مروان البرغوثي .. الغائب الحاضر بقلم: عبدالرحمن شهاب

الأحد 09 يوليو 2017 02:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
مروان البرغوثي .. الغائب الحاضر بقلم: عبدالرحمن شهاب



في خلفية المشهد الفلسطيني الراهن، يراقب من سجنه الأسير مروان البرغوثي نتيجة المخاض الفلسطيني بين أبناء فتح التاريخيين وبين حركة حماس، فيما يدرك حاجة الجميع له بعد نهاية النزيف، إن كانت هناك نهاية لهذا النزيف.

لم يغب للحظة عن وعي قادة السلطة الفلسطينية ان كاريزما مروان لم تسحقها اليد الإسرائيلية، بل ربما تزداد هذه الكاريزما وميضًا عندما تظهر آثار اللمسات الإسرائيلية على تغييبه في السجون، وبالتالي فما زال يشكل وريثًا محتملًا للرئاسة الفلسطينية.

محمد دحلان، الذي مدّ يد الإنقاذ لحماس في لحظة اضطرارها لكل يد منقذة، يدرك ان حماس ما زالت تلعب معه بحذر، وهي غير قادرة على إقناع قاعدتها لتجاوز الماضي من أجل المصلحة الفلسطينية، فمن جانب تتحاور مع دحلان في الأروقة السياسية، لكنها تتحدث عن جماعة دحلان وتياره الإصلاحي وتتجنب الحديث عن شخصه، وعن أي لقاء مباشر معه، ربما الأمر يحتاج إلى وقت بالنسبة لهم؛ لكن بالنسبة لدحلان فلديه ساعتين من التوقيت: ساعة في التعامل مع حماس وهي بطيئة، وهو ليس مستعجلًا على تسريع عقاربها، والساعة الثانية بالنسبة للسلطة، فهو مستعجل ومتحفز ولا يترك فرصة للاقتحام، وفي كل جولة من جولات الاقتحام كان يتراجع قبل ان يصل إلى نقطة الفشل في الوصول، لكنه كان يسجل نقاطًا من التقدم، ويبدو ان هذه الجولة الأخيرة التي نمر معه بها كانت أكثر الجولات اقتحامًا، كونها استطاعت ان تعكر على السلطة في رام الله  خطواتها التي أعلن عنها الرئيس أبو مازن  بعنوان "استعادة غزة"، تلك الخطوات تركت فراغًا خلقها غياب قطر - مؤقتًا - عن مشهد التنفس الاصطناعي لغزة، الذي كان يسمح للاعبين بالتحرك لخنق غزة دون استفزاز مؤسسات حقوق الانسان، حتى في إسرائيل.

بالنسبة لدحلان، من الممكن ان يشكل البرغوثي جسرًا لقبوله في أوساط حماس، كون مروان مقبولًا على حماس فيما لو اعتبر واجهة لتعاملها مع دحلان وضامنًا لسلامة مستقبل العلاقة، ويمكن إعلانه عنوانًا لصفحة جديدة في العلاقة بين العلمانيين والإسلاميين.

ومن هنا تأتي أهمية المفاوضات المزدوجة بين حماس والاحتلال حول صفقة تبادل أسرى، تحاول حماس إنجاز ما لم ينجز في صفقة وفاء الأحرار، وهو إخراج البرغوثي من السجن؛ الأمر الذي رفضه الاسرائيليون حينها كونهم يعتقدون بأن ذلك يجعل من مروان شخصًا يدين لحماس بدورها في الإفراج عنه. ليس مستحيلًا تحقيق هذا الإنجاز كون الإسرائيليون وافقوا على إطلاق سراح من اعتبروهم شاركوا في عمليات ضد الإسرائيليين أكثر من مشاركة مروان ضدهم، لكنهم لم يرونهم أخطر من مروان البرغوثي عليهم، ومن هنا تفهم إسرائيل خطورة مشاركة مروان في النظام السياسي الفلسطيني في هذه الفترة بالذات، وقد كان واضحًا ذلك في الهجوم الشديد لسحقه خلال الإضراب عن الطعام، الذي قادة قبل شهرين واستمر أربعين يومًا دون قبول التفاوض معه، فكيف بمسالة إطلاق سراحه، وهو الصديق لقيادات حماس الحاليين، حيث أمضوا فترة طويلة سويًا في السجن، ربما خلقت تقاربًا في فهم أدوات التحالف والاشتباك.

من هنا فإن إطلاق سراح البرغوثي يتطلب ضمانات دولية، وربما أمريكية بالذات، تقيّد خطوات مروان، وتحول دون إمكانية الانتقال بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى مسار جديد يشكل تهديدًا للاحتلال، الضمانات الامريكية التي يريدها الاحتلال ربما تتعلق بكيفية تغييب مروان فيما لو تم ذلك.

لقد تردد كثيرًا عن عدم رغبة دحلان في العودة الى قطاع غزة، وهذا الأمر ربما يشير إلى ترفعه عن الصراع على مكاسب في أزقة المخيمات أو السيطرة على موقع أو وزارة أو المنتدى، فهو ينظر إلى أبعد من ذلك، ولا يريد الغرق فيما أوصله للابتعاد عن الميدان.

على الرغم من ذلك، فإن إطلاق سراح مروان البرغوثي قد يكون متكئًا لحماس في التحالف مع دحلان، وبديلًا عن التعامل الصريح معه كعنوان.