تدين وزارة الخارجية والمغتربين تصريح رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماي" بالأمس في مجلس العموم البريطاني، الذي أكدت فيه إصرار بلادها على الاحتفال بالذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، وافتخارها بدور بريطانيا في تأسيس دولة إسرائيل، وإمتنانها لمستوى العلاقات مع إسرائيل في عدة مجالات، في تأكيد بريطاني جديد على عدم الإعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، حتى بعد مرور 100 عام على وعد بلفور، وكأن هذا الوعد لا زال قائماً بنفس النهج والتفكير والعقلية، وكأننا أيضا نقف أمام بريطانيا اليوم كامتداد للعقلية البريطانية الإستعمارية العنصرية. في هذا السياق، تؤكد الوزارة أن دولاً إستعمارية كثيرة قامت بمراجعة نفسها وتحملت مسؤولية أخطائها التاريخية التي ارتكبتها بحق شعوب استعمرتها لفترة زمنية طويلة، وقدمت الإعتذار لها، كسلوك سياسي وأخلاقي يليق بالدول التي تحترم نفسها في تعاملها مع الاخرين وفي تحملها لمسؤولياتها التاريخية اتجاه جرائم ارتكبتها في السابق، غير أن بريطانيا لا تزال متعنتة ورافضة الاعتراف بأخطائها وجرائمها التي ارتكبتها خاصة بحق الشعب الفلسطيني، عبر إعلانها عن تنظيم إحتفالات بتلك الجريمة والخطيئة الكبرى، وتعتبر ذلك فخراً لها. إذن نحن أمام موقف يتناقض تماما مع ما يجب أن يكون عليه الموقف البريطاني في القرن الـ 21، بل وللأسف الشديد، لم تتم حتى اللحظة أية مراجعة نقدية للذات من قبلها تجاه تاريخها الاستعماري، وتجاه جرائمها بحق الشعوب التي استعمرتها وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني. ويبدو أن النظرة الاستعمارية لا تزال تحجب عن بريطانيا رؤية جرائمها بحق شعب يعيش في وطنه فلسطين ويملك أرضه، منذ أن أصدرت وعدها المشؤوم في عام 1917 ومنحت دون وجه حق أو ملكية أياً كانت أرضنا لشعب آخر لا يملكها.
تؤكد الوزارة أنها بذلت قصارى جهودها وحاولت كثيراً من أجل عدم الوصول الى مثل هذا الوضع التصعيدي، وكانت هناك محاولات حثيثة من طرفنا، وتواصلنا مع الجانب البريطاني باستمرار وعقد معالي وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي، لقاءات مع نظيره البريطاني في مقر وزارة الخارجية البريطانية، وقدم مقترحات عملية لتحاشي مثل هذا التصعيد قبل السابع من تشرين ثاني/نوفمبر القادم، عندما يصل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى لندن تلبية لدعوة رسمية من قبل رئيسة الوزراء البريطانية للمشاركة في تلك الاحتفالات الاستفزازية، ورغم أننا واصلنا مساعينا لتجنب الوصول الى مثل هذا التصعيد، الا أن بريطانيا رفضت وبتعنت واضح مناقشة هذا الموضوع، على إعتبار أن فلسطين ليس لها الحق في مساءلة بريطانيا بأي شيء، وليس من حق أحد أن يسائلها على ما اقدمت عليه من جرائم في تاريخها الاستعماري، لأنها فخورة به، بل بالعكس وكأن الخطيئة إرتكبناها نحن الفلسطينيون من خلال طرح موقفنا الداعي لمراجعة وعد بلفور ومطالبة بريطانيا بالإعتذار عنه وتحمل مسؤولياتها التاريخية عن تداعياته ونتائجه، ومطالبتنا على الأقل بتعديل موقفها من خلال الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من الواضح أن بريطانيا قررت التصعيد من خلال إصرارها على تنظيم تلك الاحتفالات الاستفزازية والتصريحات غير المسؤولة، مما يجبرنا كجانب فلسطيني أن نفكر في طبيعة الاجراءات الواجب اتخاذها لحماية حقنا والدفاع عنه. تُحمل الوزارة الحكومة البريطانية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن أي تصعيد سيتم بناء على خطوات قادمة، لأنها هي التي اختارت التصعيد وتجاهلت الحق الفلسطيني، وقررت عدم إحترام مشاعر الشعب الفلسطيني، ولم تأخذ بالمناشدات والنداءات للتراجع عن تلك الاحتفالات الاستفزازية.