أكد الدكتور رمضان عبد الله شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي اليوم الاثنين، أن الذكرى التاسعة والستين لنكبة فلسطين، هي ذكرى أكبر جريمة سطو مسلح وعملية تطهير عرقي في تاريخ الإنسانية.
وقال شلح في كلمة له :" ننحني اجلالا في ذكرى النكبة أمام قامة شعبنا العظيم ونؤكد على أن الرد على استمرار النكبة هو وحدة الشعب.
وخاطب قادة الدول العربية والاسلامية قائلا :" لا تكرروا أخطاء أجدادكم.
وشدد شلح على ان النكبة مستمرة ومازال شعبنا يعيشها في كل يوم وكل ساعة.
في سياق اخر قال شلح ان الرئيس الفلسطيني ابو مازن يشن حرب اقتصادية على غزة كجزء من صفقة مفاوضات خاسرة والقطاع على وشك الانفجار مضيفا :" قطاع غزة اليوم برميل بارود إذا انفجر لن يبقى ولن يذر.
واوضح " ابو مازن بدل أن يفك الحصار عن غزة يقوم بإجراءات تعزيز الحصار، متسائلا "هل هي جزء من صفقة العودة للمفاوضات أم أنها صفقة العصر الخاسرة ؟.
وقال ان الشعب الفلسطيني لا يستحق ولا يحتمل العقوبة الجماعية التي يفرضها الرئيس عباس .
الى ذلك قال شلح : "لن نلقي السلاح ولن نعترف بوجود اسرائيل على اي شبر من فلسطين ولا يملك أحد على وجه الأرض أن يلغي فلسطين حتى لو بقي فلسطيني واحد على وجه الأرض مشددا على انه " لا يحق لأحد تجريم المقاومة وملاحقتها حفظا لأمن العدو الصهيوني".
وحول الاسرى اكد شلح انه ان "استمر العدو في غطرسته بما يعرض حياة اسرانا للخطر فلن نقف مكتوفي الأيدي ولنا في المقاومة كلمتنا وخياراتنا مفتوحة" مؤكدا على "انه سيكون للمقاومة كلمة قريبة حال واصل الاحتلال التنكر للاسرى".
وشدد على ضرورة تصعيد الانتفاضة دفاعا عن القدس والأقصى وانتصارا للأسرى.
وفي ختام حديثه قال شلح نحن بحاجة إلى ميثاق وطني يحدد الثوابت والمرجعيات التاريخية في مواجهة تفشي الرواية الصهيونية.
واضاف "لا يمكن تحقيق الوحدة والمصالحة دون سحب اعتراف منظمة التحرير ب"اسرائيل" والغاء اتفاق أوسلو".
خطاب الدكتور رمضان شلح اليوم :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه ومن ولاه، وبعد..
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية،
يا كل أحرار العالم،
اليوم هو يوم الذكرى الكبرى، ذكرى نكبة فلسطين الأليمة عام 1948. ذكرى أكبر جريمة سطو مسلح وعملية تطهير عرقي في تاريخ الإنسانية، حين تم اغتصاب أرض فلسطين, وقتل وإرهاب وتشريد أهلها الأصليين وأصحابها الشرعيين, بقوة السلاح وبالمجازر الصهيونية، وتم اختراع شعب آخر من أتباع الديانة اليهودية المنتشرين في أنحاء العالم، الذين جلبتهم الحركة الصهيونية ليستوطنوا فلسطين تحت حراب الاحتلال البريطاني، وليعلنوا في مثل هذا اليوم، قبل تسعة وستين عاماً، قيام دولة يهودية صهيونية على أرض وطننا, فلسطين، الذي لا نملك ولا نعرف لنا وطناً سواه.
