يديعوت : مصر تخشى اغتيال اسرائيل لـ"السنوار"

السبت 14 أكتوبر 2017 03:58 م / بتوقيت القدس +2GMT
يديعوت : مصر تخشى اغتيال اسرائيل لـ"السنوار"



القدس المحتلة/سما/

قال المحرر العسكري لصحيفة يديعوت احرونوت العبرية اليكس فيشمان، في ملحق الصحيفة اليوم ان احد أكثر الشخصيات الخاضعة للحراسة على الأراضي المصرية، هذه الأيام، هو زعيم حماس في غزة، يحيى سنوار.

حتى خلال كل تلك السنوات التي كان فيها خارج السجن إسرائيل ويتعرض للملاحقة المتماسكة من قبل الشاباك، لم يحظ بنطاق الحماية التي يحظى بها اليوم. المصريون يتعاملون معه كحبة كباد ثمينة، ملفوفة بالكتان الناعم، وموضوعة داخل صندوق فضي.

سنوار، رئيس الجناح العسكري لحركة حماس سابقا، هو الاستثمار الاستراتيجي الأهم بالنسبة للمصريين حاليا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. انه المفتاح لتحقيق حلم مصر بالعودة الى مكانة الدولة العربية الأكثر تأثيرا في المنطقة، تلك التي سيحج إليها الجميع كي تضع للانشقاق في المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي سيجبر نتنياهو على الجلوس أمام قيادة فلسطينية موحدة والحديث عن الاتفاق الدائم.

وبالمناسبة، فإن شهية مصر للعودة إلى وضع الدولة العربية الرائدة لا تقتصر على القضية الإسرائيلية -الفلسطينية. المصريون يعتبرون أنفسهم المحور الرئيسي الذي سيؤدي إلى المصالحة في سورية. وفي الاجتماعات مع قادة العالم، بما في ذلك في إسرائيل، يعرضون انفسهم باعتبارهم العامل الوحيد الذي يتمع بالقدرة على التحدث مع الأسد ومع نتنياهو، مع بوتين ومع ترامب، مع الأكراد ومع الدروز، مع أردوغان بل حتى الإيرانيين. وفي رأيهم، يمكن لهم فقط تربيع الدائرة السورية. المصريون ينتظرون فقط أن تتوجه إليهم إسرائيل للحصول على المساعدة بشأن قضية اتفاق الوضع النهائي في مرتفعات الجولان.

لم تبدأ الحراسة الشاملة حول سنوار بهبوطه هذا الاسبوع في القاهرة للمشاركة في المرحلة العملية من محادثات المصالحة بين حماس وفتح. فالاستخبارات المصرية "تحاصره" منذ عدة اسابيع، حتى عندما يكون في القطاع، لأنه سبق للمصريين ان فقدوا استثمارا استراتيجيا باهظا في القطاع لأنهم لم يكونوا على قدر كاف من اليقظة.

في عام 2012، استثمرت المخابرات العامة المصرية في "التوأم السيامي" لسنوار، أحمد الجعبري، الذي تم نعته هنا باسم "رئيس أركان حماس". وقام المصريون بتمرير الجعبري بسلسلة من "إعادة التثقيف" بهدف تحويله إلى رأس الحربة للمصالح المصرية في المنطقة: بدء من انفصل حماس عن الحركات الجهادية في سيناء، وانتهاء بقدرة مصر على السيطرة على قوة الاحتكاك بين اسرائيل وحماس، وعلى الحوار بين حماس وفتح.

لقد بدأت المخابرات المصرية العامة الشعور بأن استثمارها بالجعبري بدأ يحقق الثمار. الا ان الشاباك الاسرائيلي برئاسة يورام كوهين ونائبه آنذاك، نداف ارجمان، رئيس الشاباك الحالي – لم يتأثرا بالجهد المصري وامكانية ان يؤثر الجعبري على وضعنا الأمني. وفي 14 تشرين الثاني 2012، جلس الاثنان في غرفة عمليات الشاباك، وأصدر نداف ارجمان، الذي قاد العملية، الإشارة لإطلاق صاروخ من ما يسمى "الطائرات الإسرائيلية" باتجاه السيارة التي سافر فيها الشخص الذي اعتبره الشاباك المستهدف الأول للاغتيال. وقتل الجعبري على الفور.

وكانت تلك هي الإشارة الافتتاحية لعملية "عامود السحاب". لقد فقد المصريون رصيدا هاما لهم، استثمار، وحتى يومنا هذا يكلفون انفسهم تبليغ كل إسرائيلي مستعد للاستماع: "كم كنتم اغبياء..."

واليوم، أيضا، يسود التخوف لدى مصر وحماس من أن تقوم إسرائيل باغتيال حبة الكباد الحالية، لأنه يتم النظر الى إسرائيل على أنها ستفعل كل ما هو ممكن لتجنب الوصول إلى طاولة المفاوضات. وإذا كان سنوار هو المفتاح لذلك، فهناك فرصة، في نظر حماس والمصريين، بأن تقوم بقطع رأسه. في هذه الأثناء، يتواجد أعداء سنوار الفوريين في البيت. لقد كسر الرجل الحمض النووي لحماس، بحيث ستتسع دوائر الناس الذين يسعون للنيل من رأسه كلما اتسعت وتقدمت المحادثات مع فتح.

نمر يصعب ترويضه

يعلم خالد فوزي، رئيس جهاز الأمن العام المصري، أنه يحتضن نمرا يصعب ترويضه. لقد قضى سنوار معظم حياته وراء القضبان: إما في السجن الإسرائيلي أو في قطاع غزة، وهو نوع آخر من السجن. ليس لديه معرفة حقيقية مع العالم السياسي والدبلوماسي.

وهو يعرف ما هو الجيد لمخيمات اللاجئين والحركة. إقليميته، تصوره للعالم بالأبيض والأسود، إلى جانب المتانة والتعصب والكثير من الكاريزما - تخلق شخصية بنيت للتحولات الدرامية. لقد "رتب" له المصريون - بمساعدة السلطة الفلسطينية وإسرائيل - أسوأ أزمة إنسانية شهدتها غزة منذ صعود حماس قبل عشر سنوات، ومن ثم خلقوا له الحل الذي أجبره على اتخاذ قرارات صعبة.

وقام باتخاذها لوحده. في حماس لم يتم حتى الان اتخاذ قرارات استراتيجية رئيسية تعني اجراء تحول سياسية على ايدي شخص واحد. لقد مرت القرارات دائما بمجلس الشورى، بالمكتب السياسي، أو كليهما معا. واستغرق الأمر وقتا طويلا، واتخذت القرارات بالإجماع. لكن سنوار اتخذ لوحده بعض القرارات المثيرة جدا: التخلي عن قطر وأردوغان والإخوان المسلمين في مصر، والسعي للحصول على الدعم السياسي والاقتصادي المصري؛ والتوجه نحو عملية التخلي عن الحكم المدني في قطاع غزة إلى العدو الأيديولوجي الذي هزم في ثورة مجيدة في عام 2007، والاعتراف بفشل حكومة حماس في ادارة الحياة اليومية في قطاع غزة؛ وقطع الاتصال تدريجيا مع رجال داعش في سيناء.

كان يمكن لسنوار السماح لنفسه بعمل ذلك، لأنه يترأس قادة حماس في قطاع غزة، الذين يتماثل حوالي 40 في المئة منهم مع الجناح العسكري للمنظمة. وعلاوة على ذلك، فإن أكثر من ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية لحماس، هم من الأسرى المحررين، مثله.

والأهم من ذلك: يتمتع سنوار بالدعم الشعبي الواسع لأنه اول زعيم لحماس يعرض على الجمهور في غزة حل المصالحة مع فتح، والذي يمكن أن يحسن حياتهم ويزيل الحصار المصري. انه يتمتع بالتفويض – وهو ما لا يمكن أن يقال عن أبو مازن، الذي يحظى بدعم شعبي منخفض وفقا لاستطلاعات الرأي الداخلية التي أجرتها السلطة الفلسطينية نفسها. الرئيس ترامب يتمتع، في يوم سيء، بتأييد أكبر من الجمهور الأمريكي، مقابل ما يتمتع به  أبو مازن من تأييد في الجمهور الفلسطيني في يوم جيد.

ومع ذلك، فإن القرارات التي اتخذها سنوار، من دون الاجماع الذي كان متعارفا عليه حتى الآن في قرارات حماس، خلق تصدعات بين مختلف مجموعات المصلحة داخل وخارج غزة، التي تواجه مكانتها التهديد بسبب الارتباط بمصر والمصالحة الفلسطينية الداخلية.

