كتب تسفي برئيل – هآرتس : -أفيغدور ليبرمان يشغل المنصب الثاني في أهميته في الحكومة “الإسرائيلية”. وليس مهماً معرفة كيف وصل الى كرسي وزير الجيش، أو لماذا يعتبر الوزير الأكثر عقلانية في هذه الزمرة التي تقوم بادارة الدولة. لهذا ليس هناك مناص من التطرق الى كل كلام فارغ يخرج من فمه بجدية (تماما مثلما تم التعاطي مع أقواله قبل أن يصبح وزيراً للجيش، عندما وعد بقتل إسماعيل هنية خلال 48 ساعة، أو عندما طلب قصف سد أسوان)، والآن عاد الى موضوع الترحيل “الترانسفير” الذي جعل الدولة تهتز قبل 12 سنة. وهو يقترح أن يكون هذا هو الحل للصراع. ويمكن أن ليبرمان قد تذكر قبل غفوته الترحيل الذي قام به ستالين لنحو ربع مليون شخص من التتار، الذين تم طردهم بالقوة من جزيرة القرم في العام 1944، أو يمكن أنه اشتاق الى النكبة الفلسطينية.
يجب علينا التساؤل بسبب الجدية، حول إقتراحه، الذي ولد حينما كان وزيرا للمواصلات، وهو المنصب الذي كان يلائم بشكل كبير فكرة “الترانسفير”.
أولا، عندما يقول فيه ليبرمان إن معادلة “الارض مقابل السلام” لا يمكنها أن تكون أساساً للتسوية. وهذا ما تعلمناه من أقواله في السابق، فهو يقترح الآن بالتحديد إعطاء الأراضي التي توجد تحت سيادة إسرائيل للدولة الفلسطينية، مقابل ضم المستوطنات مع سكانها.
الخطأ الثاني يكمن في قوله “ليس من المعقول أن تقوم دولة فلسطينية دون وجود يهودي واحد فيها، مقابل إسرائيل التي ستكون دولة ثنائية القومية مع 22 في المئة من عدد سكانها من الفلسطينيين”.
ليبرمان لا يطلب في إقتراحه، بالطبع طرد كل العرب الإسرائيليين. وحسب صيغته فان أغلبية العرب في إسرائيل، 90 في المئة، يستمرون في كونهم مواطنين إسرائيليين ويحصلون على حقوقهم السياسية، وإسرائيل تستمر في كونها دولة ثنائية القومية. أي أنه لا حل ل “التهديد الديمغرافي” في خطة ليبرمان.
الخطأ الثالث هو أنه حسب خطة ليبرمان من العام 2004، فان العرب يمكنهم العودة والعيش في إسرائيل اذا وافقوا على العيش في حدودها الجديدة واذا قدموا ولاءهم للدولة. أي أنه على إستعداد لاعادة جميع الفلسطينيين الذين طردوا في اطار الترانسفير. وفي نفس الوقت لا يريد اعادة الاراضي. وهذه ستكون سابقة تاريخية وتغير للمواقف فيما يتعلق بحق العودة.
الخطأ الرابع هو أن ليبرمان يقول إن تبادل الاراضي هو الشرط الضروري للتسوية بين إسرائيل والفلسطينيين والسلام الاقليمي. فهل ينوي إخلاء جميع المستوطنات التي لن تكون مشمولة في تبادل الاراضي مقابل وادي عارة؟ وهل هو على إستعداد لأن يقول الآن أنه في حالة الترانسفير سيتم وقف البناء في المستوطنات القائمة، وأنه لن يتم بناء أي مستوطنة جديدة في المناطق التي يوجد خلاف عليها؟.
إن “ترانسفير” ليبرمان سيكن ترانسفير جماعي. فالمواطنون العرب لن يتم نقلهم في الحافلات الى وطنهم الجديد، بل الحديث يدور عن رسم الحدود والغاء ملفات في التأمين الوطني ووزارة التربية والتعليم والمؤسسات الاخرى التي تغذي السكان العرب بالقليل. وهذا سيؤدي الى توفير كبير في نفقات الدولة. ولكن الاموال يجب تخصيصها لبناء المزيد من الوحدات السكنية للمستوطنات البؤساء الذين لن تشملهم خطة تبادل الأراضي.
ليبرمان يعتبر شخصا عقلانيا. صحيح أنه رفض قبل سنتين الإجابة في إستطلاع أجرته صحيفة “هآرتس” على سؤال “هل تؤمن بالله”. ولكن يمكن القول إنه لا يقوم بزيارة قبور الأولياء، وهو ايضا ليس مسيحانيا. وهو يقول لكل من يستمع اليه إنه يجب تنسيق عمل الحكومة في المناطق مع الولايات المتحدة.
المنطق هو الجانب الفاعل لديه، لذلك لا حاجة الى محاولة تغيير مواقفه بذرائع مثل إلحاق الضرر بنسيج الحياة لعرب إسرائيل، أو الصلة التاريخية والشعورية للعرب في إسرائيل مع الأرض التي يعيشون عليها. وليبرمان لا يهتم أيضا بوصف “العنصرية” الذي يتم إطلاقه على نظرية “الترانسفير” خاصته. فالعنصرية حسب رأيه هي قناعة عقلانية لأمة تخشى على حقها في الوجود. يمكن أن نكون أمام رجل يُحدث الفوضى، رجل تخفى في عيد المساخر على هيئة شيطان.