الدولة ثنائية القومية ... الخيار الغائب في وثيقة حماس السياسية..احمد يوسف

الخميس 06 يوليو 2017 02:15 م / بتوقيت القدس +2GMT
الدولة ثنائية القومية ... الخيار الغائب في وثيقة حماس السياسية..احمد يوسف



عندما قرأت وثيقة "حماس" السياسية الجديدة قبل ستة شهور من صدورها، تمنيت لو كان البند رقم عشرين والمتعلق بـ"حل الدولتين" جاء بدلاً منه القبول بحل الدولة ثنائية القومية، والذي سبق لي أن طرحته عام 2001 على الأخ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، في العاصمة السورية دمشق. ولكن مثل هذه الأفكار الاستشرافية في تلك الفترة لم يكن من السهل طرحها أو الحديث عنها.

في عام 2003، أنهيت كتاباً باللغة الإنجليزية بعنوان (انهيار الدولة اليهودية .. مسألة وقت)، حيث قمت بتتبع ما نشر في مراكز الأبحاث الغربية والعربية، وما جاء في النبوءات الدينية، وما أورده الكتَّاب والمفكرون حول الموضوع من رؤى سياسية تبرهن على احتمالية حدوث ذلك. وقد زادت قناعاتي أكثر بعد إجراء استطلاع للرأي حول الموقف من "الدولة ثنائية القومية" مع أكثر من أربعين شخصية من القيادات الإسلامية؛ الفلسطينية والعربية، وكان هناك تأييد ودعم للفكرة بشكل عام، كون إسرائيل دولة تحمل في داخلها بذور فنائها، وأن استمرار بقائها على أرض فلسطين بصورتها الدينية أو العنصرية أمر مشكوك فيه، وأن من الأفضل للفلسطينيين البقاء على أرضهم دون تقييد لحدودها، وتوخي الحلول التي تحافظ على جذور وجودهم فيها من البحر إلى النهر؛ لأن المستقبل لهم، ولكل من أراد التعايش معهم من الفلسطينيين من أبناء الديانات الأخرى، فهذا وعد الله الصادق وأمره الذي لا يرد.

ومن أجل إيضاح هذه الفكرة، وتقديمها كرؤية بديلة لحل الدولتين، ربما كان طرحها في وثيقة حماس الجديدة هو الخيار الأفضل، لأنه يرد على كل ما أثارته إسرائيل من ادعاءات ردت عليها تاريخياً بأن الإسلاميين - ومنهم حركة حماس - يشكلون لليهود على أرض فلسطين تهديداً وجودياً.

ومع أن حركة حماس قد أوضحت في وثيقتها بأن عدوها الحقيقي هو الحركة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي، إلا أن العزف على وتر التهديد الوجودي يجد له تسويقاً أكبر لدى مسامع الغربيين.. أولا، من حيث جلب الدعم المالي والعسكري، كما أنه يسهم في استمرار حملات التحريض والتشويه والتشهير ضد حركة حماس، واتهامها بالتطرف والإرهاب ثانياً..

خيار الدولتين والدولة الواحدة..

جدلية النقاش والمفاضلة

إن الخيار المتبنى الآن، والمسنود بطاقة دفع محلية وإقليمية ودولية، هو الخيار الذي يمكن أن نسميه تجاوزاً بـ "عملية السلام في أفق الدولتين"، بما يعنيه ذلك من فصل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، فضلاً عن تقاسم فلسطين التاريخية، بغض النظر عن حصة كل طرف منها، وهذا يعني أنه ليس ثمَّة خيار آخر أو خيارات أخرى متداولة الآن إلا هذا الخيار.

نعم، قد لا تكون الخيارات الأخرى المطروحة والمتداولة على هذا الصعيد متمتعة بالقدر نفسه من الإسناد المحلي والإقليمي والدولي الذي يتمتع به خيار الدولتين، إلا أن ثمَّة نقاشاً ساخناً دائراً حول الخيار الآخر - موضع النقاش - في الأوساط الفكرية والأكاديمية، فضلاً عن عملية التنظير الواسعة التي تتم له - الآن – وتحديداً في صفوف "الانتلجنسيا" من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مع ضرورة ملاحظة اختلاف زوايا الرؤية والتنظير لكلا الطرفين.. وفي هذا السياق، ترد مصطلحات ومفاهيم مثل الدولة الديمقراطية – العلمانية أو "دولة مواطنيها"، والدولة "ثنائية القومية" أو "دولة واحدة لقوميتين" كأحد أهم البدائل المطروحة على الساحة السياسية.