في قيادة فتح في غزة، على سبيل المثال، لا يحب أتباع محمد فكرة دفعه جانبا مع عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة باعتبارها لاعبا رئيسيا – بينما كانت مصر قد دفعت به الى القطاع معامل في عملية المصالحة بين التنظيمات وكوريث محتمل لعباس. أبو مازن لا يريد رؤية دحلان أو أي من رجاله في أي منصب رفيع في قطاع غزة. كل تقدم في نقل السلطة في غزة الى أبو مازن، سيخرج دحلان من الصورة، ومرة اخرى سوف يجد رجاله انفسهم بدون تأثير. وهنا يبرز رئيس المخابرات المصرية كواحد من أفضل لاعبي البوكر في المنطقة: لقد استغل فوزي دحلان من اجل دفع أبو مازن نحو العملية. وفي اللحظة التي علق فيها أبو مازن في الشبك ووصل الى المحادثات، أنهى دحلان دوره.

في الوقت الحالي، يعتبر الأمن هو العقبة الأكبر في اتفاق المصالحة بين حماس وفتح: من سيكون مسؤولا عن الجانب الأمني في قطاع غزة وماذا سيحدث للجهاز الأمني التابع لحماس والجناح العسكري للحركة. المصريون يريدون تأجيل النهاية ويحاولون إقناع الطرفين بالانتظار مع هذه المسألة إلى أن يتم التوصل الى اتفاق مع اسرائيل. وهكذا تتمكن حماس من مواصلة الاحتفاظ بقوتها العسكرية المستقلة، ومن اجل استرضاء السلطة الفلسطينية - التي تطالب بسلاح واحد وقانون واحد وسلطة واحدة - ستحافظ حماس العسكرية على مستوى منخفض في التدريبات واختبار الأسلحة. وستصدر القرارات بشأن مهاجمة إسرائيل بالتشاور مع السلطة الفلسطينية.

ينبغي حل هذه القضايا الأمنية في نهاية المطاف من قبل لجنة مشتركة تضم مصر ودول عربية أخرى. وقد تم التوصل إلى قرار بهذا الشأن، في عام 2011، في اطار اتفاق القاهرة الذي يتضمن جميع عناصر التكامل السياسي بين حماس وفتح، مثل آليات الانتخابات والتعاون العسكري والمدني. ويشكل اتفاق القاهرة الأساس للمناقشات الجارية بين حماس والسلطة الفلسطينية حاليا.

لقد حطم سنوار احتكار حماس للأمن في قطاع غزة في حقيقة موافقته على مناقشة نقل بعض مناصب الشرطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية. في المحادثات التمهيدية، قدم المصريون حلولا لم يتم رفضها نهائيا، مثل نقل أجزاء من وزارة الداخلية في غزة إلى السلطة الفلسطينية، بما في ذلك نقل الشرطة الزرقاء إلى مسؤولية وزير الداخلية التابع لرئيس الوزراء رامي الحمدالـله. وهكذا تتخلى حماس، في الواقع، عن حوالي 12 الف شرطي مسلح. أحد الخلافات هو ما سيتم عمله بأسلحة هؤلاء الشرطيين – هل سيأخذونها معهم إلى شرطة السلطة الفلسطينية ام ستبقى في أيدي حماس.

من ناحية أخرى، أعلنت حماس أنها لا تنوي التخلي عن المخابرات السرية في الأمن الداخلي، التي تعتمد عليها. وتشمل هذه الآلية حوالي 6000 ناشط في حماس الذين يعملون ضد الجهات التخريبية. وفي الآونة الأخيرة فقط، اعتقل رجال المخابرات المطلوب رقم واحد - زعيم داعش في غزة، نور عيسى، مع مجموعة من الأشخاص المقربين منه. ولا يزال من غير الواضح ما سيحدث للآلية في الترتيب الجديد. لكن حماس تخلت بالفعل عن وجودها في معبر رفح الذي سيتم نقله إلى الحرس الجمهوري - جهاز السلطة الفلسطينية في رام الله، والذي سيتولى ايضا حراسة الحكومة الجديدة.

ثلاثة عصافير بضربة واحدة

المسؤولون الذين يحيطون بسنوار ينظرون الى هذه التنازلات الأمنية الصغيرة ويقدرون أن هذه ليست سوى البداية. داخل الجناح العسكري لحركة حماس هناك مجموعة أيديولوجية قوية جدا، بعضهم مؤيدون للنضال الجهادي ضد إسرائيل و "الأنظمة الفاسدة" في المنطقة، وهؤلاء يخشون ما يعتبرونه بمثابة بيع حماس كليا. وتوجد في الجناح العسكري، ايضا، قيادة مناصرة لإيران. والتقارب مع مصر يدفع إيران وحزب الله خارج قطاع غزة، فيما كانت الحركة تتمتع طوال سنوات بدعم مالي ومهني منهما. ويخشى الفصيل الموالي لإيران من ضياع سنوات الاستثمار، وفقدان مكانتهم معها.