يا أحباء فلسطين في كل مكان: إننا لا نحيي ذكرى النكبة لاستحضار وقائع جريمة وقعت, ومرارة آلام ومعاناة مضت، فالنكبة مستمرة، ومازال شعبنا يعيشها ويعاني آثارها كل يوم، وكل ساعة، في محنته المستمرة, على أرض فلسطين, وفي الشتات والمنافي. إن استمرار النكبة، ليس فقط يعري صناعها، لصوص الأوطان، ويكشف بشاعة العنف والإرهاب الذي اغتصبوا به وطننا السليب، وفرضوا عليه دولة الخرافات والأساطير الدينية, والمزاعم التاريخية، بل يفضح سراب السلام وأكذوبة التسوية, التي ولدت من رحم الهزائم واختلال موازين القوى، ويجري الاستعداد المشبوه حالياً لإحيائها وإعادة تسويقها بكل ما حملت من أوهام وظلم وإجحاف بحق شعبنا وقضيته.
يا أبناء شعبنا وأمتنا في كل مكان..
تهل علينا ذكرى النكبة في ظل مناخ عربي رسمي وإقليمي ودولي هو الأسوأ في تاريخ الصراع، إن لم يكن في تاريخ الأمة. مناخ تسيطر فيه على عالمنا العربي حالة سلم شامل, غير معلن بالكامل مع «إسرائيل»، وحالة حرب معلنة على كل من يذكرون الناس بأن لنا وطناً اسمه فلسطين .. مناخ موبوء، لسان حال النخبة العربية فيه، من مروجي ثقافة الاستسلام واليأس، يقول لنا: إن فلسطين ضاعت ولن تعود، والحديث عن تحريرها هو ضرب من ضروب الخيال أو الجنون!
في ذكرى النكبة من هذا العام، يترقب العالم وصول الرئيس الأمريكي الجديد, ترامب، إلى بلاد الحرمين، في مهبط الوحي، وقد تم حشد معظم زعماء المنطقة ليكونوا في استقباله, على نحو كرنفالي غير مسبوق.. يأتي ترامب وكله أمل أن يلمس في هذه الزيارة أهم صفتين للعرب، كما قيل، الكرم والنسيان.. وربما يفاجئ الضيف بأن مضيفيه قد نسوا فلسطين والقدس والأقصى, ثالث الحرمين، دون أن يدركوا أن من يفرط في القدس يفرط في مكة! أما الكرم العربي، فقيصر روما الجديدةِ قادم لأخذ الجزية من بعض العرب والمسلمين بمئات مليارات الدولارات, ثمناً لصفقات أسلحة أمريكية، سيصب جزء منها في جيوب أثرياء اليهود الأمريكيين، الذين يمولون جريمة ابتلاع القدس وتهويدها. بهذه الزيارة المشؤومة، ربما تدخل المنطقة حقبة جديدة بكل المقاييس، يطمح فيها أعداء الأمة بإعادة رسم الخرائط في المنطقة, وتغيير هويتها، وتصفية قضية فلسطين، وتثبيت ودمج «إسرائيل» كدولة طبيعية مهيمنة في المنطقة، وتقسيم وتفتيت دول عربية مركزية, على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، بما يسوغ ويشرع وجود «إسرائيل» كدولة يهودية.
في ظل هذه الريح الأمريكية التي تهب على المنطقة، وما تحمله من مخاطر، وفي ذكرى النكبة الأليمة، فإننا، وباسم جرحنا النازف في فلسطين والقدس، نتوجه لكل أبناء شعبنا وأمتنا، ولكل أحرار وشرفاء العالم، بعدة رسائل:
أولاً: إننا نأمل أن يتعافى النظام العربي من وهم الرهان على أمريكا و«إسرائيل»، وأن يدرك القادة والزعماء أن أمن البلاد العربية والإسلامية يحققه أبناؤها لا أعداؤها، ونقول لهم لا تكررّوا خطأ أجدادكم عندما قاتلوا المسلمين الأتراك تحت راية بريطانيا والحلفاء، وراية الجنرال اللنبي، الذي قال عندما احتل القدس "اليوم انتهت الحروب الصليبية"، وقد فعلوا ذلك طمعاً في استقلال العرب، فجلبوا لنا الاستعمار الذي تقاسم المنطقة، وزرع لنا في قلبها «إسرائيل»!
ثانياً: إننا إذ ننحني إجلالاً، في ذكرى النكبة، أمام قامة شعبنا العظيم، الذي لم يستطع صناع النكبة أن يكسروا إرادته طيلة تاريخ الصراع، لنؤكد إن الرد الطبيعي والواجب على النكبة المستمرة، هو وحدة الشعب الفلسطيني كله، في مواجهة المشروع الصهيوني، الذي لم يسقط من أجندته حتى اللحظة، هدف القضاء على الشعب الفلسطيني، واقتلاع من تبقى منه من وطنه فلسطين.
ثالثاً: وحتى لا يبدو حديثنا عن الوحدة نوعاً من الخيال أو الوهم، نقول، وبكل صراحة والتزام ومسؤولية، لا يمكن تحقيق الوحدة الفلسطينية، ولا حتى المصالحة وإنهاء الانقسام، دون سحب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، والقطع مع مسار أوسلو الذي أبقى على الاحتلال باسم جديد، وجعله أقل تكلفة للعدو. طالما أن "الشيطان الإسرائيلي" في بيتنا، وفي "عش التنسيق الأمني المقدس"، فلن تقوم لهذا البيت قائمة، ولن نفلح في إعادة بنائه وترتيبه بأي حال. هذا ما أكدنا عليه في مبادرة النقاط العشر, التي طرحتها حركة الجهاد، والتي مازلنا نعتقد أنها تشكل أرضية مناسبة للحوار الوطني، من أجل إجراء مراجعة شاملة وصياغة استراتيجية وطنية جديدة تليق بالشعب الفلسطيني وتضحياته، بعد فشل خيار التسوية الذي سلكته منظمة التحرير، للحصول على دولة فلسطينية في حدود عام1967، من خلال الاعتراف بإسرائيل والتفاوض معها، ووصوله إلى طريق مسدود.
رابعاً: إننا, وفي ذكرى النكبة، ندعو إلى صياغة ميثاق وطني فلسطيني جامع، بعد تخلي منظمة التحرير عن الميثاق الوطني, الذي تم إلغاء بنود أساسية منه استجابة لضغوط وإملاءات أمريكية «إسرائيلية».. لذلك، نحن بحاجة إلى ميثاق وطني، يحدد لنا ما هي الثوابت، وما هي المرجعيات التاريخية والقانونية لكامل حقنا في وطننا فلسطين، ويضبط مسيرتنا وخياراتنا. نريد الميثاق لمواجهة تفشي الرواية الصهيونية للصراع، بكل ما فيها من تزوير للتاريخ والحقيقة، ولنقول لأبنائنا وأحفادنا ولأمتنا وللعالم كله، أرض فلسطين لمن؟ لنا أم لليهود الصهاينة؟! وهل هي أرض فلسطين، أم أرض «إسرائيل»؟! وهل من حقنا أن نحمل السلاح ونقاتل من أجل تحريرها، كما كل شعوب الأرض التي واجهت الغزو والاستعمار، أم من حق بعضنا أن يلزم نفسه بنبذ المقاومة وتجريمها وملاحقتها حفظاً لأمن عدونا؟! نريد الميثاق الجامع، كي نخرج من حالة البلبلة والفوضى الفكرية والسياسية، الرسمية والفصائلية، التي باتت تهدد مستقبل شعبنا وقضيتنا.
