شدد الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات،" الأمة العربية اليوم تواجه أسوأ أيامها بسب الاضطرابات والعنف الذي تعيش فيه وحالة الانسداد المعرفي، إذ لا يوجد بلد عربي لم تمسه حالة العنف الفكري، الذي تمارسه تنظيمات الهوس الديني، وقد سادت حالة من الفوضى والحروب عدد من الدول العربية مما يهدد كيان المجتمعات العربية والاسلامية بمستقبل غامض وحاضر سماته العنف والقتل، وقد بلغت حالة الإنسداد مرحلة تنذر بتفكك الدول العربية إلى كيانات ومجموعات ذات إنتماء طائفي ومذهبي وأحياناً مناطقي".
وقال، "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي يعرف اختصاراً بـداعش، هو تنظيم سلفي وهّابي مسلح، يوصف بالإرهاب يتبنى فكر التطرّف الموجود في كل زمان ومكان باختلاف الجماعات والتجمعات لذلك ربطهم بالإسلام ربط زائف مغاير للحقيقة ومغاير لحقيقة الاسلام، لذلك وجب التصدي لهذا الخطر الداهم الذي يهدد الحدود والوجود، حيث يحتاج ذلك الى وقفة من رجالات الدين والثقافة لتحدد مناطق الخطر والخلل وترسم خارطة الحل".
وأشار عيسى، "الارهابيون يندرجون تحت ثلاث فئات أولها بل أخطرها على الاطلاق الآيديولوجيون والمنظرون وهم أصحاب الفتاوى للجهاد ممن يحرض على الارهاب تحت مسمى الجهاد دون الاشتراك به لجبنهم، أما الفئة الآخرى فهي فئة المنفذون وهم الانتحاريون والمسلحون الآخرون."
وتابع, "الممولون هم الفئة الثالثة من تجار وأثرياء يضخون الأموال بدوافع شتى منها العقائدي ومنها الشخصي ومنها ما ينتج تحت ضغط أو تهديد من نفس الارهابيين، لذا فان محاربة الارهاب تبتديء بتجفيف منابعه العقائدية بمحاربة الفئة الأولى أولا وتجفيف منابعه المادية بمحاربة الفئة الثالثة ثانيا ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي محاربة الفئة المنفذة".
وأوضح د. حنا عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي، "أن التطرف من أكثر القضايا إثارة للجدل والاهتمام ومن أهم ما يؤرق الوطن العربي، وهو ظاهرة سلبية تجثم على صدر المجتمعات الإنسانية قديما وحديثا، وتتجلى انعكاساتها على مستويات متعددة، حيث أن تأثيراتها تخلف آثارا سلبية، تمكن من تغلغل التعصب بين فئات المجتمعات، وبالتالي اتساع هوة تماسك بنياته الاجتماعية، فيهدد بذلك أمنه الاجتماعي، فضلا عن شرخه لاستقراره الأمني العام".
وأضاف, "تعد حدود التطرف نسبية وغامضة، ومتوقفة على حدود القاعدة الاجتماعية والأخلاقية التي يلجأ المتطرفون إلى ممارساتها، فالتطرف ظاهرة مرضية بكل معنى الكلمة وعلى المستويات النفسية الثلاثة، المستوى العقلي أو المعرفي، والمستوى العاطفي أو الوجداني، والمستوى السلوكي".
ونوه القانوني حنا، "في أحيان كثيرة تكون المرأة في مقدمة ضحاياه نتيجة لتعثر مسيرة التنمية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات العربية. وهو يزيد الشعور بالقهر نتيجة المعايير المزدوجة بالعلاقات الدولية تجاه قضايا العرب والمسلمين، والتي يأتي في مقدمتها استمرار القضية الفلسطينية واحتلال الأراضي العربية والاندفاع نحو الحلول المتطرفة خاصة في ظل تنامي دور قوى فاعلة، سواء كانت دولاً أوجماعات في إذكاء التطرف".
وقال، "يقوم التعصب للرأي والقناعات، على إلغاء الآخر ونفيه، والتعامل معه بتشدد وحدّة فكرية أو سلوكية، وهذا ليس بالنهج الجديد، ولا يختص بفترة زمنية دون أخرى، ولا بمجموعة بشرية معينة، بل هو ظاهرة بشرية طبيعية موجودة منذ وجد الإنسان، وستظل موجودة ما دامت الحياة البشرية؛ لأنه يتعلق بطبائع البشر وميولهم ونفسياتهم".
وأشار أمين نصرة القدس، "من أسباب التطرف، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وفكرية وايديولوجية، فأعداد كبيرة من شباب العرب والمسلمين هم فقراء عاطلون عن العمل، إضافة لتلقيهم التعليم والتنشئة الاجتماعية على ثقافة الاستعلاء ورفض الآخر والتسفيه منه وتراجع التفكير النقدي وانتفاء ثقافة المشاركة".
وتابع, "الخطابات الدينية المتعصبة التي تستند إلى تأويلات وتفسيرات خاطئة تعد ايضا من اسباب التطرف، بالاضافة لتجنب الفهم الصحيح للإسلام، ومجافية روح الأديان كلها من الحفاظ على القيم الروحية النبيلة التي تعتمد على المحبة والرحمة والتسامح، وتنبذ التعصب والكراهية، يضاف الى ذلك ثلاثية الفقر والأمية والجهل، التي تدفع الشخص إلى الانسياق وراء خطاب ديني مشوه، وفتاوى وتأويلات مغلوطة، وآراء ضيقة الأفق، ومناخ معادٍ لثقافة الاختلاف".
وأوضح الدكتور عيسى، "التطرف لا يعاقب عليه القانون ولا يعتبر جريمة، بينما الإرهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون، فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة الاجتماعية والقانونية ومن ثم يصعب تجريمه، فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار هذا الأخير لا يعاقب على النوايا والأفكار، في حين أن السلوك الإرهابي المجرم هو حركة عكس القاعدة القانونية ومن ثم يتم تجريمه. ويختلف التطرف عن الإرهاب من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر، تكون وسيلة علاجه هي الفكر والحوار، أما إذا تحول التطرف إلى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلى نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة وأسلوبها".