ندد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بقانون التسوية الإسرائيلي، معتبراً أن "إسرائيل تتخذه ذريعة لتبرير سيطرتها على الأراضي الفلسطينية وإكساب مصادرتها غير القانونية للأراضي طابعاً شرعياً بأثر رجعي"، مؤكدا أنه "لا يمت للمعايير الدولية بصلة ويمثل محاولة لتعزيز التمييز العنصري بشكل يتعارض مع القانون الدولي".
وقال الأورومتوسطي -يتخذ من جنيف مقرً رئيسًا له- في بيان صدر عنه اليوم الخميس، إن الممارسات الإسرائيلية منذ تم التصويت على القانون المذكور في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي في السادس من فبراير الماضي، إنما تستهدف إضفاء الشرعية على آلاف منازل المستوطنين التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة في أنحاء الضفة الغربية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن القانون قوبل برفض قاوني حتى في بعض الأوساط الإسرائيلية ومنها معارضة المستشار القضائي للحكومة "أفيحاي مندلبليت" الذي وصفه حينها بأنه غير دستوري، إضافة إلى تقدم عدة أحزاب سياسية في الكنيست الإسرائيلي بطعون ضده أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية.
وقالت تمارا أبو رمضان، الباحثة القانونية ضمن مشروع التوعية بتقرير "الإسكوا" الذي ينفذه الأورومتوسطي "إن القانون المذكور يهدد بتشريع 53 بؤرة استيطانية توصف بـ "العشوائية" وتضم قرابة 4 آلاف مسكن، وسيكرس مصادرة 8183 دونمًا (نحو 800 هكتار) من الأراضي الفلسطينية الخاصة بشكل قسري مقابل تعويض مادي أو أراض أخرى."
ونوّهت أبو رمضان إلى أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، كانت أصدرت في مارس الماضي تقريرًا (تم سحبه تحت ضغوط فيما بعد) يتهم إسرائيل بتطبيق سياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين عبر تفتيت الشعب الفلسطيني سياسيا وجغرافيا، وقمع الفلسطينيين حيثما وجدوا. حيث ذكر التقرير أن جزءًا كبيرًا من أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية تخضع لسلطة إسرائيلية ملزَمة بإدارة تلك الأراضي لصالح الشعب اليهودي.
وأوضحت أبو رمضان أن هذا النظام القانوني يتيح لإسرائيل إدارة الأرض والموارد على أساس العرق ويحرم الفلسطينيين من حقوق أساسية كالبناء وحتى الحصول على تصاريح للعمل مقابل ازدهار المستوطنات الإسرائيلية التي تعمل كافة الوزارات في إسرائيل على توفير الدعم اللازم لها، ولا سيما وزارتي "البناء والإسكان" و"الزراعة والتنمية الريفية". كما تُقدَّم حوافز مالية لليهود للانتقال إلى المستوطنات، وذلك على حساب الفلسطينيين، مشيرة إلى أن الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة "ج" من الضفة الغربية، وعلى الرغم من أنهم يخضعون للقانون العسكري الإسرائيلي، إلا أنهم محرومون -في الوقت نفسه- من الادعاء والمطالبة بحقوقهم ضد دولة إسرائيل بموجب القانون المدني الإسرائيلي، وهو الأمر الذي كان أورده تقرير الإسكوا أيضاً.
ونوّه المرصد إلى أن قانون التسوية الإسرائيلي وإن ادعت إسرائيل أنه يتوافق والمعايير الدولية، فإن القانون الدولي وكافة المنظمات الدولية والاتفاقيات الدولية خاصة التي وقعت عليها إسرائيل أكدت على خلاف ذلك. لافتاً إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الأول الملحق بها حظروا مصادرة ممتلكات سكان الأراضي المحتلة أو أن تقوم القوة المحتلة بنقل جزء من سكانها إلى الأراضي التي تحتلها. فضلاً عن أن مصادرة إسرائيل للأراضي والمياه والموارد الطبيعية لصالح المستوطنات تشكل انتهاكا للائحة لاهاي لسنة 1907.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن قانون التسوية بما يتضمنه من تشريع لضم الأراضي الفلسطينية وتعزيز التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية يستوجب تجميده أمام محكمة العدل العليا وحتى إلغائه، محذراً من خطورة استمرار إسرائيل في تحدي قرارات الشرعية الدولية واتخاذها إجراءات أحادية الجانب مثل الاستمرار في بناء المستوطنات وتوسيعها وانتهاك حقوق الفلسطينيين أفرادا وجماعات.