نشر أستاذ علم الاجتماع السياسي د. سعد الدين ابراهيم مقالا في “المصري اليوم” والذي جاء بعنوان “قطر .. مفتاح فهم الطفل المشاغب في الخليج”، حيث استهله قائلا: “فى حديث ودى منذ عدة سنوات، مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، حاكم قطر السابق، والد الشيخ تميم، حاكمها الآن، كان لدىّ سؤلان مُلحّان.. أولهما: كيف تسمح قطر بقاعدة أمريكية وهى الأكبر خارج الولايات المتحدة «العديد»؟، ثم فى نفس الوقت تسمح بقناة فضائية وهى «الجزيرة»، التى لا تتوقف عن مُهاجمة أمريكا، وأصدقائها وحُلفائها فى المنطقة، على مدار أربع وعشرين ساعة!؟”
وتابع سعد الدين: “هزّ الرجل رأسه، فتحرّك كل جسمه الهائل، وقال مُبتسماً: «اعتقدت أنك كنت ستسأل كيف أؤيد حماس الفلسطينية، وأدعمها مادياً، ورغم ذلك بدأت علاقات مُتشعبة مع إسرائيل الصهيونية؟». شكرته على تلك الإضافة المهمة، التى تؤكد نفس المعنى: أى اللعب على الحِبال، وتبادل القفز من أدناها إلى أقصاها، والعكس″.
وتابع: “قال الشيخ «حمد» فى حضور زوجته الذكية، الشيخة موزة بنت ناصر المُسند: «عندما تكون أغنى بلد فى العالم، فإنه بشىء من الذكاء والدهاء تستطيع أن تفعل كل ذلك الذى تستغربه».
وكان ذلك الحديث المُمتد بداية، استكملته حيناً مع الشيخة موزة نفسها، وأضاف إليه حيناً آخر ابن العم الشيخ خليفة بن جاسم، الذى كان وقتها وزيراً للخارجية. ويمكن تلخيص فحوى تلك الأحاديث فى عدة نقاط، تُمثل مفاتيح فهم السياسة القطرية نحو بقية الخليج، ونحو الإخوان المسلمين، ونحو مصر.
أولاً: جُملة سُكان قطر لا تتجاوز المليون نسمة، رُبعهم من قبائل عرب الجزيرة الأصليين، ورُبعهم الثانى من العرب الفلسطينيين والمصريين، واليمنيين، واللبنانيين، والسوريين، والتوانسة، والمغاربة. ويفخر حُكام قطر بأن بلدهم الصغير مساحة يضم إلى جانب سُكانه الأصليين وافدين من أكثر من مائة جنسية أخرى. وهناك سياسة غير مُعلنة تُراعى التوازن الدقيق بين أعداد وجنسيات العمالة الوافدة واحتياجات قطر من المهارات المطلوبة لإبقاء مستوى الإنتاج والخدمات ضمن أعلى المُعدلات فى العالم! وفى نفس الوقت لا يسمح لأبناء أى جنسية وافدة أن تزيد على عدد سُكان قطر من العرب الأصليين
ثانياً: يقول الشيخ حمد «رغم أننا فى هذا البلد الصغير مساحة والقليل سُكاناً، إلا أنه يسبح على بُحيرة من الغاز الطبيعى، الأغنى فى العالم بعد روسيا مُباشرة، ومن البترول الذى يجعل قطر البلد الثانى بعد السعودية، فى الخليج والعالم العربى. وهو ما جعل مُتوسط الدخل السنوى للمواطن القطرى، هو الأعلى فى العالم».”
واختتم قائلا: “ذلك الحديث مع حاكم قطر السابق كان ومايزال كاشفاً عن عُقدة قطر نحو جيرانها فى الخليج من ناحية، وكذلك نحو طموحاتها الإقليمية من ناحية أخرى”.