على الرغم من أن الرجل الأكثر تماثلا مع التقارب مع إيران - صالح العاروري، الذي انتخب نائبا لرئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، ترأس وفد حماس إلى المحادثات مع السلطة الفلسطينية في القاهرة. الا ان هذا لا يطمئن مسؤولين كبار مثل مروان عيسى، قائد الجناح العسكري، او محمود الزهار، فهذان يقودان خطا مواليا لإيران في قيادة حماس في غزة، واختفيا من الرادار العام في الاسابيع الاخيرة. كلاهما، مثل غيرهما من كبار المسؤولين، قد يستنتجون أن سنوار هو نوع من مغامر يخوض مخاطر لا داعي لها ويهدد حركة حماس.

الإيرانيون، من جانبهم، لم يتوقفوا للحظة عن نشاطهم التخريبي ضد إسرائيل في غزة والضفة الغربية. وأي محاولة للمصالحة من شأنها أن تفسد هذا النشاط ستزيد فقط من شهيتهم لتحييد أي عامل مزعج عن الحلبة. ويقوم ضباط أجهزة المخابرات الإيرانية المتمركزين في بيروت بتفعيل خلايا فلسطينية وعملاء في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويمكنهم تصفية سنوار دون ان يرمش لهم جفن.

تعيين العاروري رئيسا للوفد هو محاولة من قبل سنوار وهنية للقبض على ثلاثة طيور بضربة واحدة: كم افواه المؤيدين لإيران، تحييد أنصار الرئيس السابق للمكتب السياسي خالد مشعل، الذي لا يحب هذه التحركات، وايضا اعطاء تمثيل لرجال الضفة، لأن العاروري انتخب مؤخرا رئيسا للحركة في الضفة الغربية.

وينضم إلى قائمة المعارضين الموظفون الكبار في حماس، الذين سيضطرون إلى اخلاء المكاتب الوزارية لصالح الوزراء الذين سيصلون من رام الله، ويتعرضون الى الفصل الجماعي من العمل. وهناك ايضا منظمات سلفية تتعرض للاضطهاد من قبل حماس، وتهدد علنا رؤوس سنوار ورجاله. ويشمل هذا التهديد أيضا إمكانية تكثيف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، من أجل توريط قيادة حماس في مواجهة مع إسرائيل من شأنها أن تفسد التحركات السياسية.

ومثال على ذلك حدث هذا الأسبوع. وقد رد الجيش، بشكل متوسط، بواسطة الدبابات، على صاروخ تم اطلاقه من القطاع، لأن اسرائيل لا تريد التخريب على خطوة تقوم بها صديقة هامة مثل مصر بدعم من امريكا، روسيا، الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي، وغالبية دول العالم السني. إسرائيل لا تقوم حاليا، بأي تحرك لتقويض محاولات المصالحة بين حماس وفتح لأنها تفترض أنهم لن يتوصلوا إلى نقطة الحسم التي تتطلب تدخلها.

وفي إسرائيل يسود الاحتمال الكبير بأن عملية المصالحة ستفشل كما فشلت ست خطوات مماثلة منذ عام 2007، وهكذا يمكن السماح للمصريين بالاستمتاع. وستنتهي المتعة عندما يتبين أن استراتيجية فصل غزة عن الضفة، التي مارستها إسرائيل طوال 12 عاما انقضت، منذ فك الارتباط، من أجل التهرب من عملية سياسية حقيقية - لم تعد ذات أهمية.

يحيى سنوار يعرف كتائب العدو التي تتراكم. في الأسابيع الأخيرة يظهر أمام مختلف المنتديات، خاصة الشباب، ويقنعهم بأنه اختار الخطوة المنطقية الوحيدة التي يمكن أن تبقي حماس على قيد الحياة. ولديه ايضا رسالة لأعدائه. في تلك "الحلقات المنزلية" يشرح بأن أي شخص يعترض على عملية المصالحة سوف يقوم بكل بساطة بكسر رقبته. وعندما يعد يحيى سنوار بأنه سيكسر العنق بيده، يجب أن يؤخذ على محمل الجد. لقد سبق وفعل ذلك لأحد خصومه، وليس منذ فترة طويلة.

قدرة سنوار على اتخاذ القرارات واجراء تحول في استراتيجية حماس ليست ميزة فقط، بل هي أيضا أكبر عيب له. إذا فشلت هذه الخطوة، يمكن لسنوار أن ينفذ تحولا بنسبة 180 درجة نحو مواجهة شاملة مع المصريين وإسرائيل.