ينظر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بخطورة بالغة إلى استمرار السلطة الفلسطينية بإصدار تشريعات استثنائية "قرارات بقوانين" في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني وخلافاً للقانون الأساسي. ويطالب "مجلس المنظمات" بوقف سيل تلك التشريعات الاستثنائية خاصة في ظل تضمن العديد منها لقيود واعتداءات على حقوق الإنسان المكفولة دستورياً ووفق الاتفاقيات الدولية التي انضمت لها دولة فلسطين بدون تحفظات.
ويعتبر المجلس أن استمرار السلطة الفلسطينية في مناقشة واصدار التشريعات الاستثنائية تجاوزاً للصلاحيات الممنوحة للرئيس بموجب المادة (43) من القانون الاساسي، وأن استمرار إقرار التشريعات الاستثنائية بكثافة (القرارات بقوانين) يحتاج سنوات طويلة لمراجعتها، تفوق ولاية أي مجلس تشريعي جديد منتخب، وتزداد الأمور صعوبة وتعقيداً، ليس فقط بغياب المجلس التشريعي منذ ما يزيد على تسع سنوات، وإنما أيضاً في تغييب دوره في بعض التشريعات الاستثنائية ذات الصلة بعمله، بما يوحى وكان دور المجلس التشريعي (السلطة التشريعية) قد انتهى إلى غير رجعة، بما يشكل خطورة كبيرة على النظام السياسي الفلسطيني.
وتثير التشريعات الاستثنائية حالة جدل كبيرة في المجتمع الفلسطيني، خاصة وأنها أصبحت تمس الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين كما قوبلت العديد منها بحالة من السخط والاستنكار من قبل فئات وشرائح مجتمعية كالقضاة والصحفيين والنشطاء، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والمتخصصة. وقد صادقت الحكومة الفلسطينية خلال شهر آب/ أغسطس الجاري على مشروعي قرار بقانون وأحالتهما للرئيس لإصدارهما، من بينهما مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى المثير للجدل. فيما طُرِحت عشرة مشاريع قرارات بقانون أمام الوزراء لمراجعتها خلال ذات الشهر.
كما أن غالبية التشريعات الاستثنائية التي تصدر عن السلطة الفلسطينية تتم دون مشاركة المجتمع المدني والمؤسسات المتخصصة في نقاش تلك التشريعات، خاصة وأن أي تشريع يجب يعبر عن احتياجات وأولويات المجتمع، وأن يكون قابلاً للتطبيق على الأرض بالارتكاز إلى مبدأ سيادة القانون على الجميع، بمفهومه الشكلي والجوهري، وإلاّ فقد مغزاه وفلسفة وجوده. وتفاجأت منظمات المجتمع المدني خلال الفترة الماضية بصدور قرارات بقانون طالما حذرت منها لمساسها بحقوق الإنسان، كقرار بقانون الجرائم الالكترونية، الذي يشكل مساساً بالحق في الخصوصية والحق في حرية الرأي والتعبير للمواطنين.
إن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية إذ يرى أن تلك التشريعات الاستثنائية تُشكل مراكز قانونية جديدة يصعب تصويبها لاحقاً، ولما تضمنته من قيود وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان الأساسية، فإنه يطالب بوقف سيل تلك التشريعات الاستثنائية، والالتزام بصلاحية الرئيس الدستورية إصدار تشريعات استثنائية في حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير.