محكمة مصريَّة: تيران وصنافير سعوديَّتان

الأحد 02 أبريل 2017 09:46 م / بتوقيت القدس +2GMT
محكمة مصريَّة: تيران وصنافير سعوديَّتان



القاهرة / وكالات /

دخلت اتفاقية تيران وصنافير التي تعطي بموجبها مصر حقَّ السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى السعودية في متاهة قانونية بعد حكم قضائي الأحد 2 أبريل/نيسان 2017 يؤكد سريانها ويوقف حكماً سابقاً ببطلانها.

فقد قررت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة استمرار سريان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة في نيسان/أبريل 2016 بين القاهرة والرياض والمعروفة باسم اتفاقية تيران وصنافير و"عدم الاعتداد" بحكم المحكمة الإدارية العليا ببطلانها ما أثار على الفور جدلاً قانونياً.

وقال المحامي أشرف فرحات الذي رفع الدعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة أن الأخيرة أيدت طلبه بـ"عدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا" الصادر في 16 كانون الثاني/يناير الماضي واستمرار سريان الاتفاقية التي تم توقيعها أثناء زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة.

واعتبر أن المحكمة الإدارية تعدت اختصاصها لتدخلها في "أعمال السيادة التي عرفها القانون والدستور بأنها الاتفاقات والمعاهدات الدولية".

رفض القرار

وقال المحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي، إن الحكم الصادر اليوم "لا قيمه له ولا أساس له من الصحة"، ولا يمكن الاعتداد به بأي حال من الأحوال، لأنه المحكمة غير مختصة بالتعقيب على أحكام المحكمة الإدارية العليا.

وأشار خالد علي، أن حكم الإدارية العليا لا يجوز التعقيب عليه لأنه حكم بات ونهائي، ولا يصح لأي جهة أن توقف تنفيذ هذا الحكم التاريخي الصادر بتأييد بطلان توقيع الاتفاقية.

وأوضح علي، في منشور على صفحته الرسمية بفيسبوك " أن النظام المصري يسعى من خلال حكم الأمور اليوم إلى أمرين وهما:

أولاً: "منح مجلس النواب غطاء قضائى يستتر به لتبرير بدء مناقشته للإتفاقية بزعم أن هناك حكم قضائى من محكمة الأمور المستعجلة قضى بعدم الإعتداد بحكم الإدارية العليا، ليدعوا بعد ذلك أن الإتفاقية سارية وصحيحة ومن ثم من حق البرلمان مناقشتها، وكل من اشتغل بالقانون يعلم أن هذا السلوك غير قانوني وغير دستورى وأنها محاولة بائسة لخلق شرعية زائفة لإتفاق يتضمن تنازل عن أرض مصرية".

ثانياً: "الحكم يستهدف تمهيد الأرض لتقوم الحكومة بتقديم دعوى تنازع اختصاص أمام الدستورية العليا، بزعم أن الاتفاقية تعرضت لها جهتان قضائتان مختلفتان وكل منها تمسك بنظر النزاع وأصدر أحكاما مختلفة عن الأخرى ، ومن ثم أصبح هناك تنازع اختصاص بين المحاكم منا يوجب على المحكمة الدستورية العليا الفصل فى هذا التنازع لتحدد من هى المحكمة المختصة، ومن ثم تحديد الحكم واجب النفاذ".

ومن جهته، كتب المحامي طارق نجيدة أحد المشاركين في تقديم الدعوى إلى المحكمة الإدارية لإبطال الاتفاقية، "لا تملك أي محكمة أو سلطة في مصر أن تلغي حكم الإدارية العليا إلا بحكم من الإدارية العليا وحدها".

وأضاف على فيسبوك "حكم القضاء المستعجل اليوم بعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا هو حكم صادر من قاض جزئي في محكمة مستعجلة لا تملك المساس بأصل الحق".

