كتب يوني بن مناحيم في موقع "نيوز ون " العبري : - رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية منشغل في الفترة الأخيرة بماراثون من المكالمات الهاتفية مع زعماء في العالم العربي وشخصيات سياسية في دول العالم لحماس علاقات معها، مثل نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، من أجل التسويق لاتفاق المصالحة مع فتح وإظهار حماس كحركة سياسية أصبحت أكثر اعتدالاً، وعليه يجب أن تكون شريكًا في أي عملية سياسية في المنطقة.
مسؤولون في حركة حماس يقولون ان اتفاق المصالحة مع فتح يساعد الحركة في جهودها لتحقيق اعتراف دولي بعد ان فشلت محاولاتها في شهر مايو من هذا العام حين نشرت وثيقة سياسية جديدة، وأعربت عن استعدادها للموافقة على دولة فلسطينية على حدود 67 دون تغيير ميثاق حماس المعادي للسامية منذ عام 1988 ودون اعتراف بإسرائيل ونبذ "العنف".
قيادة حماس الجديدة ترى في "الضوء الأخضر" الذي منحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاستئناف جهود المصالحة بين فتح وحماس فرصة لمحاولة الحصول على اعتراف دولي بها كقوة سياسية شرعية في الساحة الفلسطينية دون القبول بالشروط التي حددتها الرباعية عام 2006. القيادة تلقت هذا الأسبوع دعمًا غير متوقع من توني بلير، رئيس حكومة بريطانيا السابق ومن كان مبعوث الرباعية للشرق الأوسط وحاول التوسط بين حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق تهدئة طويل الأمد في قطاع غزة، حيث قال بلير في مقابلة أجراها مع الصحيفة البريطانية "الأوبزرفر" في 15 أكتوبر أنه وزعماء آخرين في العالم أخطأوا في قرارهم بمقاطعة حماس بعد أن فازت في الانتخابات التشريعية عام 2006، وأنه كان عليهم جر حماس للحوار وتغيير مواقفها بدلًا من المقاطعة.
في حماس يرون في تصريح بلير المعلن إشارة للتراجع من قبل زعيم مهم في الغرب، إشارة تشجعهم لمواصلة المفاوضات والتسويق للحركة في العالم كجهة سياسية شرعية. في حركة فتح تطرقوا لهذا الأمر، وحسب مسؤولين في الحركة فإن نظام المعلومات في السلطة ينوي استغلال حديث بلير من أجل مهاجمة اسرائيل والطلب منها رفع الحصار الاسرائيلي عن قطاع غزة. غير واضح حتى الآن ما هي دوافع بلير من وراء الخروج الآن تحديدًا للإدلاء بهذه التصريحات؛ هل الأمر مرتبط برغبته في ان يكون مستشارًا أو مبعوثًا خاصًا من قبل إدارة ترامب في قضايا الشرق الأوسط أو ان الأمر مرتبط بأعماله في المنطقة؟
لكن تصريحاته تُفسر من قبل الفلسطينيين كـ "خطوة تليين" للغرب ولإدارة ترامب قبيل نشر خطة السلام الأمريكية الجديدة (صفقة القرن)، مسؤولون كبار في فتح يدّعون بأنه ليس هناك فراغ في السياسة الدولية، وأن تصريحات بلير تشير لاتجاه إدارة ترامب لفتح نافذة حوار مع حركة حماس قبيل نشر خطته السياسية الجديدة، حتى ان الحديث ليس عن حوار رسمي، بل اتصالات من خلف الكواليس من أجل منع فشل محتمل للخطة من طرف حماس.
تصريحات بلير مضرة لإسرائيل من ناحية أنها قد تقوض موقف الرباعية الدولية فيما يتعلق بحركة حماس، التي رغم اتفاق المصالحة مع فتح لم تغيّر من مبادئها، انها ترفض الاعتراف بإسرائيل، إدارة مفاوضات معها ونبذ "العنف".
استراتيجية القيادة الجديدة لحماس هي الحصول على شرعية دولية دون تغيير مبادئها وعلاقاتها بإسرائيل، الرئيس ترامب اعتبر حماس خلال خطابه في مؤتمر الرياض "حركة ارهابية" لكنه أيضًا فهم ان حماس لديها القوة التي تمكنها من عرقلة أي خطة سياسية جديدة في المنطقة من خلال قوتها العسكرية الكبيرة في القطاع، ومن خلال العمليات. لذلك، على إسرائيل ان تكون متيقظة من ناحية سياسية، وأن تصر على ان الرباعية الدولية تلتزم بالشروط التي حددتها بالنسبة لحركة حماس قبل 10 سنوات دون طيها وتقديم افتراضات رغم اتفاق المصالحة مع حركة فتح.
مؤخرًا تفاخر زعيم حماس في غزة يحيى السنوار بأن إيران هي الداعم الأكبر للحركة ماديًا وعسكريًا، وأن حركته مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني الذي فرضت عليه الولايات المتحدة قبل أيام فقط عقوبات جديدة بسبب نشاطاتها الإرهابية.
هدف حماس المتعلق بإسرائيل والمتمثل بالهدف الإيراني وهو تدمير الكيان الصهيوني في المنطقة؛ لذلك فإن توقيع حماس على اتفاق المصالحة مع فتح هدفه خدمة المصالح الداخلية للحركة، وليس من أجل التوصل لاتفاق سلام مع دولة إسرائيل. حسب مسؤولين في حماس، بعد ان تتحمل السلطة المسؤولية المدنية للقطاع، ستحول حماس مواردها المالية لتعزيز إضافي لقدراتها العسكرية وقواعدها كحركة مقاومة تدافع بالسلاح عن الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل.