قال منير الجاغوب رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح ان للقدس أهمية استثنائية وفريدة على مختلف الصعد السياسية والدينية والروحية، وقد شكلت على الدوام مركزا للصراع في الشرق الأوسط، وإحدى القضايا الحاسمة لحل الصراع. وبالتالي فإنه لا يمكن التساهل مع أي قرار بشأنها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، الاستهانة بعواقبه.
وواضح الجاغوب في بيان صدر عن مفوضية التعبئة والتنظيم أن مجلس الامن الدولي وهو الجهة المكلفة بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، إعتمد العديد من القرارات بشان القدس، بما في ذلك القرار الأخير رقم 2334 لعام (2016)، الذي أوضح بشكل غير قابل للتأويل وضع القدس كمدينة فلسطينية محتلة وأكد مجددا مركزيتها، وحدد المبادئ الدولية التي تنطبق على الحالة السائدة فيها، إذ أشار المجلس بعبارات لا لبس فيها أن جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، دولة الاحتلال والتي، ترمي إلى تغيير طابع ووضع المدينة المقدسة ليس لها أية شرعية قانونية، وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وعقبة حقيقية أمام تحقيق السلام في الشرق الأوسط. كما أن قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام (1980) حدد بكل واضح مسؤوليات المجتمع الدولي في هذا الشأن، وأكد عدم الاعتراف ب" القانون الأساسي "وغيره من أعمال إسرائيل المترتبة على هذا القانون، والتي تهدف إلى تغيير طابع ووضع القدس" ، ودعا" الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس إلى سحب هذه البعثات من المدينة المقدسة ".
وأضاف البيان لقد اعتمدت هذه القرارات على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، والمبدأ الأساسي بعدم شرعية الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، وهو الأمر الذي يعكس رفض العالم لسياسات إسرائيل غير القانونية. كما أن هذا هو الموقف الذي أكده قرار محكمة العدل الدولية حول عدم شرعية الجدار العنصري الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إذ يشكل أي قرار بشان القدس ، مخالفة واضحة وأساسية لهذه القواعد، مما قد يقود نحو زلزال سياسي وقانوني، وسيكون له عواقب بعيدة المدى لا يمكن التنبؤ بها، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة اضطرابات غير مسبوقة، سيكون لها بدون أدنى شك تداعيات عالمية، إذ أنه من غير الممكن بناء السلام دون إيجاد حل عادل لقضية القدس، وأولئك الذين يعملون على ترسيخ تحقيق الضم الإسرائيلي غير القانوني للمدينة المقدسة يجعلون من تحقيق السلام أمرا بعيد المنال، وينحون بأنفسهم عن لعب أي دور لتحقيقه.
ان أي قرار سيتخذه الولايات المتحدة الأميريكية بشان القدس سيشكل بكل تأكيد عملا عدوانيا ضد حقوق الشعب الفلسطيني وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي، ومن ِشانه أن يقود إلى إنهاء أي فرصه لتحقيق حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، إذ أن موت حل الدولتين سيؤدي إلى تغيير جذري في مسيرة الصراع وفرص حله، مع ما يحمله ذلك من عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها. كما أن قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها للقدس او الإعتراف بها عاصمة لإسرائيل لن يشكل إضرارا بالشعب الفلسطيني وحده، إنما سيقود بلا شك إلى تعزيز الاحتلال والظلم والعدوان.
اننا في حركة فتح ندعو الإدارة الأمريكية إلى تقييم عواقب هذه الخطوة على صورة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى مصالحها وأمنها، إذ أن دورها الحقيقي هو خدمة مصالح الشعب الأمريكي، وليس خدمة مصالح المستوطنين الإسرائيليين. ومن المستحيل تفهم أي مبرر لهذه الخطوة العدوانية الاستفزازية والتي تتعارض مع مواقف جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية، الديمقراطية والجمهورية منها ، والتي تتعارض بشكل صارخ مع الإجماع الدولي الذي لا يتزعزع، وهو الأمر الذي سيؤثر دون أدنى شك على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعالم.
على الإدارة الأمريكية أن تختار بين الانقياد نحو القوى اليمينية الأكثر تطرفا في إسرائيل وممثليها في الحكومة الإسرائيلية، أو اختيار الدفع بعملية السلام قدما، ويجب أن يكون واضحا أن هذين الموقفين لا يلتقيان أبدا، وعلى الرئيس ترامب أن يفهم ان اب قرار بشان القدس ، هو أحد القرارات الخطيرة، والحاسمة، التي من شانها تحديد علاقة الولايات المتحدة تحت رئاسته، مع فلسطين والمنطقة العربية، والعالم الإسلامي وبقية المجتمع الدولي.
كما أننا ندعو المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، وجميع الدول، والشعوب المحبة للحرية في جميع أنحاء العالم للعمل يدا بيد للحؤول دون تحقيق هذا القرار الخطير، والدفاع عن حقوق الانسان والقانون الدولي، وحشد كل الطاقات الشعبية والسياسية والأخلاقية من اجل ذلك، إذ أننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى لوضع حد للظلم والحرمان التي يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن 70 عاما، بما في ذلك الاحتلال العسكري والاستعماري للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة منذ ما يزيد عن 50 عاما.
للشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك الحق في تقرير المصير والاستقلال، والحق في الحرية والكرامة. كما انه يمتلك كامل الإرادة لممارسة هذه الحقوق في دولته ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، هذا هو الطريق إلى السلام والأمن لجميع شعوب المنطقة. والبديل هو الصراع والفصل العنصري.