اشتقتُ لكِ يا حرية...
خاطبتْ الأرضُ الحرية بصوت اختنق بمرار القهر...
كتبت لها رسائل الاشتياق و الحنين بقلمٍ أوجعته الحياة...
كتبتْ كلماتها في زمنٍ اختلطَ فيه ترابها بدماءِ شهداءِ لقمة العيش... بدماء من دفنتهم أيدي الظلم بأمراضٍ سكنتْ أجسادهم سنواتٍ... دون أصواتٍ صراخٍ مسموعٍ.
استهلتْ رسالتها بجملةٍ طالما غناها الكثيرون :
اشتقتُ لكِ يا حرية.. وسط انقسام الأرواح و انسلاخ العقول عن ذواتها....
اشتقتُ لكِ يا حرية....
فالحبُ تاه في طرقاتِ الكراهية دون أن يجد دليلاً للخلاص و العودة تارةً أخرى إلى الأرواح... لتحيا في كنفِ أُنس الوفاق و تحررها من وحشة اللا إنسانية التي سكنت حارات الأجساد و العقول..
فالكلُ يتهافتُ على مصلحة الجسد و المال على حساب مصلحتك أنتِ
و للأسف!
لا أحدُ يبالي.... و لا أحدٌ يُوقظ ضمير المعرفة الواعية... يركض الجميعُ وراء وهم الترف دون درايةٍ بضياع القيم.
و يتساءلون؟!
أين نحن؟ و في أيَ زمنٍ نعيشُ؟
و تأتيهم الإجابة اللا مُقنعة...
إنه آخر الزمان!!!
و كأنهم ينسلخون عن أجسادهم و أرواحهم... و لا يعلمون أن آذانهم صُمتْ بشُعلات المصلحة لتضرم النار في كلِ ما يجوب طريقها و تلتهمه دون النظر لما يملكه من مزايا...
جميعهم يُكررُ تلك الكلمات البالية و كأنها أغنيةً عذبة اللحن؛ رغم يقينهم كم هي مُوجعة!!
اشتقتُ لكَ يا حرية...
فقيود الجهل كبلتْ العقولَ رُغماً عنها و برضا منها في الوقت ذاته... خُدعتْ تلك العقولِ بكلماتٍ اصطنعها البعضُ لانتحالِ شخصيتك أنتِ يا حرية...
ادعوا أن أكل لحم الغير و نهب مالهم بطرقٍ التفافية حرية....
و ادعوا أن الاستهانة بمشاعر هذا أو ذاك درباً من حرية الرأي...
خدعوا شباب اليوم بترف اللباس على أنه حرية... و أوهموهم أن تمردهم على شُطآن أهلهم حرية..
تلاعبوا بألفاظٍ لا تُمتُ لكِ بصلة قرابة أو معرفة لينالوا مآربهم....
لنكونَ فعلاً في آخر الزمان....
لكن!
لا أحد يرى نفسه في مرآته... بل يعكس شعاعها ليرى سواد الآخر دون الانتباه لصفاء حركاته نحو الحرية
يا حريةُ!!!
جفتْ ترتبي و أنا أكتب لكِ كلمات الألم... فقد وصلنا إلى الهاوية و بعْدُنا عن قيمٍ تاهتْ في أرواحنا و انفصلتْ عنها و كأننا نمتلكُ شخصياتٍ تعددت في جسدٍ واحدٍ.
اشتقتُ لكِ يا حرية..
سلفاً كان الجميع يخافون وحشة تربتي التي تضم أجسادَ مَنْ هجرتهم أرواحهم إلى الرفيق الأعلى...
لكنهم اليومَ،،،
أيقنوا أن الخوف من وحشة غياب الإنسانية... أيقنوا أن تربتي أكثر حناناً و أُنساً تضمهم رغم عتمتها و وحدة العيش دون رفيق فيها... و لكن! ما فائدة يقينهم هذا؟!
بدءوا يبحثون عنك مثلي أنا.... إلا أن خوفهم عقد عقولهم عن التفكير في سبل الوصول إليكِ....
كثُرت الأغنيات و الهتافات... و تزايدتْ شعارات البحث عنك...
و لكن! وا أسفاه... بلا جدوى....
بل ازدادت تربتي ضيقاً.... لا متسع فيها لتضمَ مَنْ أهلكتهم الكلماتُ...
تعبت أرواح الكثيرين و جفتْ أعينهم من الدمع... هربتْ منهم كي تنجو بما تبقى منها... و تركتْ أعينهم بأوجاعٍ بلا دموع... أوجاعٍ تُذيقُ قلوبهم مرار العيش على طرقات الظلم...
غدوتُ أنا أرضٌ بلا ملامح.... تائهةٌ بين أحرف اسمي و اسمكِ يا حرية...
اشتقتُ لكِ يا حرية....