هآرتس: لا تحسدوا ملك السعودية المقبل.. ضربتان في أسبوع واحد تلقاهما وأمامه حقل ألغام قادم

الجمعة 08 ديسمبر 2017 11:37 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس: لا تحسدوا ملك السعودية المقبل.. ضربتان في أسبوع واحد تلقاهما وأمامه حقل ألغام قادم



القدس المحتلة / سما /

هذا الأسبوع تلقت سياسات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي من المُفتَرَض تعيينه ملكاً قريباً، ضربتَين مؤلِمَتَين، ومن الواضح أن ضرباتٍ أخرى قادمة.

وتقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن وضع بن سلمان لا يُحسد عليه، فمنذ أيامٍ معدودة، قَتَلَ الحوثيون في اليمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بعد يومين فقط من إعلان اعتزامه "بدء صفحة جديدة مع التحالف العربي" الذي أسَّسه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ عامين. وبينما كان مقتل صالح يهز القصر السعودي، أعلن رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، يوم الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول، إلغاء استقالته التي كان قد قدَّمَها على خلفيةِ ضغطٍ سعوديٍ هائل.

وتشن المملكة السعودية حرباً شاملةً ضد النفوذ الإيراني في كلا البلدين، اللذين يبدو أنهما ينزلقان إلى منحدرٍ زلق. وحتى وقتٍ قريب، كانت المملكة ترعى الرئيس اليمني المُنتَخَب، عبد ربه منصور هادي، الذي يعيش في السعودية وغير قادر على العودة إلى دياره، ولا هو راغب في ذلك. وقد حلَّ قادةٌ من الجيش السعودي محلَّ منصور هادي، بينما يشنون معارك جوية ضد تجمُّعات المُتمرِّدين الذين ينحصر نفوذهم في المناطق الحضرية والجبلية.

وبعد إنفاق مليارات الدولارات في الحرب، استنتَجَ محمد بن سلمان، الذي بدأ هذه الحرب بالأساس، أن التكلفة الباهظة لا تضمن الانتصار، وأن الاعتماد على منصور هادي لا معنى له. ويُقال إن الأمير يريد أن يضع حدّاً للخسائر العسكرية وينسحب من اليمن في مقابل تسويةٍ دبلوماسية.

وكان وليّ عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات، الأمير محمد بن زايد آل نهيان، هو من اقتَرَحَ خطة عمل مشتركة مع المملكة السعودية؛ لتمكين كليهما من مواصلة السيطرة على المجريات في اليمن. ويُقال إنه طَرَحَ على محمد بن سلمان أن يُدشِّن "ثورةً داخلية"، من شأنها أن تدفع الرئيس المعزول صالح لتغيير مساره والانضمام إلى التحالف العربي بدلاً من القتال جنباً إلى جنبٍ مع المُتمرِّدين الحوثيين.

وقدَّمَ صالح، الذي أراد استعادة منصبه، والذي كان قد شنَّ معارك ضارية ضد الحوثيين خلال حكمه، 4 شروط: حذف اسمه من قائمة العقوبات الدولية، والوعد بمنصبٍ سياسي في اليمن الجديد، وضمان سلامته وسلامة عائلته، فضلاً عن مطالباتٍ ماليةٍ تقدَّم بها.

ومن الواضح أن السعودية والإمارات قد قبِلتا بهذه الشروط، التي تضمَّنَت تنحية منصور هادي، الرئيس الشرعي، وإعلان صالح "ثورته".

ولو لم يكن صالح قد قُتِلَ على يد منافسيه الحوثيين، فلربما صار للسعودية والإمارات رئيسٌ يمني "تابعٌ لهم" بجيشٍ موالٍ له، يمكنه مواجهة الحوثيين، لكن الخطة فشلت. وحتى اللحظة الأخيرة، حاول الحوثيون، الذين كانوا على درايةٍ بهذه الخطة، أن يقنعوه بأن يظل شريكاً لهم، لكنه قُتِلَ بعد خطابه الثوري.

أما الآن، فليس لدى السعودية والإمارات من هو جديرٌ بالترشُّح للرئاسة. وليست الخيارات جيدةً بأي حال، ومواصلة الحرب نكايةً في إيران مُكلِّفةٌ للغاية، سواء اقتصادياً أو على الصعيد الدبلوماسي. لكن المفاوضات مع الحوثيين تعني تنازلاً وخروجاً من اليمن، الذي سيظل تحت حكم الحوثيين؛ أي في كنف النفوذ الإيراني.

لقد فشلت السعودية في محاولتها إحداث تغييرٍ في النظام باليمن، وهي تدرك أنه ليس بمقدورها أن تُملي تحركاتٍ لإيقاف إيران وحزب الله حتى في لبنان، حيث تحظى بنفوذٍ مهمٍ ومباشر.

وكان وليّ العهد السعودي قد افتَرَضَ أن استقالة الحريري من شأنها أن تشل الحكومة وتتسبَّب في فوضى سياسية. لكن، كما هو الحال في اليمن، لم تكن لدى السعوديين خطةٌ لحسم اللعبة في النهاية. هل ظنوا أن الجمهور اللبناني سيدعو إلى الإذعان لمطالب المملكة، التي تتركَّز على انسحابِ حزب الله من سوريا والعراق واليمن؟ هل اعتقدوا أن إيران ستأمر حزب الله بالخروج من سوريا؟

يشير إعلان الحريري إلى أن السعودية لم تُحقِّق شيئاً. والاتفاق بين أعضاء الحكومة اللبنانية لتأييد سياسة عدم التدخُّل في شؤونِ بلدانٍ أخرى لا يمنع حزب الله من مواصلة عملياته في كل هذه البلدان الأخرى، فالإعلان ينطبق على الحكومة وليس على منظمة الحزب. بعبارةٍ أخرى، فإن التغيير السياسي الوحيد في لبنان هو تحقيق مصالح إيران وصفعةٌ على وجه السعودية.

أما عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فهي حقل الألغام القادم لوليّ العهد السعودي. فلم يُسفِر اقتراحه بدولةٍ فلسطينية من مناطق غير متجاورة عاصمتها أبو ديس -ولن تستطيع قيادتها المطالبة بحق عودة اللاجئين- عن شيء. والآن، تنضم السعودية إلى جميع الدول العربية والإسلامية ضد اعتراف ترامب بالقدس، حيث من المُفتَرَض نقل السفارة الأميركية، عاصمةً لإسرائيل.

يبدو أن طريقاً طويلاً، على محمد بن سلمان أن يقطعه قبل أن يتمكَّن من إملاء السياسة السعودية على الشرق الأوسط.