إننا في هذه المقالة نسعى إلى استعراض وتوضيح مفهوم الدولة ثنائية القومية، وتشجيع التفكير والعمل به، كبديل عن خيار الدولتين الذي تراجعت حظوظ تطبيقه سياسياً.. نحن هنا لا نسعى إلى اجترار ما قيل في هذا الموضوع، بقدر ما نسعى الى تقديم رؤية جديدة في هذا الإطار، تأخذ من الهوية والقضية الحضارية أساساً لها في التعامل.. وبتعبير آخر، رؤية جديدة مفادها استشراف فرص الحفاظ على أرض فلسطين التاريخية، وحماية حقوق الفلسطينيين فيها كمرحلة أولية، مع إبقاء الباب مفتوحاً في حال تغيير الظروف الذاتية والموضوعية للشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، ليعاد دمج هذه البقعة، وضمها إلى جسد الأمة الإسلامية ومشروعها الحضاري.

وقبل الولوج في صلب الموضوع، فإننا نرى – لزاماً – ضرورة تحديد وضبط المصطلحي: الدولة ثنائية القومية والدولة الديمقراطية العلمانية، وتوضيح الفارق بينهما، ومن ثم تقديم المبررات وتفصيل الاعتبارات التي على أساسها تمَّ تفضيل خيار الدولة ثنائية القومية كاستراتيجية ورؤية جديدة للحل السياسي للقضية الفلسطينية، ومطالبة الإسلاميين بدعم وتبني هذا الخيار "مرحلياً" لحين ظهور بدائل أخرى.

في تحديد وضبط المصطلح

أن الدولة ثنائية القومية هي مفهوم سياسي لقيام نظام حكومي يشترك فيه شعبان في النظرة إلى الدعائم الأساسية التي تُكون الدولة، وذلك عبر قيام نظام توافقي بين الجماعتين القوميتين أساسه التسامح والإرادة الحسنة، لا القوة، ويتجنب فيه سيطرة الأغلبية على الأقلية، والتي لا بدَّ لها من عناصر أساسية مثل تقسيم السلطة، ونظام تعدد الأحزاب، وحق الأقلية في الاعتراض والمشاركة في السلطة التنفيذية، فضلاً عن التوازن في المجال التشريعي... الخ، وشرط ذلك كله وجود جماعتين قوميتين وثقافتيهما القومية وتراثهما الديني، حيث إن للغة والثقافة والدين مكانة متميزة في نظام الدولة ثنائية القومية". وفي اقتراح الدولة الديمقراطية الواحدة، تعتبر فكرة المواطنة هي جوهر الموضوع.

وبشكل عام، فإن الأفكار المطروحة لحل القضية الفلسطينية يمكن حصرها – الآن - في أربعة خيارات، وهي: خيار الدولتين أو (خيار أوسلو)، خيار الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية، وخيار الدولة الديمقراطية العلمانية، وخيار الدولة ثنائية القومية.

أولاً؛ خيار الدولتين

هذا الخيار ربما يعتبر الأسوأ من بين الخيارات الأخرى، لأنه يأتي على أكثر من 80% من أرض فلسطين التاريخية لصالح إسرائيل، وقد أشبع بحثاً منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، ولذا لن نتوقف عنده لطرح المزيد من سفسطائية الجدل والتحليل.

ثانياً؛ خيار الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية

قضية أخرى تجدر ملاحظتها هنا، وهي أن خيار الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية يمكن أن يتحول على المدى المتوسط أو البعيد ليعيد إنتاج فكرة الوطن البديل، وذلك نظراً لإمكانية حدوث هجرات طوعية إلى الأردن، نتيجة عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية وغموض المستقبل، وتردي الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية والقطاع.

