غزة : لجنة دعم الصحفيين تفند قرارات "قانون الجرائم الالكترونية"

السبت 19 أغسطس 2017 03:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
غزة : لجنة دعم الصحفيين تفند قرارات "قانون الجرائم الالكترونية"



غزة /سما/

 

 

أكدت الدائرة القانونية في لجنة دعم الصحفيين،أن قانون الجرائم الكترونية الذي أقرته السلطةالتنفيذية والأمنية في الضفة الغربية، يتضمننصوصاً خطيرة تمثل "أداة قانونية" لانتهاك غيرمبرر لحقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية، لاسيما، الحق في حرمة الحياة الخاصة، والحقفي حرية الرأي والتعبير، والحق في الوصول إلىالمعلومات، وهي حقوق كفلها القانون الأساسيالمعدل والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسانالتي انضمت إليها دولة فلسطين.

وأوضحت الدائرة في تقرير مفصل يفند بنود القانون وتداعياته الخطيرة على العمل الصحفي في فلسطين، أن انتهاكات حرية الصحفيين منقبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفةالغربية ارتفعت بعد مصادقة الرئيس الفلسطينيمحمود عباس مؤخراً على قانون "الجرائمالالكترونية" بما يمثله من انتهاكات جسيمة بحقالصحفيين والنشطاء على مواقع التواصلالاجتماعي والتي تحد من حرية الرأي والتعبير.

وبينت اللجنة، أنها استفادت من خبرة القانونيين والصحفيين وقادة الرأي والمواد الإعلامية التي ناقشت بنود القانون، حيث وجدت أن القرار بقانون رقم (16) لسنة 2017، بشأنالجرائم الإلكترونية يتضمن 61 مادة تحتملمصطلحات فضفاضة ومطاطة تجعل القانونعرضة لإساءة الاستخدام وإلصاق تهم للصحفيينلنشرهم أخباراً لا تأتي على وجهة نظر النيابةالعامة وأنها تمس من أمن وسلامة الدولةوتعرضها للخطر.

وأضافت، أن القانون أعطى فلسفة تشريعيةوصلاحيات للجهات التنفيذية بالرقابة وانتهاكالخصوصية بحثاً عن فعل مجرم يقوم به المواطن.

ونوهت إلى أن المواد (16، 20، 28، 51) علاوةًعلى المواد (32 ،33 ،34 ،35 ،37 ،40 ،41 ،42 ،43 ،44)، التي تتضمن العديد من الأحكام التيمن شأنها المساس بالحق في الخصوصية وحرمةالحياة الخاصة للمواطنين، دون أن توفر ضوابطقانونية حقيقة لذلك، أهمها الإذن القضائي،وإخطار المتهمين بهذه الإجراءات.

ورأت الدائرة القانونية، أن الهدف الحقيقي وراءهذا القانون هو "سياسي بحت" يعزز ما تنتهجهالسلطات من ملاحقة لكافة الأصوات المعارضةلتوجهاتها وسياساتها على الأرض، إذ أن القانونيتضمن عقوبات أعلى من تلك المفروضة علىجرائم أخرى مثل السرقة والتحرش، ما يؤكد أن ماتم إعلانه بشأن دوافع إصداره بعيدة تمامًا عنالحقيقة.

وذكرت، أن العديد من المواد التي تضمنها القانونأثارت بعض علامات الاستفهام حول مضمونهاوما تحمله من إمكانية التأويل المتعدد ما يضعالصحفيين والنشطاء والمهتمين بالشأن العامتحت مقصلة تفسيرات السلطة حسب مزاجهاالعام من جانب وموقفها من الصحفي أو الناشطمن جانب آخر.

وتابعت الدائرة، أن هناك بعض المخاطر علىالاعلاميين والنشطاء وردت في عدة مواد منقانون الجرائم الالكترونية أبرزها المادة (20) منالقانون وهي من أكثر المواد التي أثارت حفيظةالجميع، كونها لا تحمل اختصاصات واضحة، ولاجرائم محددة يمكن اعتبارها كمرجعية حالتعرض الصحفي للتوقيف.

وأضافت، أن النص الذي يقول في الفقرة (1) "كلمن أنشأ موقعاً الكترونياً، أو أداره عن طريقالشبكة الالكترونية، أو إحدى وسائل تكنولوجياالمعلومات، بقصد نشر أخبار من شأنها تعريضسلامة الدولة، أو نظامها العام، أو أمنها الداخليأو الخارجي، للخطر، يعاقب بالحبس مدة لا تقلعن سنة، أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار أردني،ولا تزيد عن خمسة ألاف أردني، أو بالعقوبتينكلتيهما".

