لا يضيّع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أية فرصة لإطلاق تصريحات ومواقف معادية للسلام، الهدف منها رفع مستوى التوتر في ساحة الصراع، وتعطيل إنطلاقة جادة وحقيقية لقطار السلام، الذي تبذل الادارة الامريكية جهداً كبيراً لاعادته الى سكته الصائبة. آخر هذه المواقف والتصريحات أطلقها نتنياهو من مستوطنة (اريئيل) خلال مشاركته في وضع حجر الاساس لمبانٍ جديدة في (جامعة اريئيل)، تحدث فيها أن (... اريئيل ستبقى دائماً جزءاً من اسرائيل)، مضيفاً أن (...عمليات البناء في أريئيل ستتواصل). إن تواجد نتنياهو في مستوطنة اريئيل الجاثمة على أرض فلسطينية محتلة، يعد انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، واتفاقيات جنيف، والاتفاقيات الموقعة، والشرعية الدولية وقراراتها، التي أكدت باستمرار عدم شرعية وقانونية الاستيطان والمستوطنات، الأمر الذي يستدعي إدانة صريحة من جانب المجتمع الدولي لتواجد نتنياهو في تلك المستوطنة غير الشرعية وغير القانونية. كما أن اقامة (كلية طب) في المكان يعني أن هناك توسعاً مستمراً في البناء الاستيطاني وفي تلك الجامعة. إن هذه المخالفة الصريحة للقانون الدولي، تتم بتبرع سخي من الملياردير اليهودي (شلدون ادلسون)، الملياردير اليهودي الامريكي والمقرب من نتنياهو، والمعروف بدعمه للاستيطان، حيث ستحمل (كلية الطب) اسمه واسم زوجته، وهذا يعني تورط نتنياهو شخصياً في هذه القضية، أولا، وثانيا يعني أن هذه أموال تبرعات للتهرب من دفع الضرائب، وبالتالي مطلوب من الادارة الامريكية أن تنظر في هذا الموضوع الخطير كعملية تهرب من دفع الضرائب، بالاضافة الى كونه يدعم الأنشطة الاستيطانية غير الشرعية في أراضي دولة فلسطين. وفي جميع الأحوال فان هذا البناء الاستيطاني الجديد يستدعي أن تكون هناك مواقف واضحة من قبل المجتمع الدولي حيال تلك الجامعة والدراسة فيها وخريجيها، بدءاً من ضرورة مقاطعة الجامعة كليا، ومقاطعة الاكاديميين الذين يدرّسون فيها، وعدم الاعتراف بالشهادات الصادرة عنها، وهذا هو الحد الأدنى المطلوب من المجتمع الدولي حيال هذا الخرق الفاضح.
إن الوزارة اذ تدين بأشد العبارات هذه الزيارة المشؤومة، فإنها تؤكد أن إدعاء نتنياهو في كلمته (أن اريئيل ستبقى دائماً جزءاً من دولة اسرائيل)، هو منافٍ للحقيقة أولا، ويتناقض تماماً مع القانون الدولي، وينسف أسس العملية التفاوضية إن تبقى لها أي أسس، خاصة وأنه يفترض مسبقاً أن تلك المستوطنة المسماة أريئيل المقامة على ارض فلسطينية محتلة ستكون تحت السيادة الاسرائيلية، وبالتالي فهو إما يستبق المفاوضات ونتائجها، ويفرض شروطا مسبقة على الجانب الفلسطيني حتى قبل المفاوضات، أو أنه يلوح بإستخدام القوة العسكرية التي تتمتع بها اسرائيل لوضع تلك الأرض الفلسطينية المحتلة ضمن السيادة الاسرائيلية. وفي الحالتين فهذا المنطق مرفوض فلسطينيا، ويجب أن يتم رفضه بقوة من جانب المجتمع الدولي، وجميع تلك الدول التي تتمسك بالقانون الدولي أو تدعيه، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وممثلتها في الأمم المتحدة.
إن إدعاء نتنياهو في خطابه بأن (جامعة اريئيل) الاستيطانية غير الشرعية هي مؤسسة مفتوحة وتعددية، وأنها تمثل (الروح الحقيقية لدولة اسرائيل)، هو مجرد إفتراء على الحقيقة، فالواقع الاستيطاني الذي فرضته دولة الاحتلال على الارض الفلسطينية المحتلة، يمثل الروح الاستعمارية الاحلالية العنصرية والفاشية لدولة اسرائيل، وفقط بهذا المعنى فإن مستوطنة (اريئيل) وجامعتها تمثل الروح الحقيقية لدولة اسرائيل، وهي روح التطرف والاستعمار والحقد والكراهية والعنصرية.