العليا الاسرائيلية: المستوطنون جزء من السكان المحليين بالضفة

السبت 04 نوفمبر 2017 06:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
العليا الاسرائيلية: المستوطنون جزء من السكان المحليين بالضفة



القدس المحتلة/سما/

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا تاريخيا اعتبرت من خلاله أن المستوطنين جزء لا يتجزأ من المجتمع المحلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية، إذ يجيز القرار لسلطات الاحتلال تخصيص الأراضي الفلسطينية لاستعمالات المستوطنين وتوسيع المشروع الاستيطاني.

ويأتي القرار الصادر عن قاضي المحكمة سليم جبران في الوقت الذي تتباين المواقف من قانون "التسوية" الذي شرعه الكنيست الإسرائيلي ويسمح بمصادرة الأراضي الفلسطينية بملكية خاصة وتوظيفه للمشروع الاستيطاني، وهو القانون الذي ما زال مثار للجدل في الأوساط الحقوقية والقضائية وحتى السياسية التي ترى به منافيا للقانون الدولي ومن شأنه أن يحمل إسرائيل تداعيات قد تصل لملاحقتها وتجريمها بالمحافل الدولية.

وقضى جبران بأنه حتى في ظل القانون الدولي فمن الممكن الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنين الذين اسماهم السكان الإسرائيليين في الضفة الغربية، شريطة أن يتم ذلك بطريقة معقولة ومتناسبة.

وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلي، فإن القرار الصادر عن المحكمة العليا، قبل أسبوع، يعتبر سابقة الذي سيكون وقعه على العديد من الافتراضات الأساسية الواردة في قانون "التسوية" أو قانون "تبيض المستوطنات" الذي تم إقراره مؤخرا في الكنيست، إذ يعتمد مصير ومستقبل القانون على القرار النهائي للمحكمة العليا، ليأتي قرار جبران ويعزز المواقف القانونية للاستيطان.

وقال جبران في قرار الحكم الذي نشر مساء الإثنين الماضي، إن الأراضي الفلسطينية بملكية خاصة يمكن أن تستخدم للاستيطان، وأن هذه ليست مشكلة من حيث القانون الدولي.

هذا القرار يتنافى ويتعارض مع موقف المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت. ويذكر جبران أيضا أن المستوطنين "سكان محميون"، كما يحدد القانون الدولي وير بالفلسطينيين بالضفة الغربية.

في قرار الحكم الصادر في دعوى ضد استخدام الدولة للأرض بالقرب من مستوطنة "عامونا"، حدد جبران عدة مبادئ رئيسية، وفي أبرزها، يزعم أن للدولة سلطة باستخدام الأراضي الفلسطينية الخاصة خارج الخط الأخضر التي يغيب أصحابها، من خلال عملية قانونية اسماها "تفكيك الشراكة".

ويتم اعتماد هذه العملية في حالة وجود اثنين من أصحاب العقارات يرون بأنفسهم شركاء على الرغم من إرادتهم، ويبحثان عن طرق للفصل بينهما وتقسيم الأرض بينهما، ويتم ذلك بعد أن تصادق محكمة الصلح على الإجراء، ولهذا الغرض يلزم موافقة المالكين.

من جانبه جبران، صادق بأنه يمكن تفعيل هذه الخطة ويمكن أن تعتمد وتطبق أيضا على أملاك الغائبين في الضفة الغربية. قائلا: "من الصحيح بالنسبة لي أن أقبل موقف من قدم الدعوى والتي بموجبها، فإن المفوض لديه صلاحيات للشروع في عملية حل وتفكيك الشراكة بالأراضي، إذ تتماشى سلطة المفوض في الشروع في عملية الحل مع القانون المحلي سواء بالمعنى الشخصي أو بالمعنى الإجرائي".

وأضاف جبران أنه نظرا لأن أصحاب الأراضي سيستفيدون اقتصاديا من الأراضي المصادرة منهم، فلا حاجة إلى النظر في آرائهم بشأن طبيعة استخدام هذه الأراضي.

من جانبها، أكدت منظمة "ييش دين" أمام القاضي أن هذا الإجراء محظور بموجب القانون الدولي، لأن اتفاقية لاهاي لا تسمح بمصادرة الممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة، بيد أن جبران وفي قراره رفض ذلك، وقرر أن القسم المذكور من لوائح لاهاي ليس له أي عواقب على حالة تستخدم فيها المنطقة للاستخدام المؤقت، أي دون مصادرة ملكية الغائبين الفلسطينيين من الممتلكات، وعندما يكافئون على استخدامها، بحسب جبران.