أما الفقرة (2) من المادة والذي ينص على "كل منروج بأي وسيلة تلك الأخبار بالقصد ذاته أو بثهاأو نشرها، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة،أو بغرامة لا تقل عن مائتي دينار أردني ... الخ"،وفي البند (3) "إذا كان الفعل الوارد في الفقرتين(1) و(2) من هذه المادة في حالة الطوارئ،تضاعف العقوبة المقررة".

ونوهت إلى أنه طبقًا لهذه المادة الفضفاضة فيتفسيرها لبعض المفاهيم منها "سلامة الدولة" "أمنها الداخلي والخارجي"  فإنه من حقالسلطات الأمنية اعتقال الصحفيين وتقديمهمللمحاكمة، الأمر هنا لا يتوقف على من أدار موقعًاالكترونيا فحسب، بل من روج للأخبار المنشورة،سواء بالإعجاب أو المشاركة، بقصد أو دون قصد،وهو ما يضيق الخناق بصورة كبيرة على حرياتالرأي والتعبير.

وذكرت، أن الفقرة (3) من المادة (20) تحمل العديدمن التساؤلات حول، ماذا يعني هنا حالةالطوارئ؟ على أي أساس سيتم التقييم إن كانهذا الظرف طارئًا أو لا؟ خاصة وأن الفقرة تشيرإلى مضاعفة العقوبة في هذه الحالة.

ويتضمن القانون أيضاً المادة (31) والتي تنصعلى "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور،وبغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار أردني، ولاتزيد على ألف دينار أردني، كل من قام باستخدامأنظمة، أو موقع أو تطبيق الكتروني، لتجاوزالحجب المفروض، بموجب أحكام هذا القراربقانون".

ووفق هذه المادة، فلا يحق لأي مستخدم أن يلجألأي تطبيق أو برامج لفك الحجب المفروض علىبعض المواقع، ومن ثم يحق للسلطات حجب كافةالمواقع دون إعطاء فرصة للمواطنين بالاضطلاععليها وفق برامج وتطبيقات أخرى، ما يزيد منالخناق المفروض على الحريات.

وحسب الدائرة، فتمثل المادة (32) أزمة حقيقيةلشركات الاتصالات الفلسطينية، إذ تجبر الشركاتالمزودة لخدمة الانترنت بـ "تزويد الجهاتالمختصة بجميع البيانات والمعلومات اللازمة التيتساعد في كشف الحقيقة، بناء على طلب النيابةأو المحكمة المختصة" كذلك " حجب رابط أو موقعبناء على الأوامر الصادرة" إضافة إلى "الاحتفاظبالمعلومات عن المشترك لمدة لا تقل عن ثلاثسنوات".

وتبعاً للدائرة القانونية، فهذه المادة بلا شك تفقدالفلسطينيين الثقة في شركاتهم المحلية، والتيربما تزود جهات الدولة ببياناتهم الشخصية ماقد يعرضهم للخطر ويفقدهم خصوصيتهم، وهوما قد يدفع البعض إلى فسخ التعاقد مع هذهالشركات الوطنية واللجوء إلى الشركات"الإسرائيلية" التي تحتفظ بسرية معلوماتعملائها بحسب ما أشار البعض.

ثم تأتي المادة (50) لتختتم حزمة التساؤلاتالجدلية حول هذا القانون، حيث تنص المادة علىأن "كل من امتنع عن قصد في الإبلاغ أو أبلغ عنقصد بشكل خاطئ عن جرائم معلوماتية، يعاقببالحبس مدة لا تقل عن ستة شهور، وبغرامة لاتقل عن مائتي دينار أردني، ولا تزيد عن ألفدينار أردني، أبو بإحدى هاتين العقوبتين".. وعليه إن قرأ المستخدم أو اضطلع على مادة ماترى السلطات فيها تهديدًا لأمنها وسلامتها ولميبلغ عنها فعليه أن يستعد لمواجهة عقوبة الحبسأو الغرامة، أو كليهما معا.