خامساً: إن من أهم أولويات شعبنا اليوم، توفير متطلبات الصمود والبقاء على الأرض، وإنهاء الحصار الظالم لقطاع غزة. في مقابل ذلك، فاجأنا رئيس السلطة الفلسطينية, الأخ أبو مازن، بأنه بدلاً من أن يسعى لفك الحصار عن شعبه ويسهم في تخفيف معاناته وآلامه، وجدناه يعلن سلسلة من الإجراءات والقرارات التي لا معنى لها سوى الحرب الاقتصادية على هذا الشعب، في لقمة عيشه وقوت أطفاله، بما يزيد من آلامه ومعاناته ويمتهن كرامته. هل هذا جزء من فاتورة العودة إلى المفاوضات؟ أم عربون "لصفقة العصر الكبرى" الخاسرة التي يروجون لها؟! إن الشعب الفلسطيني لا يستحق ولا يحتمل هذه العقوبة الجماعية، وإن قطاع غزة اليوم برميل بارود على وشك الانفجار، وإذا انفجر، فلن يبقي ولن يذر!
سادساً وأخيراً: إننا نؤكد في ذكرى النكبة، على ضرورة تفعيل الانتفاضة وتصعيدها على نطاق جماهيري واسع، دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى المهدد بخطر الهدم، وانتصاراً للأسرى الأبطال وتضامناً مع مطالبهم المشروعة في معركة الحرية والكرامة.. إن دفاعنا عن الأسرى هو دفاع عن إنسانيتِنا، وهو التعبير الطبيعي المشروع عن مقاومة العبودية ومحاولة سلبنا الحياة بعد أن سلبونا الوطن.
إننا في هذه المناسبة، نتوجه بالتحية إلى كل أسرانا البواسل، في ملحمتهم البطولية، ونقول لكل قادة الحركة الأسيرة، ولكل الأسرى والأسيرات، من كلِ القوى والفصائل، من صبركم وصمودكم وجوعكم وعطشكم، ستشرق شمس الحرية، ليس لكم فحسب، بل لوطننا فلسطين, بإذن الله.
أما العدو المجرم، وكل المتواطئين معه بصمتهم ولا مبالاتهم بمعاناة أسرانا ومحنتهم، من دول وحكومات ومؤسسات دولية وهيئات حقوق إنسان، فنقول لهم: إن تحققت مطالب الأسرى العادلة، فلله الحمد والمنة، وكفى الله المؤمنين شر القتال. وإن استمر العدو في غطرسته بما يعرض حياة أسرانا للخطر، فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي أو نتركهم فريسة الموت نتيجة عناد الصهيونية العنصرية المتوحشة، فلنا في المقاومة كلمتنا وخياراتنا المفتوحة, وكفى!
نختم بالقول, في ذكرى النكبة، إننا في حركة الجهاد، وكما عبر بعضهم، بما هو شرف لنا، سنبقى متمترسين عند خيار "التحرير الكامل"، مهما كان الثمن والتضحيات.. إننا لن نلقي السلاح، ولن نعترف بالوجود الصهيوني على أي شبر من أرض فلسطين، ولن نساوم على ذرة من تراب القدس، لأن الاعتراف «بإسرائيل» يعني لنا الاعتراف بإلغاء فلسطين وأصحابها الأصليين.. ولا يملك أحد على وجه الأرض أن يلغي فلسطين حتى لو بقي فلسطيني واحد في هذا العالم. سنظل نقول: لا «لإسرائيل» لأنها تعني, نعم لفلسطين, كل فلسطين.. فهي وطننا قبل النكبة وبعدها.. بالأمس واليوم وغداً، وكل يوم.. وسوف تتحرر بعون الله، كما تحررت من كل الغزاة في الماضي، مهما تخلف العرب والمسلمون عن داعي الجهاد وواجب التحرير.. هذا ما ينبئ به التاريخ، وهذا هو وعد الله عزّ وجل، "ولن يخلف الله وعده".. ورحم الله من قال:
إن هذا العصر اليهودي وهم
سوف ينهار لو ملكنا اليقينا
المجد للشهداء الأبرار, والحرية للأسرى البواسل، والعودة للاجئين والنازحين..
عشتم, وعاشت فلسطين, من النهر إلى البحر, حرة عربية إسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.