تحسن العلاقات بين القاهرة والرياض

ويأتي هذا الحكم في وقت تشهد فيه العلاقات بين مصر والسعودية تحسناً بعد فتور استمر عدة أشهر.

واستأنفت شركة أرامكو السعودية توريد شحنات شهرية من المشتقات النفطية إلى مصر في آذار/مارس الماضي بعد أن كانت أوقفتها منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016.

وشكل لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي على هامش القمة العربية في الأردن الأربعاء الماضي مؤشراً على تحسن العلاقات بين البلدين.

-"تضارب شديد"-

وقال النائب طارق الخولي من تحالف "دعم مصر" الذي يملك الأكثرية في البرلمان إن مجلس النواب "لم يناقش بعد الاتفاقية التي أحالتها الحكومة".

وأكد أن "هناك تضارباً شديداً في مسألة الاختصاص، البعض يعتقد أن هذا قرار سيادي وبالتالي لا يمكن أن يكون محل نظر من القضاء والبعض الآخر يقول إنه قرار إداري وبالتالي من حق المحكمة الإدارية النظر فيه".

وتابع "الآن نحن أمام حكمين متضاربين وفي اعتقادي إن القول الحاسم في هذه المسألة يجب أن يكون للمحكمة الدستورية".

وأقامت الحكومة دعوى "تنازع اختصاص" أمام المحكمة الدستورية العليا للطعن في اختصاص القضاء الإداري النظر في الاتفاقية ولم يصدر حكمها بعد.

أهمية الجزيرتين

ورغم تراجع الأهمية الإستراتيجية، بحسب الخبراء، لجزيرتي تيران وصنافير غير المأهولتين اللتين تتحكمان في مدخل خليج تيران، الممر الملاحي الرئيسي للوصول إلى ميناء إيلات الإسرائيلي على خليج العقبة، إلا أن المصريين الذين شاركوا في الحروب العربية الإسرائيلية قبل أن تصبح مصر أول بلد عربي يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، لا يزالون يتذكرون حرب الخامس من حزيران/يونيو 1967.

فقد كان إغلاق خليج تيران أمام السفن الإسرائيلية بقرار من جمال عبد الناصر في 23 أيار/مايو 1967 شرارة أشعلت بعد أقل من أسبوعين الحرب العربية-الإسرائيلية الثالثة التي احتلت خلالها إسرائيل هضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وجزيرتي تيران وصنافير اللتين كانتا آنذاك في حماية الجيش المصري.

وعند إبرام اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1978، وضعت الجزيرتان مثل بعض أجزاء من شبه جزيرة سيناء ضمن ما يعرف بـ "المناطق ج" حيث يمنع أي تواجد للجيش المصري ويسمح فقط بانتشار عناصر من الشرطة.

ويعود اهتمام السعودية بالجزيرتين إلى "أسباب تاريخية أكثر من أي شيء آخر"، إذ أن المملكة اعتبرتهما دائماً أراض سعودية.

وأثارت اتفاقية تيران وصنافير احتجاجات وتظاهرات غير مسبوقة العام الماضي ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي قمعتها الأجهزة الأمنية.

وكانت الحكومة بررت قرارها بالقول إن "العاهل السعودي الراحل الملك عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في كانون الثاني/يناير 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين"، وإن الاتفاقية استندت إلى قرار أصدره الرئيس الأسبق حسني مبارك وأبلغه رسمياً إلى الأمم المتحدة في أيار/مايو 1990 "يجعل جزيرتي تيران وصنافير داخل المياه الإقليمية السعودية".

على الجانب الأخر، عبر عدد من رواد الشبكات الاجتماعية في السعودية، عن ترحيبهم بالقرار، معتبرين أن الرياض كانت لا تحتاج إلى هذا الحكم كون أن هذه الأرض سعودية، بحسب ما قالوا.

احتفاء سعودي

وأطلق المغردون هاتشاغاً بعنوان #تيران_وصنافير_سعوديه، حقق مراكز متقدمة في التداول بالسعودية.

المصدر:" هافينغتون بوست "