لا نريد أن نخوض أكثر في تفاصيل الموضوع، وما يعنينا هنا هو اختبار فاعلية الخيار في الحفاظ على الحقوق الفلسطينية التاريخية والمشروعة.. وهنا، نجد أنفسنا – مرة أخرى – أمام العيوب والنواقص نفسها التي يقدمها لنا خيار الدولتين، من حيث تجاوزه للحقوق الفلسطينية التاريخية، فضلاً عن أنه يعطي ذات المساحة للفلسطينيين التي يعطيها الخيار الأول، مع بقاء الاستيطان والمستوطنات والطرق الالتفافية... الخ، وثمة إشكالية أخرى يُضيفها هذا المشروع، من حيث كونه سيعمل على تمييع مشكلة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الموجود أغلبهم في الأردن، ومن ثم تغيب مقولة الحقوق الفلسطينية التاريخية لصالح نقاء الدولة العبرية يهودياً.

ثالثاً؛ خيار الدولة الديمقراطية العلمانية

لقد سبقت الإشارة إليه وإلى جذوره في فكرة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والمستند على ضرورة انخراط أو تماهي الفرد في "حالة المواطنة" بصفته الفردية لا "الانتمائية"، وهي الفكرة نفسها التي يعبر عنها الأكاديمي الفلسطيني المعروف د.ادوارد سعيد بالطريق الثالث، والذي يتجنب حسب قوله: "إفلاس أوسلو والارتداد إلى سياسات المقاطعات الشاملة على السواء، ويجب أن يبدأ انطلاقاً من فكرة المواطنة وليس القومية، ويقضي هذا أن يحلّ مفهوم المواطنة، الذي يضمن لكل الأفراد حقوقاً متساوية، ولا يستند إلى العرق أو الدين، بل على عدالة متكافئة لكل مواطن يكفلها الدستور.

رابعاً: خيار الدولة ثنائية القومية

يجدر بنا، وقبل الشروع في عملية استعراض التصورات التي تناولتها طروحات بعض الفلسطينيين حول هذا الموضوع، أن نشير إلى أن ثمّة ثلاثة محددات رئيسة شكلت الإطار العام لطرح هذه الفكرة في منطوق البعض منهم، وهي:

أولاً؛ إن جلَّ من يطرحون هذه الفكرة من الجانب الفلسطيني، يؤسسون طرحهم هذا على فشل المسيرة السلمية، المبنية على قاعدة "خيار الدولتين" في ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وخصوصاً حقه في أرضه التاريخية، وحق عودته إليها، ومن ثمّ فلا بدّ من بديل آخر يحفظ هذه الحقوق، وهذا البديل هو الدولة ثنائية القومية.

ثانياً؛ إن القضية التي تبرز في هذا السياق تتمحور حول فقدان الثقة والأمل في العرب، بحيث إن بعض المفكرين الفلسطينيين الذين ينظرون – أحياناً – لخيار الدولة ثنائية القومية، يبررون طرحهم هذا من ناحية أن الشعب الفلسطيني عانى ويعاني في بلاد العرب، وأنهم يُذَّكرونه كل يوم بأنه غير مرغوب فيه، وأنه لا أمانة ولا استقرار ولا مستقبل له في أية أرض عربية، وأن خياره هو بالعودة إلى بلاده.

المحدد الثالث، الذي ينبغي ملاحظته في هذا السياق، أن غالبية المقترحات حول الدولة ثنائية القومية عادة ما تجيء في إطار اليأس والشعور بالهزيمة، وافتقاد المبادرة والبدائل العملية، ومن ثمّ فلا حل للحفاظ على الحقوق إلا عبر مداهمة البوابة الإسرائيلية.. وذلك كنتيجة لاستبعاد فكرة الاندماج في إطار المشروع العربي – الإسلامي الأوسع، من أجل تثبيت الهوية، والحفاظ على الذات الحضارية.

