أكد القيادي في حركة "حماس"، أحمد يوسف، أن التفاهمات التي تمت بين حركته والقيادي المفصول من حركة "فتح"، النائب محمد دحلان، مؤخرا،، تستهدف "تحقيق المصالحة المجتمعية الوطنية، وإنقاذ الوضع المتدهور في القطاع"، بما ينفي وجود ما يسمى "مشروع دولة غزة" في مضمون المصالحة الثنائية التي جرت مؤخرا في مصر بين الجانبين.
وشدد يوسف على ان التفاهمات "لا علاقة لها بإقامة دولة في قطاع غزة، كما لا تخطط لذلك مطلقا"، مشددا على موقف "حماس" الثابت بأن "لا دولة في غزة ولا دولة بدونها".
وقال يوسف، لـ"الغد" الأردنية، إن ورقة "التفاهمات"، تستهدف "تحقيق المصالحة المجتمعية الوطنية، وإنقاذ الوضع المتدهور في القطاع"، بما ينفي وجود ما يسمى "مشروع دولة غزة" في مضمون المصالحة الثنائية التي جرت مؤخرا في مصر بين الجانبين.
ونوه إلى "تشكيل لجنة إدارية جديدة بمشاركة وطنية واسعة لإدارة قطاع غزة، للرد على اتهامات "تفرد" "حماس" ووجود العنف والتطرف في القطاع، حيث تضم كلا من حماس و"التيار الإصلاحي الفتحاوي" في غزة، تيار دحلان، ومختلف القوى والفصائل الوطنية الإسلامية".
وأفاد بأن "حماس" ستتولى الملف الأمني الداخلي والوقوف سدا مقاوما منيعا ضد عدوان الاحتلال الإسرائيلي، بينما سينشغل تيار دحلان بإدارة شؤون غزة، إلى جانب القوى والفصائل الوطنية والإسلامية في القطاع، بحيث تكون التوليفة الوطنية واللجنة المشتركة عنوانا العمل وتنسيق الجهود".
واعتبر أن ذلك الأمر "سيوفر المساحة الخصبة للشراكة الوطنية والعمل الديمقراطي، عبر إجراء انتخابات بلدية وطلابية وعمالية في فترة لاحقة، بالإضافة إلى تفعيل المجلس التشريعي، بما يعزز إعادة زخم الحياة الديمقراطية، والبحث عن منافذ لتحسين أحوال القطاع".
وأوضح بأن القيادي في حركة "فتح"، سمير مشهراوي، سيصل، مع آخرين، إلى قطاع غزة في غضون أيام، للعمل على تفعيل اللجنة الوطنية للتكافل الاجتماعي، التي تعطلت سابقا بسبب الخلافات مع دحلان، حيث سيتم إعادة بناء وهيكلة اللجنة لتتولى جوب فضاءات الدعم والإسناد المالي للقطاع.
واعتبر أن "تدشين اللجنة سيشكل بداية العمل المشترك"، بينما سيتم حل اللجنة، القائمة حاليا، تلقائيا عند بدء عمل "الجديدة" وربما قبل ذلك، مفيدا بأن تيار دحلان "الإصلاحي" يعد "الأوسع انتشارا في القطاع، بما يتطلب بناء علاقة معه، بعيدا عن سنوات العداء والقطيعة، في إطار المصلحة الوطنية العليا وتحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة".
ولفت إلى أن "حماس" لا تريد التفرد بغزة وإنما "العمل في إطار الشراكة الوطنية الحقيقية لحماية القطاع في مواجهة العدو الإسرائيلي".
ولفت إلى أن التفاهمات مع دحلان تهدف إلى "تحقيق المصالحة المجتمعية، وتقديم الدعم الإغاثي، ومعالجة ملفي الفقر والبطالة، لاسيما بين صفوف الفئة الشابة، وتقديم المساعدات العينية المالية للأسر المعوزة، عن طريق جمعيات خليجية، فضلا عن تأمين الدعم اللازم لإنقاذ تدهور الأوضاع في القطاع".
وبين أنه سيتم، خلال زيارة مشهراوي، "وضع الترتيبات المناسبة على الأرض"، مرجحا "قيام دحلان بزيارة القطاع مستقبلا، وليس في المنظور القريب، حيث يفضل حاليا التحرك في الخارج لجلب الدعم المالي المطلوب لغزة، والبحث عن فرص استثمارية مناسبة، لما يمتلكه من أوراق مناسبة تجعل البعض ينظر إليه بمثابة طوق نجاة للوضع المأزوم في القطاع".
وأشار إلى الأولويات العاجلة بالنسبة لدحلان في المرحلة القادمة للتحرك عربيا وإقليميا لجلب الدعم اللازم لغزة، وفي مقدمتها "تشغيل محطة الكهرباء، وتأمين الوقود والإنشاءات، وتقديم المساعدات العينية المالية للأسر المعوزة في القطاع".
كما تتصدر الأولويات "بناء محطة توليد كهرباء، وإقامة الميناء، ومعالجة إشكالية الأدوية، وبناء مستشفى في القطاع، وغيرها من الأمور ذات العلاقة بالحياة المعيشية لأهالي القطاع"، بتكلفة تقدر بمئات الملايين من الدولارات، حيث سيكون للدعم الخليجي النصيب الأوفر منها.
فيما تحتاج "المشاريع البنيوية الحيوية إلى بضع سنوات ضمن مشاريع تطوير البنية التحتية في غزة، بما يسهم في تحريك الاقتصاد، لاسيما عند الانتهاء من بناء المعبر الجديد، الذي يربط بين مصر والقطاع، بعد شهرين تقريبا، بتكلفة تقدر بنحو 5 ملايين دولار، حيث سيفتح كمعبر لحركة تنقل الأفراد والتجارة بشكل دائم".