وأوضحت الدائرة، أن من المواد التي أثارت الجدلأيضًا داخل هذا القانون المادتين (43) و (44) والمتعلقتان بالاتفاقيات المبرمة بين فلسطينوالدول الأجنبية بما فيها "إسرائيل" بشأنضرورة تزويد كل دولة الدول الأخرى بالمعلوماتالتي تحصل عليها وتمثل خطرًا أو تهديدًا لها،وعليه فالسلطة الفلسطينية ملزمة بموجب هذاالقانون إن توصلت إلى أي معلومة عبر المواقعالالكترونية تخص "تل أبيب" وأمنها أن تزودهابها وهو ما يؤثر سلبًا على القضية الفلسطينية،ما دفع البعض إلى القول بأن هذا القانون يحوي"الكثير من الألغام".

وتُعد المادة (44) تحديدًا الأخطر، حيث تلزمبتبادل وتسليم المتهمين في الجرائم الالكترونيةبين الدول، فمثلاً على السلطة الفلسطينية تسليمأي فلسطيني ينتقد "إسرائيل " أو يدعواللمقاومة أو التصدي للانتهاكات التي ترتكبهاضد الفلسطينيين، لسلطات الكيان الصهيوني،حال طلب الأخيرة منها ذلك.

وعلى ضوء تلك القوانين المبهمة والمجحفة بحق حريةوحقوق المواطنين بشكل عام والصحفيين والإعلاميينوالنشطاء بشكل خاص فإننا في الدائرة القانونية في لجنةدعم الصحفيين وبعد أخذ آراء مستشارين قانونيين وفنيينوأكاديميين وصحفيين تم تفنيد تلك القوانين للاعتباراتالتالية:

1-​القرار بقانون الجرائم الالكترونية تم إصدارهبسرية ونشره في الجريدة الرسمية دون استشارةمجلس القضاء الأعلى في شأن يتعلق مباشرةبالنيابة العامة والمحاكم والاجراءات الجزائيةبخلاف صريح نص المادة ١٠٠ من القانونالاساسي، وإذا كانت السلطة التنفيذية قادرةمنفردة أن تنظم عمل المحاكم والنيابة العامةبتعديل الاجراءات والضمانات وفقاً لما هو وارد فيالقانون، وهذا يشمل من ضمن أشياء كثيرة توزيعالاختصاصات بين الجهتين والإجراءات المتبعةوطرق الطعن والمراجعة، فالسؤال هنا لماذا لنتكون السلطة التنفيذية قادرة غداً على تعديلقانون السلطة القضائية المتعلق بهيكلية السلطةالقضائية والنيابة العامة دون استشارة مجلسالقضاء الأعلى.

2-​لا يجوز إصدار قرارات بقانون إلا بشروط أنتكون وفقاً للمادة 43 من القانون الأساسي والتيتنص على عدم جواز إصدار الرئيس لقراراتبقانون إلا في حالات الضرورة التي لا تحتملتأخير وعلى أن يتم عرضها علي المجلسالتشريعي في أول جلسة له بعد القرار ما يجعلهتلك القوانين باطلة ولا يجب العمل بمقتضاه.

3-​يجب إلغاء قانون الجرائم الالكترونية كونهيتجاوز كثيراً حدود ما يسمى الجرائم الإلكترونيةليضيف ويعدد جرائم عادية، دون وعي أو إدراك،تقريباً في جميع المجالات، وهذا غير دستوري.

4-​يعدل القانون في قانون الاجراءات الجزائيةلينهي أو يتجاوز الضمانات الدستورية للدفاعويغير الوضع القانوني للنيابة من خصم فيالاجراءات الجزائية إلى حكم وقاضي وجهةتنفيذ، وهذا غير دستوري.

5-​ يمنح القانون للنيابة العامة صلاحياتاستثنائية غير مبررة على الحياة الخاصةللأفراد، وإذا كانت معظم حياة الناس هي فعلاًفي المجال الالكتروني، فهذا يعني أن هذا المجال لايمنح القدسية للحياة الخاصة بل بحجة درء خطرالاختراق (والسلطة العامة معروف أنها لن تكونوهي فعلاً غير مهيأة أو قادرة على درئه) تضعالأفراد تحت خطر اجراءاتها التعسفية، وهذا غيردستوري.

6-​يمنح القانون للنيابة العامة صلاحيات غيردستورية معيبة وتخالف القواعد الدولية فيحجب المواقع وإغلاقها دون إيجاد ضمانات منعالتعسف أو حتى تطلب وجود الحكم القضائيوفقاً للقانون الاساسي.

7-​القانون مليء بالعبارات غير الدستوريةوالتي درج العالم الحديث على إزالتها منالقوانين ونحن بحجة تحديث القوانين وعصرنتهاوهذا بحد ذاته غير دستوري أن نرجع فيالقوانين للعصر الحجري.