وقال جبران إن "هذا الحظر ليس له أي تأثير على حالتنا. إن القضية المعروضة علينا لا تتعلق بحرمان أصحاب الملكية من حقوق الملكية، ولكن الاستيلاء المؤقت على الحيازة والملكية. ويشمل مفهوم الحيازة النظر في الأضرار التي لحقت بملاك الأراضي، إذ حصل أصحاب الحقوق الذين تلقت اعتراضاتهم على حق معين في جزء متساو في الحجم لنطاق الحق غير المحدد الذي في حوزتهم، أما بقية أصحاب الحقوق، الذين تم حيازة أرضهم ووضع اليد عليها، وعدوا بالأموال التي ستتحقق من استخدام الأرض".

يذكر أن الاعتراض الرئيسي للمستشار القضائي للحكومة على قانون "التسوية" مستمد من نفس المادة في اتفاقية لاهاي، إلا أن القاضي جبران حكم الآن أنه لا يتعارض مع إمكانية المصادرة المؤقتة. منذ وقت ليس ببعيد كتب مندلبليت في معارضته لقانون "التسوية" أن "الترتيب المقترح يتناقض مع التزام القائد العسكري في يهودا والسامرة بحماية ممتلكات السكان الفلسطينيين في المنطقة كترتيب لنزع الملكية المحظور لحقوق الملكية ومصادرة الأراضي من أصحابها القانونيين. وهذا التزام متزايد منصوص عليه في أحكام القانون الدولي".

كما قضى القاضي جبران بأن وضع المستوطنين في الضفة الغربية يشبه وضع الفلسطينيين الذين يعرفهم القانون الدولي بأنه "سكان محميون"، ولذا يجب على الحاكم العسكري الاهتمام باحتياجاتهم وتلبية مطالبهم.

وقال جبران إن "الاستيلاء على الأراضي بملكية خاصة وأصحابها غائبون، هو جزء من الالتزام بالوفاء بالتزامات للمستوطنين. وعندما أصبح واضحا أن القائد العسكري ملزم بالعمل أيضا من أجل رفاهية السكان المستوطنين في المنطقة، ليس هناك خلاف بأن هذا الأمر يحقق هذا الهدف بالفعل، لأن مطالبتهم الثابتة هي أن رفاهية سكان مستوطنة "عامونا" كانت في جذورها ".

وكتب جبران قائلا: "هذا الاعتقاد الذي انتقده الملتمسون الفلسطينيون ونسب له دوافع سياسية غير سليمة، لا يستحق إدانتي للبيانات التي أدلي بها. وهذا اعتبار من سلطة وصلاحية الحاكم العسكري للنظر فيه، بالواقع أن تسوية سكان مستوطنة "عامونا" على أراض خاصة جرت بصورة غير مشروعة، ولا يوجد خلاف حول التزام الدولة بالعمل وفقا لحكم هذه المحكمة وإجلائهم. ومع ذلك، فمن الصحيح أن نرى الوضع الذي كان به سكان "عامونا" عشية الإخلاء، عندما كانت منازلهم على وشك أن يتم تدميرها، باعتبارها حاجة إنسانية فالحاكم العسكري كان لديه صلاحية للنظر فيها".

غير أن القاضي أوضح أن ليس كل إجراء يحق للدولة أن تضر بالسكان الفلسطينيين، وأن الحجة الإنسانية ضد المستوطنين ليست كافية لتبرير إيذاء الفلسطينيين. وقال "أذوت مرة أخرى أن هذه الصلاحية لا تمنح الفضل الكامل لاتخاذ أي إجراء مهما كان، وأن تنفيذها يخضع لقواعد القانون العام الإسرائيلي، بما في ذلك مبادئ التناسب والمعقولية".

وفي نهاية الحكم، قبل القاضي جبران التماس "ييش دين" بشأن تخصيص الأراضي بالقرب من مستوطنة "عامونا" لصالح الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، وذلك بسبب الإخفاقات الإدارية والعيوب المكتشفة في الإجراءات. 

ويذكر ان القاضي جبران صادق على حجر الأساس وعلى الكثير من الأسس القضائية والقانونية للمشروع الاستيطاني بالأراضي الفلسطينية المحتلة وقانون "التسوية" الذي ما زال قيد التداول في أروقة المحكمة العليا.