يواصل إئتلاف اليمين الحاكم في إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو تصعيد إجراءاته القمعية والتنكيلية بحق المواطنين المقدسيين، كجزء لا يتجزأ من الحرب الشاملة التي يشنها الإحتلال على الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية المحتلة. وفي السياق جددت سلطات الإحتلال في هذه الأيام عمليات تهجير الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، وكما طردت عائلات حنون والغاوي والكرد من منازلهم، سلمت سلطات الإحتلال عائلة شماسنة إخطاراً يلزمها بإخلاء المنزل الذي تسكن فيه منذ عام 1964 وبموجب قرار صادر عن المحكمة العليا واستنفاذ كافة الإجراءات القضائية بحجة أن ملكية المنزل تعود لسكان يهود، علماً بأن العائلة التزمت بدفع إيجار المنزل بإنتظام حتى يومنا هذا.
إن الوزارة إذ تدين بأشد العبارات هذا القرار الإحتلالي العنصري، وإذ تعتبره جزءاً من عمليات التطهير العرقي التي تمارسها سلطات الإحتلال بهدف تهويد حي الشيخ جراح وغيره من أحياء المدينة المقدسة، فإنها تؤكد على أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية يجب أن ينطبق ضمن الفهم الديموقراطي والإنساني على كافة المنازل التي لسببٍ أو لآخر تركها أصحابها أو طردوا منها، ويقطنها الآن آخرون، هذا المبدأ ينطبق على عشرات آلاف المنازل الفلسطينية سواء أكانت في القدس الغربية، أو في المدن الفلسطينية الأخرى والتي تعود ملكيتها إلى مواطنين فلسطينيين قبل العام 48. وعديد العائلات التي طردت من منازلها كانت تملك أصلاً بيتاً في القدس الغربية أو غيرها، هُجرت أو طُردت منه وانتقلت للسكن بالأجرة في إحدى منازل القدس، وهي تخضع اليوم لقرار الإخلاء بذات الحجة غير القانونية وغير الإنسانية، ويحق لها أن ترفع دعاوى قضائية لإستعادة منزلها الأساس الذي طُردت منه. السؤال المطروح هنا: هل هناك من جهة قانوينة على إستعداد لحمل هذا الملف لأروقة المحافل الدولية أو المختصة، وهل هذه القضية قد تمت إثارتها من قبل هذه المنظمات أمام المحاكم الإسرائيلية أصلاً؟. من الواضح أننا كشعب فلسطيني ومؤسساته القانونية مقصرون تماماً بحقنا في هذا الشأن والمطالبة به، مما يسهل على سلطات الإحتلال تمرير ما تريده من أهداف تهويدية تحت غطاء قانوني خالص.
إن الرد على القرار الإسرائيلي بإخلاء عائلة شماسنة وغيرها ليس فقط عبر تحشيد بضع عشرات من المناصرين للعائلة لأيام معدودة، وإنما في كيفية نقل الملف برمته إلى المحاكم الدولية والمختصة، وفضح هذا الإجراء العنصري وغير الديموقراطي الذي تقوم به إسرائيل في كل محفل. المطلوب من مؤسسات المجتمع المدني القانونية المختصة تبني هذه القضية، والبحث في خلفياتها وتفاصيلها الدقيقة وتوثيقها، وحملها ليس فقط إلى المحاكم الإسرائيلية كمرجعية قانوينة وحيدة، وإنما يجب التذكير خارج إطارها في المحاكم الدولية أو تلك المختصة والمستعدة للتعامل مع مثل هذه القضايا. من جهتنا كوزارة خارجية ومغتربين مستعدون للتعاون التام مع المؤسسات القانونية المختصة في حمل ورفع ومتابعة هذا الملف وغيره من الملفات المماثلة.