تقديرات المخابرات الإسرائيلية : المصالحة الفلسطينية ستفشل

الجمعة 06 أكتوبر 2017 09:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تقديرات المخابرات الإسرائيلية : المصالحة الفلسطينية ستفشل



ترجمة الحدث

قال المحلل السياسي الإسرائيلي "بن كسبيت" إن لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية تقديرات بـ"فشل" المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، التي ترعاها القاهرة.

وسرد "بن كسبيت" في مقال نشره على موقع "المونتيور" في نسخته العبرية "يسرائيل بولس"، عدة أسباب تعتمد عليها الأجهزة الإسرائيلية في تقديراتها.

وإلى المقال مترجما:

على مر السنين، تقدر المخابرات الإسرائيلية باستمرار مثير للإعجاب أن المصالحة الحقيقية بين قطاع غزة والضفة الغربية غير واقعية. حتى لو حدث ذلك بشكل أو آخر، يقول قادة المخابرات الإسرائيلية في الشاباك وأمان (المخابرات العسكرية)، أنها ستكون مصطنعة ولن تصمد طويلا.


روى أحد قادة الشاباك السابقين في حديث مع المونيتور هذه القصة: بعد وقت ليس طويلا من توقيع اتفاقات أوسلو (1993)، وافقت إسرائيل على فتح "المعبر الآمن"، كفترة تجريبية، وهو ممر يستطيع سكان غزة من خلاله السفر دون نقاط تفتيش إسرائيلية إلى أراضي السلطة الفلسطينية الوليدة. كانت هذه هي الأيام الأولى لاتفاق أوسلو وروح السلاح لا تزال تهب على المنطقة ويسود التفاؤل على الأرض".

ويتذكر رئيس الشاباك السابق "توجه إلينا حاكم رام الله وتوسل إلينا أن نغلق المعبر. الراملاويون ببساطة لم يريدوا أن يروا الغزاويين عندهم"، وأضاف المسئول الإسرائيلي "يدور الحديث عن نوعين مختلفين من السكان، منفصلين فيما بينهما، ليس هناك حب كبير بين غزة والضفة الغربية، ليس هناك تضامن حقيقي".

اليوم أيضا، وبعد أكثر من 20 عاما، تواصل المخابرات الإسرائيلية التقدير أن المصالحة المزمعة بين قطاع غزة والسلطة الفلسطينية بالضفة مجرد تلاق مؤقت للمصالح.


على المدى المتوسط أو الطويل، تقول مصادر في المخابرات (الإسرائيلية) للمونيتور، أن المصالحة لن تصمد. الهدف الإستراتيجي لحماس مازال دفع منظمة التحرير الفلسطينية خارج دوائر الحكم واستبدالها كمنظمة تسيطر على الشعب الفلسطيني.

هذا الهدف، كما يقولون في إسرائيل، حتى إن بدا اليوم بعيدا للغاية، كان وظل المصلحة العليا لحماس، وفي هذا المجال ليس هناك فرق بين خالد مشعل وإسماعيل هنية ويحيي السنوار.

في يوم الاثنين من الأسبوع الجاري (2 أكتوبر) وصل وفد فلسطيني كبير من رام الله إلى غزة. واحتفل الإعلام الفلسطيني، وتحمس الإعلام المصري، ورحبوا بحماسة في أنحاء العالم العربي، وأعلنت قيادة حماس بصوت عال أن المصالحة الوطنية باتت هنا.

كانت إسرائيل هي من صمت. وكما كتب هنا في مقال سابق شلومو إلدار، كان الانطباع الأول على النقيض من الرد القاسي لإسرائيل على مساعي المصالحة الفلسطينية عام 2014، هذه المرة إسرائيل هادئة نسبيا، معتدلة للغاية، عندما تدرس باهتمام فكرة أن يعود أبو مازن الذي يعارض الإرهاب المسلح، إلى قطاع غزة.


استمر الهدوء 24 ساعة فقط. وفي اليوم التالي كان نفتالي بينت، رئيس حزب البيت اليهودي، من اخترق جدار الصمت ودعا إلى عدم نقل عائدات الضرائب للفلسطينيين، إلا بثلاثة شروط: أن تعترف حماس بإسرائيل، ووقف التحريض ودفع الإعانات لأسر الإرهابيين المسجونين في إسرائيل، وأن تعيد غزة لإسرائيل جثث الجنود التي لديها.


بعد وقت قصير من (تصريحات) بينت، انضم للإدانة أيضا وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. قال ليبرمان إن المصالح الفلسطينية بوجه عام '’blame game’ (لعبة لوم).