في دراستها القيمة حول الدولة ثنائية القومية، ترى د. غادة الكرمي بأن خيار الدولتين المعتمد في اتفاق أوسلو ليس هو الحل الأمثل لإعادة حقوق الشعب الفلسطيني والحفاظ عليها، بل على العكس من ذلك، حيث سيشكل القاعدة الأساس لانفجار الوضع من جديد مستقبلاً، خصوصاً عندما يتضح عجز الدولة الفلسطينية القادمة عن استيعاب أقل أو أكثر من ستة ملايين لاجئ، فضلاً عن تحقيق الاستقلال الكامل والمشرّف. وانطلاقاً من ذلك، تعطي د. الكرمي تصورها لشكل الدولة بحيث إنه في ظل الدولة ثنائية القومية سيتعايش اليهود والفلسطينيون كشعبين منفصلين ضمن ترتيب فدرالي، وسيُسيّر كل شعب شؤونه الخاصة به بشكل مستقل، وسيضمن له حق استخدام لغته الخاصة ودينه وتقاليده، كما سيشترك الشعبان في حكومة واحدة وبرلمان واحد يهتم بالأمور ذات الأهمية لجميع المواطنين وبشؤون الدفاع والاقتصاد ونحو ذلك.. وتضيف: إن مثل هذه الدولة ستشكل وطناً لشعبين، ويمكن أن تصاغ على غرار التركيبة الكانتونية وفق الترتيب السويسري أو التركيب البلجيكي بين فلمنجز ووالونز، حيث هناك حكومتان إقليميتان وحكومة مركزية واحدة.

من جانبه يرى د. كمال الخالدي، أن على الباحثين العرب ألا يهابوا تناول فكرة الدولة ثنائية القومية في فلسطين، إذ أن هذه الهيبة تجعل الجماعة القومية اليهودية القائمة - فعلاً - على أرض فلسطين يبدو وكأنها هي الوحيدة على تلك الأرض، لأنها في النتيجة تُغيب الجماعة العربية وتتجاهل وجودها.. ويؤكد د. الخالدي أن في تناول الباحثين العرب لفكرة دولة ثنائية القومية في فلسطين، ووضع تصورات نظرية لها، انطلاقاً من وجود جماعتين قوميتين، توفير لأداة نضالية حضارية – نظرية وعلمية في آن واحد – لمواجهة هيمنة الجماعة القومية اليهودية على فلسطين بأسرها، وتفردها بوضع الحلول التي تلائمها، والتي لا يمكن أن تقوم إلا على أساس دولة يهودية أحادية القومية، ولذلك يرى د. الخالدي أن التوصل لتصور صحيح لدولة ثنائية القومية في فلسطين سيرغم الجماعة القومية اليهودية على الاعتراف بوجود الجماعة القومية العربية جنباً إلى جنب معها على أرض فلسطين.

وفي السياق نفسه، يأتي طرح المفكر الفلسطيني وعضو الكنيست الإسرائيلي د. عزمي بشارة، والذي يدعو إلى حل الدولة ثنائية القومية من دون تردد، فهو يشير بوضوح إلى ضرورة أن يشكل العرب الفلسطينيون في الضفة الغربية والقطاع، مع فلسطينيي الـ 48 كياناً سياسياً فلسطينياً واحداً، ضمن كيان سياسي أكبر ثنائي القومية، يتكون من كيان سياسي يهودي وكيان سياسي عربي يشكلان معاً كياناً يهودياً – عربياً ذا برلمانين من جهة، وبرلمان مشترك من جهة أخرى، ويضيف د. بشارة "أنا لا أتحدث هنا عن دولة ديمقراطية – علمانية، وإنما عن دولة ثنائية القومية، أي عن نظام شبه فيدرالي بين كيانين قوميين.

ويلخص د. بشارة رؤيته للدولة ثنائية القومية بقوله: إن آفاق المستقبل مفتوحة، وإسرائيل هي التي يجب أن تقلق من المستقبل، إذ لا يمكن الحفاظ على نظام "أبارتهايد" في القرن الواحد والعشرين، إذا ما استنزفت إسرائيل الخيار القومي للفلسطينيين، وما دامت العدالة هي المقياس فلن يكون "الأبارتهايد" بديلاً عنه، بل الكيان الثنائي القومي.

