليف كبير لترمب وضغطوا على الإدارة للامتناع عن مثل هذه الخطوة المسمومة التي لا داعي لها".
وأضاف حميد: "كان من المستبعد أن يمضي ترامب قدما لو وضع السعوديون شيئا يشبه الخط الأحمر".