قال الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "إن مفهوم التسامح في عصرنا الراهن هو مفتاح حقوق الانسان والتعددية السياسية والثقافية والديمقراطية، وقبول تنوع واختلافات ثقافات عالمنا واحترامها".
وأضاف، "التسامح هو موقف يقوم على الاعتراف بالحقوق العالمية للشخص الانساني، والحريات الاساسية للاخر، وتطبيقه يعني ضرورة الاعتراف لكل واحد بحقه في حرية اختيار معتقداته، والقبول بأن يتمتع الاخر بالحق نفسه، كما يعني بأن لا أحد يفرض آراءه على الاخرين".
وشدد عيسى، "هذه المعاني المتعددة الابعاد تؤسس التصور الجديد للتسامح الذي تربطه علاقة ضرورية بين حقوق الانسان والديمقراطية والسلم، وهذا يجعل مفهوم التسامح الجديد يتجاوز حدود الدين والفرد ليصبح حقاً ينبغي الدفاع عنه وحمايته قانونياً لكل حقوق الانسان الاخرى".
وأوضح الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية، "التسامح يعتبر شرط ضرورة للسلم ما بين الافراد كما بين الشعوب، وهو بمثابة التوابل اللازمة لكل ثقافة للسلام. فهو قبول الاخر على علاقة وعلى اختلافه، والاعتراف بحقوقه في الوجود والحرية والسعادة".
وأشار، "إن عدم التسامح يؤدي الى موت الفكر وغياب الديمقراطية والغاء حقوق الانسان، لان غيابه يؤدي الى غياب القدرة على الاكتشاف، وذلك لان الاكتشاف يزعزع الثوابت المؤكدة. ويؤدي ايضاً لقهر امكانيات الاختراع، لان الاختراع يرفض الاشكال القديمة، وهو رفض للديمقراطية لانها تنطوي على الحرية والحوار وتبادل السلطة".
ونوه الدكتور حنا عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي، "مفهوم التسامح يرتبط ارتباطاً عميقاً بمفهوم السلام، فالسلام هو لازمة طبيعية لمفهوم التسامح، فإذا كان السلام هو غياب الحرب ووجود الامن، فان هذا يعني وجود التسامح كضرورة حيوية لمفهوم السلام".
وتابع، "وهذا يعني في نهاية المطاف ان التسامح والسلام هما مفهوم واحد بوجهين متشابهين الى حد كبير. فالعنف هو نقيض التسامح، وذلك لان التسامح هو التصور الذي يتنافى مع اي ممارسة للعنف والتسلط والعدوان".
وقال القانوني حنا، "فقهاء التاريخ والفلسفة حاولوا تحديد مفهوم التسامح من خلال تجاربهم العلمية والتي انعكست من خلال الفقه اللغوي للفظة التسامح ما دامت تعني بمفاهيمنا العربية الكرم والسخاء والجود والمساهلة".
وأضاف، "هناك تطور لمفهوم التسامح عبر الحقب الزمنية المتتالية حتى اصبح يعني احترام حرية الآخر وطرق تفكيره وسلوكه وآرائه السياسية الدينية الى أن وصل بالبعض الآخر أن يقول بأن التسامح يعني قبول آراء الاخرين وسلوكهم على مبدأ الاختلاف، وهو يتعارض مع مفهوم التسلط والقهر والعنف، ويعد هذا المفهوم من أحد أهم سمات المجتمع الديمقراطي.
وتابع حنا، "وعبر التاريخ وردت قيم التسامح والحقوق الانسانية في الحضارات القديمة في شريعة حمورابي، كما وردت في الوصايا العشر وسجلت اجمل حضور انساني في الادب الاسلامي".
ونوه الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "ان التسامح ليس فضيلة اساسية تمليها التعاليم الدينية والفلسفية العظيمة، ولكنه بالاحرى يمثل استجابة للمتطلبات الاجتماعية والسياسية في اوقات الاضطرابات الايديولوجية الكبيرة. وغني عن القول".
وذكر د. حنا عيسى، "المفهوم المعاصر للتسامح يقوم على مبدأ الديمقراطية وحقوق الانسان العالمية، حيث ربطت وثقية اعلان المبادىء العالمي الصادر سنة 1995 بين التسامح وحقوق الانسان والديمقراطية والسلم وبالتالي ارتقت بالتسامح الى صورة قيمة قانونية تتطلب الحماية من قبل المجتمع الدولي".
ولفت، "يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير في رسالة التسامح: "لقد وجد الدين ليجعلنا سعداء في هذه الحياة الدنيا وفي الاخرة، ما المطلوب كي نكون سعداء في الاخرة؟ ان نكون صالحين. وما العمل كي نكون سعداء في هذه الدنيا في حدود ما يسمح به بؤس طبيعتنا؟ ان نكون متسامحين".