اكد المحلل السياسي الاسرائيلي عاموس هرئيل، في صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم ان قطاع غزة يقترب من نقطة الغليان في الصيف، مثل ضفدع تنضج على مهلها في الوعاء، وترتفع درجات الحرارة درجة بعد اخرى دون ملاحظة الخطر. ومن دون ان يكون التصعيد هدفا معلنا لأي من الطرفين، ومن دون أي مصلحة سيخدمها هذا التصعيد، يبدو ان اسرائيل وحماس تقتربان من مواجهة محتملة، بتشجيع ناشط واستثنائي من السلطة الفلسطينية.
وقال ان قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زيادة الضغط الاقتصادي على سلطة حماس في غزة، هو السبب الأساسي للتوتر الجديد. بعد عشر سنوات من طرد كبار قادة فتح من غزة، ورفض قيادة حماس الاعتراف بأي دليل لسيادة السلطة في القطاع، يبدو ان عباس مل تمويل خصومه السياسيين. وتشمل العقوبات التي فرضتها السلطة على غزة، تقليص ثلث رواتب مستخدمي السلطة في القطاع، تقليص الدعم المالي للأسرى المحررين وتشويش بالغ في تزويد الكهرباء.
واضاف "الكهرباء هي العامل الأكثر حسما في الصورة. في الأيام العادية تزود اسرائيل القطاع بـ 123 ميغاواط من الكهرباء بواسطة شعرة خطوط؛ وتصل 60 ميغاواط اخرى من محطة الطاقة الرئيسية في غزة (التي تعمل بنصف قوتها فقط وتعتمد على السولار المستورد عبر اسرائيل)؛ و23 ميغاواط أخرى تزودها الخطوط المصرية حين لا يطرأ خلل. لقد توقفت السلطة عن دفع ضريبة السولار (التي يجري اقتصاصها من العائدات الضريبية التي تحصل عليها من اسرائيل) وتهدد بوقف تمويل خطوط الكهرباء من اسرائيل لغزة. من شأن الدمج بين هاتين الخطوتين ان يقلص كمية الكهرباء اليومية التي يتم تزويدها لسكان القطاع الى ما دون المستوى الحالي – اربع ساعات في الحد المتوسط يوميا – والذي يجبر السكان في كل الاحوال على اعتماد كل قدرات المولدات، ويمس بصورة بالغة بعمل المستشفيات ويشوش تطهير مياه الصرف الصحي وتزويد مياه الشرب".
وقال "هذا يحدث في بداية الصيف الغزي، الذي باتت درجة الحرارة فيه تلامس ما لا يمكن احتماله. لقد عقدت القيادتين السياسية والامنية في اسرائيل، خلال الاسبوعين الاخيرين، سلسلة من النقاشات حول ازمة الكهرباء في غزة ومخاطر التصعيد العسكري هناك. وامس ناقش المجلس الوزاري الموضوع (المجلس صادق امس على طلب السلطة وقف جباية ثمن الكهرباء منها – المترجم). وقد سبق لمسؤولين اسرائيليين، بينهم وزير الامن افيغدور ليبرمان، ان اعلنوا بأن اسرائيل لا يمكنها استبدال السلطة ودفع المبالغ المتراكمة. حكومة نتنياهو لا تريد ان تظهر كمن تستسلم للابتزاز الفلسطيني".
وقال "في المقابل، يجب عليها، كما يبدو، ان تأخذ في الاعتبار بأن المبالغ المقصودة – عشرات ملايين الشواكل شهريا – تقل عن التكلفة الاقتصادية ليوم حرب واحد في القطاع، ولم نذكر بعد بالخسائر المتوقعة. كما ان الأزمة بين السعودية وقطر تؤثر على الاجواء في غزة. خلال فترات سابقة احتاجت فيها حماس الى المساعدات الاقتصادية، تجندت قطر للمساعدة، بموافقة مصر. والان، تنشغل قطر في الحصار الذي فرضته عليها السعودية، بدعم علني من القاهرة. ومن شأن هذه التطورات ان تدفع حماس مجددا الى احضان ايران".
واضاف "في الخلفية تدور احداث اخرى: فقد اعلن الشاباك انه احبط خطة لحماس في غزة لاغتيال ضابط في الجيش الاسرائيلي، بواسطة جنائيين عرب من اسرائيل، انتقاما لاغتيال الناشط الكبير في حماس مازن فقها وفيما كانت حماس تصد في السابق المظاهرات التي تجري بالقرب من السياج الحدودي، انتقلت الان الى تشجيعها (خلال الاسبوعين الماضيين قتل مواطنين من غزة بنيران الجيش الاسرائيلي لدى اقترابهما من السياج)؛ وفي الأسابيع القريبة يفترض ان تبدأ وزارة الأمن بتوسيع العمل في اقامة العائق الجديد المضاد للأنفاق على حدود غزة. وسيؤدي بناء هذا العائق الى زيادة الضغط على حماس، لأن جناحها العسكري يخشى ان يسحب بناء هذا العائق منه كنزه الاستراتيجي الذي عمل عليه خلال السنوات الأخيرة".
وقال"في الأسبوع الماضي، اضطرت وكالة الاونروا الى الاعلان عن كشف نفق قامت حماس بحفره تحت احدى مدارسها في القطاع واكد هذا النشر ادعاء اسرائيليا قديما، والذي ثبت خلال الجرف الصامد، بشأن استغلال حماس المتعمد للمواقع الانسانية من اجل الأغراض العسكرية واستغل رئيس الحكومة نتنياهو الفرصة لمطالبة الامم المتحدة، امس، بإعادة النظر في استمرارية وجود الوكالة، التي تكرس عملها لدعم عائلات اللاجئين الفلسطينيين واحفادهم".
وقال "نتنياهو يعرف توجه ترامب المعادي ازاء مواصلة تمويل نشاطات الأمم المتحدة وفي الأسبوع الماضي زارت سفيرته لدى الامم المتحدة، نيكي هايلي، اسرائيل. ومن بين الذين استضافوها كان قادة من الجيش الذين رافقوها في جولة على حدود القطاع، شملت زيارة نفق هجومي حفرته حماس داخل الأراضي الاسرائيلية.".
وقال "طلب نتنياهو الحالي سيعرض الاونروا للإحراج، وربما تفوز اسرائيل بنقاط في الحرب الاعلامية ضد الفلسطينيين، لكنه لا يجب عليها حرف النقاش عن الجوهر، منع حرب زائدة اخرى في القطاع".