8-​لا حاجة لإصداره كوّن غاية إصداره مدعاةوغير حقيقية أو ضرورية أو قابلة للتحقق بأيةصورة من الصور، وهذا مخالف للدستور.

9-​هناك مبالغة غير معقولة في الحديث عنفوائده وهي بالفعل غير موجودة أو حقيقية ولناتجارب سابقة وكثيرة وخطيرة في هذا النوع منالمبالغة والاستخفاف بالعقول لتحقيق مصالحضيقة تنتهي بانتهاء أصحابها، ولكن لا أحديعتبر.

10-​صدر القانون عن جهة لا تملك إصدارهويتعلق بجهة لها ضمانات وحصانات أكثر ممايتخيل أصحاب السلطة، فهذا القانون خطير كونهيتعلق بالشعب مصدر السلطات ويتعدى علىحقوقه وينتقص من ضماناته مقابل أصحابالسلطة (الأطراف) غير المخولين بوضع مثل هذهالقوانين، وهنا بدل من خدمة الشعب ومصالحهيتم استغلال نصوص تفويضية استثنائيةبمباغتة الشعب والانقضاض على حقوقه وقدسيةحصاناته.

11-​إجراءات إصداره غير طبيعية ولَم تصل حدالاجراءات الاستثنائية بل تجاوزتها لتصل حدإجراءات الغدر قبل منتصف الليل.

12-​هناك تناقض وتعارض مصالح سواء فيعملية إصداره او جهة تنفيذه.

13-​بعض نصوص القرار بقانون تخلط ولاتفرق بين الجناية والجنحة على نحو يفتقدلأساس قانوني. فمثلاً تنص المادة (60) من القراربقانون على أن عقوبة كل من أنتج أو أدخل عنطريق الشبكة الالكترونية،...هي الأشغال الشاقةالمؤقتة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينارأردني.. فالأشغال الشاقة المؤقتة هو عقوبةجنائية، بينما الغرامة عقوبة جنحوية مهما بلغتقيمتها، وبالتالي، لا يمكن وصف هذه الجريمةبأنها جنحوية ولا يمكن وصفها في ذات الوقتبأنها جنائية، الأمر الذي يثير مشكلة فياختصاص المحكمة، ويؤثر بشكل كبير على أحكامالعود والتكرار التي نص عليها المشروع نفسه.

14-​القانون منسوخ من دول قمعية لا تحترمشعوبها وتستبعد مواطنيها ولا يمت للقانونالمقارن عند الأمم المتحضرة بأية صلة، وذكرحقوق الإنسان او الادعاء بحمايتها سواء فيالمجال الالكتروني أو العادي من خلال هكذاقوانين هو في حقيقته استغلال لقيم مقدسةلتحقيق مقاصد ضيقة لا يتناسب ادعاء تحريرالإنسان وبناء الدولة وإنهاء الاحتلالالاستعماري معها، وهو في حقيقته تدنيسللإنسان وقيمته وكرامته قبل حقوقه.

كل ذلك يعني أن صياغة القانون لا تتعلق للحدوالحماية من الاختراق وسرقة البيانات بل أمامتعدي جديد وخطير غير مسبوق على الحقوقوالحريات، وعليه تطالب لجنة دعم الصحفيين السلطةالفلسطينية : 

1-​الكف عن انتهاك الحقوق والحريات العامة،وعلى كل قاض وكل موظف صاحب ضمير أقسمعلى احترام القانون الأساسي أن يرفض تطبيقالقرار بقانون الجرائم الالكترونية لأنه قانونمنعدم صدر ليس فقط غصباً للسلطة خلافاًللقانون الأساسي من حيث الجهة المختصةبالتشريع.

2-​  عدم التدخل غير المسبوق للجهات الأمنيةفي الحياة المدنية، وما يرافقه من إصدار أنظمةوإجراءات تهدف للتضييق على عمل منظماتالمجتمع المدني، إضافة إلى ممارسات الاعتقالالسياسي، وفرض قيود على الحق في حريةالرأي والتعبير واحتجاز الصحفيين .

3-​الوقف الفوري لتطبيق هذا القانون، وإعادةنقاشه مع الجهات ذات العلاقة، وعلى رأسهاالمنظمات الحقوقية، ومؤسسات المجتمع المدني،والشركات مزودة خدمات الانترنت والاتصالات،للتوصل إلى قانون مكافحة جرائم تقنيةالمعلومات يتوافق مع القانون الأساسي المعدلوالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.