كشف التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة "القدس الدولية"اليوم النقاب عن أن عدد الحفريات أسفل المسجد الأقصى بلغت 64 حفرية ونفقًا، توزعت على جهاته الأربعة، مهددة بانهيار المسجد.
وقال التقرير الذي صدر بعنوان "عين على الأقصى": إن اجتماع الحكومة الإسرائيلية في أحد الأنفاق التي تبعد أمتارًا قليلة عن الأقصى غربًا، أيار/مايو الماضي، بالتزامن مع ذكرى الـ 50 على احتلال كامل القدس، "كان رسالة واضحة بأنّ هذه الحفريات يتبناها أعلى رأس الهرم السياسي لتوظيفها في الترويج لتاريخ يهودي مختلق".
وأكد التقرير أن البناء التهويديّ في محيط الأقصى لم يتوقف، وبات الاحتلال قريبًا جدًّا من البدء الفعلي ببناء مشروع "بيت هليبا/بيت الجوهر" الذي يبعد نحو 20 مترًا عن حائط البراق، وكنيس "جوهرة إسرائيل" الذي يبعد نحو مائتي متر عن السور الغربي للأقصى، وقد أقر الاحتلال بناء كنيس يهودي على جبل المُكبر جنوب غرب البلدة القديمة، فيما برز تطور كبير باتجاه تنفيذ مخطط القطار الهوائي المحيط بالأقصى.
وحذر التقرير من نية الاحتلال تهويد سفح جبل الزيتون، وتهويد بعض أبواب الأقصى والبلدة القديمة، مشيرا إلى أن المقابر المحاذية للأقصى لم تسلم هي الأخرى من الاعتداءات كـ "الرحمة" و"اليوسفية"، حيث صودرت بعض أجزائها بهدف تحويلها إلى حدائق تلمودية، تحيث زُرعت فيها قبور يهودية وهمية.
وأشار التقرير إلى أن الاحتلال سعى أكثر من أيّ وقت مضى، لأن يتحول إلى الجهة الوحيدة المتحكمة بمصير الأقصى.
ولفت التقرير إلى دور الشرطة الإسرائيلية، والذي كان محلَّ تقديرٍ وثناءٍ من قبل المستوطنين المتطرفين الذين وجدوا في وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، وقائد شرطة الاحتلال في القدس يورام هليفي ثنائيًّا ذهبيًّا أسهم إلى حدٍّ كبير في تسهيل اقتحاماتهم.
ولفت التقرير إلى أنه إلى جانب الجهود السياسية والأمنية لاستهداف الأقصى، استمرت الجهود القانونية لتشريع إجراءات الاحتلال ضد الأقصى، وأقرّ برلمان الاحتلال الـ "كنيست" بالقراءة التمهيدية مشروع "قانون المؤذن".
كما أقر الـ "كنيست" بالقراءة الأولى مشروع "قانون القدس الموحدة" الذي ينطلق من أنّ السيادة على القدس هي للإسرائيليين، ويشترط كي "تتنازل إسرائيل" عن أيّ جزء منها –بما في ذلك المسجد الأقصى - موافقة ثمانين من أعضاء الـ "كنيست"، بحسب التقرير.
وأشار كذلك إلى قرار آخر رأت محكمة الاحتلال بأنّه "لا سلطة لموظفي الأوقاف الإسلامية على اليهود الذين يزورون جبل المعبد" مع إبعاد أيّ موظف يتصرف بشكل غير لائق مع اليهود في الأقصى".
وعلى المستوى الدينيّ، بيّن التقرير أنّ منظمات "المعبد" استمرت في توجيه الدعوات إلى المستوطنين، من أجل "الصعود إلى جبل المعبد"، مفاخرين بحالة الهدوء في الأقصى بسبب تقييد يد المرابطين فيه.
الاقتحامات
وأشار التقرير إلى تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، لتحقيق وجود يهودي دائم ومباشر في المسجد، والتدخل المباشر في إدارته.
ووثق التقرير محاولات بعض الساسة الإسرائيليين اقتحام الأقصى رغم قرار رئيس الحكومة بمنع الاقتحامات السياسية، خاصة النائب الحاخام المتطرف يهودا غليك الذي أدى صلوات تلمودية مقابل باب القطَّانين، بعد منع دخوله للمسجد في 19 أيلول/سبتمبر 2016.
وبلغ عدد المقتحمين خلال مدة الرصد الممتدة ما بين الأول من آب/أغسطس 2016 ولغاية الشهر ذاته من العام الجاري، نحو 23 ألف 661 مقتحمًا وهو ما يعني ارتفاعًا في عدد المقتحمين بنسبة 58 في المائة بالمقارنة مع تقرير العام الماضي حيث كان العدد 13 ألف و733 مقتحما، مشيرا إلى أنّ عدد الذين اقتحموا الأقصى حسب تقرير هذا العام هو الأكبر منذ احتلال المسجد عام 1967.
أمّا على صعيد التدخل المباشر في شؤون الأقصى، أوضح التقرير استمرار سلطات الاحتلال في منع دائرة الأوقاف الإسلامية من تنفيذ نحو ثلاثين مشروعًا يحتاج إليها المسجد لصيانته.
واعتبر التقرير الإجراءات التي حاول الاحتلال فرضها على الأقصى بعد عملية اشتباك الأقصى في 14 من تموز/يوليو الماضي، أبرز وأخطر محاولة لتكريس تدخله في شؤون المسجد والسيطرة عليه، فالاحتلال قرر تركيب بوابات إلكترونية وكاميرات ذكية على أبواب الأقصى، ولكنّ الاحتلال أُجبِر على التراجع عنها نتيجة الضغط الشعبي.
تراجع المواقف العربية والإسلامية الرسمية
وأوصى التقرير باستثمار الانتصار الذي تحقق في "هبة الأقصى" والالتفاف حول القيادة الشعبية والدينية في القدس، وحثّ أهل القدس والأراضي المحتلة على التمرد على قرارات الاحتلال والرباط في القدس.
وحذر التقرير من حجم التراجع الكارثيّ في المواقف الرسميّة العربية والإسلامية المتعلقة بالأقصى، فجامعة الدول العربية اجتمعت بعد انتهاء أزمة محاولة الاحتلال فرض وقائع جديدة في الأقصى، وعلى نهجها سارت منظمة التعاون الإسلامي.
وخلص التقرير إلى أن "أخطر ما يمكن استخلاصه في هذا الشأن هو أنّ لدى غالبية الحكومات العربية والإسلامية استعدادًا للتنازل عن حق الأمة بالأقصى، أو على الأقل التنحّي جانبًا وترك الأقصى وحيدًا يواجه مصيره" مطالبا بـ "الضغط على الحكومات للقيام بواجبها ورفع سقف موقفها المناصِر للأقصى، والثاني هو التكامل والتنسيق من أجل تشكيل جبهة دعم بديلة للأقصى والمجتمع المقدسي".