في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن تعذيب المعتقلين الأمراء ورجال الأعمال السعوديين المحتجزين داخل فندق ريتز كارلتون الرياض، نفى أحد المسؤولين لمراسلة بي بي سي ذلك.
وتأتي تلك التصريحات مع دخول أول كاميرا صحفية داخل جدران السجن الأفخم في التاريخ، والذي يحتجز عشرات الأمراء والوزراء، وحتى أنّ مراسلة بي بي سي ذهبت أبعد من ذلك ملمحة إلى أنّ الموقوفين يتمتعون بحياة الـ 5 نجوم التي يشتهر بها هذا الفندق.
حيث رفع الموقوفون قائمة أشياء وأمور يحتاجونها، منهم من طلب مدلكته الخاصة، وحلاقه الخاص، وحتى أنّ أحدهم أوصى بإضافة الكافيار الروسي على قائمة طعامه، وبحسب المسؤول السعودي "يوجد في الفندق موظفون يعملون على مدار الساعة لتقديم خدماتهم".
يقول المسؤول "نقدّم لهم الطعام الموجود في الفندق، لا نستطيع إحضار طعام آخر من الخارج".
ولا يمكن تأكيد ذلك فلم يصدر أي تصريح أو معلومة من المحتجزين منذ لحظة اعتقالهم قبل ثلاثة أسابيع.
وذكرت بي بي سي في تقريرها الثاني الأحد 27 نوفمبر/ تشرين الثاني عن زيارة فريقها الصحفي للفندق، أن أفراد طاقمها سُمح لهم بالدخول إلى الفندق الذي لا يدخل أو يخرج من بوابته المعدنية السوداء بدون إذن رسمي، بصحبة رجال الشرطة خلال منتصف الليل.
التقرير المتلفز يظهر فيه أشخاص دون وجوه "فقد شددوا على أنه لا مجال لا لتصوير الوجوه، ولا المحادثات".
وقد نشر حساب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على يوتيوب تقريراً مصوراً لمراسلة الشبكة من داخل الفندق الذي أصبح معتقلاً لأمراء ومسؤولين في الرياض.
تقول معدِّة التقرير إنها توجهت بعد منتصف الليل برفقة الشرطة إلى فندق ريتز-كارلتون حيث تم احتجاز المتهمين بالفساد في السعودية من قِبل السلطة الجديدة التي يديرها محمد بن سلمان.
وقالت في بداية التقرير: "لا أحد يدخل هنا دون ترخيص رسمي؛ هذا أحد أشهر الفنادق بالعالم، وأفخم وأكثر الفنادق رفاهيةً في الرياض، قد أصبح سجناً ذهبياً".
كانوا غاضبين!
التقت مراسلة "بي بي سي" أحد المسؤولين الذي عرّف عن نفسه بأنه عضو في اللجنة الخاصة لمتابعة عملية مكافحة الفساد برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، والذي تحدّث عن تفاصيل من ليلة 4 نوفمبر، ليلة الاعتقال.
يقول "لم يصدّقوا ما كان يحصل، واعتقدوا أنّ الأمر مجرد "عرض" ولن يستمرّ طويلاً".
ويضيف "بالتأكيد كانوا غاضبين، إذا أخبرت أحداً أنك لص فإنه سيغضب، فتخيل أن يكون هذا اللص من كبار شخصيات المملكة".
أما السؤال الأهم لماذا اختاروا هذا المكان؟ يجيب المسؤول "كنا نخشى من أن يهرب أحدهم، فوجدنا في هذا الفندق المكان المناسب للاحتفاظ بهم"، التفسير الذي وصفته مراسلة بي بي سي بـ"الغريب".
ويوضح أن "كل شخص هنا لديه ملف وكل شيء موثق فعلى مدى العامين الماضيين، وتحت إشراف ولي العهد، قام فريق بتجميع الأدلة المزعومة في سرية كبيرة مع بعض الوثائق التي يرجع تاريخها إلى عقود".
وبحسب المسؤول الذي جاء كلامه مناقضاً لكل ما نشر حول عمليات تعذيب للمعتقلين يقول "إن العملية تتم بشكل ودي، نعرض عليهم الدليل ونسألهم أن يعيدوا الأموال التي أخذوها".
الأزمات الصحية!
بحسب مراسلة بي بي سي يوجد في الفندق إلى جانب الـ 201 محتجز، خبراء من الوزارات الحكومية وسوق الأوراق المالية والمصرفيين والمتخصصين في غسيل الأموال والعدالة والعقارات إلى جانب فرق طبية وحراس أمن، وهم يتجولون في الفندق على مدار 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع للمساعدة في هذه القضايا.
وخاصة فيما يتعلق بالأوضاع الصحية للمعتقلين فمنهم "من يعاين من مرض السكري أو مشاكل في القلب" ولهذا السبب يعمل على مدار الساعة فريق من أطباء وممرضين، ويتم جلب الأدوية الخاصة لكل شخص من منازلهم،" فالغضب والإجهاد الذي يتعرضون له كبير فهم محتجزون ضد إرادتهم".
فهناك أكثر من 500 شخص يقيمون في الفندق وعلى حساب المملكة.
وهناك 7 من المحتجزين ثبتت براءتهم، وهم يتجولون بحرية داخل الفندق، وتقول مصادر رسمية أن 4٪ من المتهمين يقولون إنهم سيقدمون قضاياهم إلى المحكمة. لكن 95٪ من الأشخاص المدرجين في القائمة أصبحوا الآن على استعداد للتوصل إلى اتفاق. وهذا يعني تسليم مبالغ كبيرة من النقد أو الأصول إلى الخزينة السعودية مقابل حريتهم.
مع العلم أنه تمّ تجميد 1900 حساب بنكي، والتي يبلغ مجموعها 800 مليار دولار، ويقول أحد المسؤولين في اللجنة "حتى لو استطعنا استعادة 200 مليار أخرى فإن ذلك سيكون جيداً".
لقاء مع أحد الموقوفين
في ساعات الصباح الباكر، عدد من الرجال كانوا يتدربون في نادي الفندق، في الوقت الذي كان فيه المسبح فارغاً.
وحينها قابلت المراسلة أحد الموقوفين، يقول "أقضي معظم وقتي في الغرفة، ومعي محامٍ يركز على قضيتي" ويتابع الموقوف ذو اللحية الرمادية وهو جالس أمام التلفاز يتابع مباراة كرة القدم "أتكلم مع عائلتي كل يوم، وهنا لا يفضّلون أن يأتي أحد منهم لزيارتي".
ويجري أيضاً الموقوفون مكالمات وزيارات مع المسؤولين العاملين في شركاتهم الخاصة حتى يتمكنوا من الحفاظ على الأعمال التجارية الجارية. ويدخل الزوار من خلال الأبواب الخلفية لحماية خصوصيتهم. ويتم أيضاً ترتيب أمورهم عبر رسائل البريد الإلكتروني.
تقول المراسلة "مرافقي طلب مني ألا أسأل أكثر عن قضية الموقوف ولا حتى المزيد من الأسئلة".
ولكن خلال مغادرتها غرفة الموقوف قال لها مبستماً "أعتذر لك نسيت تقاليدنا، كان يجب أن أعرض عليك شيئاً تشربينه أو تأكلينه".
ويأمل المسؤولون أن يغلق هذا السجن أبوابه، إما في نهاية العام أو مطلع يناير/كانون الثاني من العام الجديد 2018.
أحد المستثمرين السعوديين البارزين قال لـ"بي بي سي" إن "على بن سلمان أن يغلق الملف سريعاً، لأنه إذا استمر الأمر على هذا الشكل فسيتواصل طرح الأسئلة".