وبحسب ليبرمان، فإن أبو مازن ليس على استعداد لأن يسير مع حماس ويصل للنموذج اللبناني الذي أوجد حزب الله، والذي بموجبه توفر الحكومة اللبنانية الخدمات المدنية، ويسيطر حزب الله على الأرض من خلال قواته المسلحة.


نتنياهو الذي لم يرد أن يتخلف عن بينت، قال الثلاثاء:"لسنا معنيين بمصالحة وهمية، تتصالح خلالها الفصائل الفلسطينية مع بعضها البعض على حساب وجودنا. لذلك نتطلع إلى رؤية ثلاثة أشياء اعتراف بدولة إسرائيل، تفكيك الجناح العسكري لحماس، وقطع العلاقات مع إيران التي تدعو لتدميرنا".


من وراء الكواليس، كالعادة، تحدث دراما ليست بسيطة: ليس لإسرائيل مصلحة حقيقية في المصالحة بغزة. فحكومة وحدة وطنية من شأنها أن تبث روح الحياة مجددا في مساعي الرئيس ترامب (الأمريكي) لدفع عملية السلام، وهو آخر شيء يتمنى نتنياهو وائتلافه اليميني حدوثه.

من وجهة النظر هذه، تجد إسرائيل نفسها معزولة بشكل شبه تام: الإدارة الأميركية تدعم بكل قوتها عملية المصالحة، لأنها ترى أن المصالحة تشكل دفعة هامة لجهود الرئيس (ترامب) للاستفادة على أكمل وجه من المفاوضات السياسية (بين إسرائيل والفلسطينيين). المصريون، وخاصة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يستثمرون كل ما لديهم في هذه العملية.


السيسي يمقت حماس ويعتبر جماعة "الإخوان المسلمين" هي العدو الأول لمصر. وينظر لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة كإنجاز هام. فقط نتنياهو يتطلع من الزاوية بعيون نارية.

السبب وراء عدم إدانة نتنياهو المصالحة حتى قبل انطلاقها، والانتظار لوقت طويل دون أن ينبس ببنت شفة (بعد بينت) بسيط: على النقيض من 2014، هذه المرة لا يدور الحديث عن الرئيس المكروه باراك أوباما، بل عن "الصديق الكبير" دونالد ترامب. من الصعب أن يعارض نتنياهو مبادرات يؤيدها ترامب، من الصعب، لكن من الممكن.

وتقدر مصادر قريبة من نتنياهو أن المصلحة الأصلية لأبو مازن في سيره، على الأقل ظاهريا، نحو المصالحة مع حماس هو الخوف من العدو الكبير، محمد دحلان.

تابع أبو مازن عن كثب وبقلق كبير تبلور خطط لإعادة دحلان للقطاع بشكل أو بآخر. ولإيقاف دحلان قرر أبو مازن ببساطة أن يسبقه. بدأ ذلك بعقوبات فرضها على القطاع، حتى فهم قادة حماس التلميح واستجابوا.

السنوار (يحيي السنوار زعيم حماس بقطاع غزة) على الجانب الآخر، اكتشف أن السيطرة اليومية على غزة ليست متعة كبيرة. فالعزلة تتزايد، ومصر المعادية من الجنوب، وإسرائيل العدوة من الشمال والبحر الهائج من الغرب. بالنسبة للسنوار وهنية (رئيس المكتب السياسي لحماس)، "نموذج حزب الله"، مفضل تحديدا كمخرج أخير للطريق المسدود الذي وصلت إليه حماس.

هل المصالحة الحالية، التي تبدو أكثر جدية من سابقاتها، ستضرب بجذورها وتصمد؟ في مصر يأملون ذلك، وكذلك في رام الله، وبالأخص في واشنطن. في إسرائيل يتمنون ألا يحدث ذلك، وكذلك يقدرون أن هذا لن يحدث.

في الوقت نفسه تنتشر مشاكل نتنياهو في اتجاهات أخرى أيضا: يواصل الأمريكان تشديد قبضتهم على البناء في الأراضي الفلسطينية (الاستيطان في الضفة)، ولا يستيطع نتنياهو الوفاء بالوعود التي قطعها أمام المستوطنين عندما وصل ترامب للحكم.

وبشكل مواز، قال الرئيس الأمريكي للأمين العام للأمم المتحدة، وفقا لما نشرته هآرتس الأربعاء إن في المفاوضات السياسية "نتنياهو أصعب من أبو مازن". كل هذه ليست أنباء طيبة لإسرائيل، ولكن في هذه المرحلة كل ما يتعين على نتنياهو أن يفعله أن يتابعها ويتمنى الأفضل.