كتب الصحفي الأمريكي سيمور هيرش مقالا في جريدة ألمانية، تعرض من خلاله للضربة الصاروخية، التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية لمطار الشعيرات العسكري السوري.
و قال الكاتب الأميركي في مقال له في صحيفة "دي فيلت" الألمانية، إنّ الاستخبارات الأميركية لم يكن لديها أدلة على أنّ الحكومة السورية في دمشق تقف خلف الهجوم الكيميائي على خان شيخون في نيسان/ أبريل الماضي.
وقال أحد المستشارين في الإدارة الأمريكية للكاتب الصحفي هيرش، أن استخدام القوات السورية للسلاح الكيميائي هو مجرد "قصة مفبركة"، وبرغم ذلك أعطى الرئيس ترامب أمراً بإطلاق صواريخ التوماهوك على القاعدة الجوية السورية.
وأشار الكاتب إلى أن القوات السورية نفذت ضربة جوية لمقر اجتماع قيادة الإرهابيين، وكان يوجد في هذا المقر أيضا أسلحة وذخائر ومواد كيميائية أهمها مادة الكلور.
وأضاف الكاتب في المقال: بعد الضربة التي وجهتها القوات السورية لذلك المقر، تشكلت سحابة سامة من غاز الكلور. والأمريكيون كانوا يعلمون سبب انتشار هذا الغاز السام.
و أكد هيرش أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أذن بإطلاق صواريخ توماهوك على قاعدة الشعيرات في ريف حمص التابعة للجيش السوري على الرغم من تحذير الاستخبارات الأميركية من أنها لم تجد دليلاً على أن دمشق استخدمت سلاحاً كيميائياً.
وبحسب هيرش، فإنّ المعلومات المتوفرة لدى الأميركيين حينها هي أنّ الجيش السوري استهدف موقعاً للمسلّحين في 4 نيسان/ أبريل 2017، وذلك باستخدام قنبلة موجهة من قبل الجيش الروسي مزوّدة بمتفجرات تقليدية، وقد تمّ تزويد التحالف الغربي بتفاصيل الهجوم من قبل الرّوس.
ولفت هيرش إلى أنّ بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين كان يشعرون بالأسى الشديد من تصميم ترامب على تجاهل الأدلّة.
وينقل الكاتب قول أحد كبار الموظفين في الإدارة الأميركية لزملائه عندما علم بقرار القصف "لا شيء من هذا منطقي .. نحن نعلم أنه لم يكن هناك هجوم كيميائي .. الرّوس غاضبون".
ويشير هيرش إلى أنه في غضون ساعات من الهجوم على خان شيخون، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بصور الضحايا، صور مصدرها نشطاء محلّيون، على رأسهم منظمة "الخوذ البيضاء"، وهي مجموعة معروفة بصلتها بالمعارضة السورية المسلّحة.
ويقول هيرش "في سلسلة من المقابلات، علمت أنّ هناك اختلافاً كاملاً بين الرئيس ترامب والعديد من مستشاريه العسكريين ومسؤولي الاستخبارات، فضلاً عن ضباط ميدانيين في المنطقة لديهم فَهمٌ مختلف تماماً لطبيعة الهجوم السوري على خان شيخون.. وقُدّمت لي أدلّة على هذا الاختلاف، على شكل نصوص من الاتصالات بعد الهجوم مباشرة".
ويقول هيرش إنّ مسؤولي المخابرات الروسية والسورية الذين ينسّقون العمليات عن كثب مع الأميركيين أوضحوا أنّ الضربة المخططة على خان شيخون كانت خاصة بهدف ذو قيمة عالية.
وينقل هيرش عن أحد المستشارين الأميركيين الكبار قوله "كل ضباط العمليات في المنطقة كانوا على علم أنّ هناك شيئاً ما يجري، وقدّم الروس للقوات الجوية السورية قنبلة موجّهة ونادرة، والسوريون أرسلوا أفضل الطيارين لتنفيذ المهمة".
وبحسب هيرش فقد تابع المستشار الأميركي بالقول "هل خطط السوريون للهجوم على خان شيخون؟ إطلاقاً. هل لدينا اعتراضات لإثبات ذلك؟ إطلاقاً. هل كانوا يخططون لاستخدام السارين؟ لا. لكن الرئيس لم يقل: لدينا مشكلة ودعونا ننظر في الأمر. بل قال إنه يريد الضربة في سوريا".
واعتبر المستشار أنّ ما لم يلتفت إليه معظم الأميركيين هو أنه إذا كان هناك هجوم بغاز السارين بإذن من الرئيس السوري فإنّ الروس أنفسهم سيكونون غاضبين مثل أي شخص في الغرب.
ويؤكد المستشار الأميركي الكبير للكاتب أن كل شخص مقرّب من ترامب يعرف ميله إلى التصرّف بشكل عاجل عندما لا يعرف الحقائق، ويضيف "إنه لا يقرأ شيئاً ولا يملك معرفة تاريخية حقيقية، فهو يريد الإحاطات الشفوية والصور الفوتوغرافية. يمكنه أن يقبل عواقب قرار سيء في عالم الأعمال، وأنه سيفقد المال، ولكن في منطقتنا ستضيع الأرواح، وسوف يكون هناك ضرر طويل الأمد لأمننا الوطني إذا كان يخمّن بطريقة خاطئة".