ويطرح د. عبد الله السعافين المعروف بميوله الإسلامية، أيضاً حل الدولة ثنائية القومية كمخرج من أزمة خيار الدولتين، التي لن تفضي – في رأيه – إلا إلى دولة فلسطينية لا تملك من مقومات الدولة شيئاً سوى الأمور الشكلية؛ كالعلم والنشيد والألقاب الإدارية، ويبقى العامل الأهم في الموضوع؛ أي الأرض والوحدة الجغرافية فضلاً عن السيادة وحق العودة من أبرز الغائبين.. أما عن تصوره لحل الدولة ثنائية القومية فهو في جوهره يكمن في التعايش العربي – اليهودي في إطار دولة موحدة للفلسطينيين واليهود المقيمين حالياً في اسرائيل، دولة واحدة ديمقراطية؛ يتساوى فيها جميع المواطنين على اختلاف دياناتهم، وفق دستور مكتوب، تتولى وضعه هيئة تمثيلية ينتخبها الفلسطينيون واليهود المقيمين حالياً في إسرائيل.

الدولة ثنائية القومية..

الصيغة الأفضل لحفظ الحقوق

بالرغم من التعثر المستمر في عملية السلام على صيغة أوسلو، والمماطلة الإسرائيلية الدائمة لعدم تنفيذ أية اتفاقات يتم التراضي عليها، واعتماد المفاوض الإسرائيلي على سياسة فرض الأمر الواقع، وشراء الوقت لتكريس المزيد من الحقائق على الأرض، إلا أن الطرف الفلسطيني قد استمرأ الرضوخ للإملاءات الإسرائيلية، واعتاد أن يكون الطرف الذي ينخ وينحني دائماً، مقدماً المزيد من التنازلات، ومتطوعاً بخفض سقف الاستحقاقات الفلسطينية يوماً بعد يوم.

إن خيار الدولتين على هذه الشاكلة لن يحقق شيئاً جوهرياً للفلسطينيين، كما أنه يعني أن فلسطيني ال 48 لن يبقى أمامهم من أمل إلا الذوبان في المواطنة الإسرائيلية، وعدم التفكير – بعد ذلك – بانتمائهم الفلسطيني والعربي والإسلامي، إلا من خلال مصالح الدولة اليهودية، التي اضطرتهم هذه الخيارات ليكونوا جزء منها.

إن هناك بعداً آخر يجعلنا نتخوف أيضاً من خيار الدولة الديمقراطية (العلمانية)، من حيث كونها تلغي الهوية التاريخية والحضارية للشعب الفلسطيني، وتعمل على تغييب حقيقة انتمائه للأمتين العربية والإسلامية، كونها تفترض الاندماج في المجتمع الجديد بمحورها الفرد المنفصل عن أي خلفية قومية أو طائفية/مذهبية أو ثقافية.

لذلك كله، فإننا نطرح صيغة الدولة ثنائية القومية؛ باعتبارها الخيار أو الحل الأقرب للعدل، وكونها في الوقت نفسه تحافظ على حقوقنا التاريخية كفلسطينيين، ولا تلغي هويتنا الحضارية.. مع التأكيد على أن وحدة أرض فلسطين التاريخية ستظل قائمة، ولن تجزئها أو تجتزئها اتفاقيات يتم التوقيع عليها في ظل اختلال التوازنات لصالح إسرائيل، ووفق الشروط التي تريدها.

إن هذا الخيار يعطي الفرصة للأجيال القادمة – في ظل ظروف أفضل لصراع الإرادات – أن تعيد تأكيد هوية هذه الأرض الفلسطينية، وانتمائها العربي والإسلامي.

ختاماً: إن خيارنا في الدولة ثنائية القومية هو للحفاظ على حقنا كاملاً غير منقوص، وحتى لا يذهب به الغاصب، ويفصلنا عنه باتفاقيات وحدود، تجعل من عودتنا للمطالبة به ضرباً من اللاعقلانية أو المحال.

لذلك، كنت أتمنى أن يكون هذا الخيار المطروح في الوثيقة السياسية الجديدة وليس حل الدولتين.