ولفت إلى "تخصيص حوالي 50- 100 مليون دولار للمصالحة المجتمعية أو العدالة الانتقالية التي ستعطى الأولوية، إلى جانب ممارسة الجهات المعنية لدورها المعتبر في هذا الخصوص".
وأكد "الدور المحوري لمصر، لمكانتها المركزية الاستراتيجية في المنطقة، وعلاقتها التاريخية بالقضية الفلسطينية، وبصفتها الظهير الاستراتيجي للقطاع وبوابته الرئيسية نحو فضاءات العالم، بحيث لها نصيب الأسد في تخفيف الحصار عن القطاع".
وتحدث عن "الثروات الطبيعية الغنية في قطاع غزة، مثل الغاز الذي جرى تقدير حجم ثروته بنحو 8 مليارات دولار، بما يسمح بإمكانية تسويقة ورفد غزة بعوائده، من خلال التعاون مع مصر"، مضيفا بأن "استمرار العلاقة المتوترة مع الرئيس عباس سيضطر الحركة للبحث عن أسواق خارجية لثروات غزة، غير أن الوحدة الوطنية، التي تحرص عليها حماس، سيجعل الأمور تتم في إطار العمل الوطني".
وأضاف إن "حماس" لا تستخدم "دحلان كورقة ضغط على الرئيس محمود عباس، كما لا تريد إقامة دولة في غزة، ولكنها تبحث عن تأمين الحياة المعيشية الكريمة لأهالي القطاع، مع الإبقاء على إمكانيات المقاومة وقدراتها الجهوزية التامة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والتصدي المضاد لعدوان الاحتلال".
ولفت إلى محاذير "غياب المصالحة، وعدم قيام الرئيس عباس بتقديم أي خطوات فعلية باتجاه إنهاء الانقسام واستعادة اللحمة الوطنية، في ظل مخططات الاحتلال بتكريس الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية من أجل استلاب الأخيرة بالاستيطان والعدوان"".
ورأى أن "توقف "فتح" عند اللجنة الإدارية، التي شكلتها حماس مؤخرا لإدارة القطاع، يعد ذريعة غير مقبولة، باعتبارها لجنة معنية بتنظيم أمور القطاع إزاء الغياب الفعلي لحكومة الوفاق الوطني، وبالتالي من الممكن حلها في أي وقت".
وأوضح بأنه "لا توجد لدى "حماس" شروط مسبقة أمام الرئيس عباس، وإنما لديها الاستعداد للاستماع للحركة ومعرفة كيفية معالجتهم للأوضاع إذا ابدوا رغبة حقيقية بالمصالحة والابتعاد عن مواطن التشكيك والتخوين المغذية لاستمرار الخصومة والقطيعة".
ورأى أن "الوضع الكارثي في قطاع غزة، وانشغالات الدول العربية والإقليمية بقضاياها الداخلية وبملفات الإرهاب، مقابل تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، أعطى سلطات الاحتلال الذرائع الواهية للمضي في نمط عدوانها الثابت ضد الشعب الفلسطيني".
وقال إن "حماس" تتحرك برؤية استراتيجية واعية لجمع الصف الوطني وإيجاد علاقة قوية مع حركة "فتح" في غزة، تمهيدا لتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام".
وقال إن "حماس" تدرك جيدا بأن الأمر يحتاج إلى الوقت لإحداث الإنفراجة الحقيقية والاستقرار المطلوبين في العلاقة بين الجانبين بعد عشر سنوات من العداء والكراهية"، مؤكدا "حرص حماس على فتح صفحة جديدة في العلاقة مع دحلان، لأجل المصلحة الوطنية وإنقاذ الوضع في غزة وتعزيز الحياة الديمقراطية".
وركز على "أهمية توفر الثقة والإرادة الفعلية لتغليب المصلحة الوطنية، وطي الصفحة القاتمة، مع القاتمة، لنسج أخرى جديدة للعمل سويا بهدف تقديم برنامج ورؤية وطنية مشتركة لتأمين صمود الشعب الفلسطيني وتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة".
ويوجد حاليا في مصر وفد فني متخصص من غزة لإطلاع المسؤولين المصريين على احتياجات القطاع الطارئة، في مختلف المجالات الصحية والاقتصادية والبنية التحتية وغيرها، والتي تعد ضحية تبعات حالة الإنقسام الفلسطيني، الممتد منذ العام 2007، وحالة التبعية المفروضة للاقتصاد الإسرائيلي.
وأوضح يوسف بأن "الوفد سيضع أمام المسؤوليين في مصر الاحتياجات الأساسية التي تتطلب المتابعة التنفيذية لإنقاذ الحالة الصعبة والمتهالكة في القطاع، في مختلف مجالات البنية التحتية والإنشاءات والصحة، لإعطاء الأهمية لما يمكن أن تقدمه مصر، وعدم ابقاء القطاع رهن التبعية للاحتلال".
ولفت إلى أن "الوفد سيستكمل التفاهمات التي تمت مع مصر في ملف المنطقة الحدودية، والتجهيزات الأمنية التي قد يطلبها الجانب المصري من حماس في غزة لتأمينها وضبط المنطقة حتى لا يسمح بحدوث أي تجاوزات أمنية، من خلال وضع كاميرات الرصد ومراقبة المنطقة".
وأكد بأن "حماس" حريصة على إتمام كل من ما شأنه اثبات وبناء الثقة حتى تطمئن مصر بصدقية ورغبات الأخوة في غزة لتأمين احتياجات الأمن القومي المصري".
"الغد" الأردنية