في أعقاب تصريحات سفيرة إسرائيل في الأردن، عينات شلاين، بشأن عدم استقرار الوضع في الأردن، قالت مصادر أردنية إنهم تفاجأوا، في أقل تقدير، في الأردن بهذه التصريحات، باعتبار أن 'استقرار السلطة ليست مصدر قلق آني في الأردن، ولم يكن كذلك في الفترة المشار إليها، تشرين الأول/ أكتوبر 2016'.
وأضافت المصادر ذاتها لصحيفة 'هآرتس' أنه 'صحيح أن هناك مصاعب اقتصادية كبيرة، ونظمت مظاهرات ضد رفع الأسعار، وصحيح أن قضية اللاجئين السوريين تهز المجتمع الأردني، ولكن هذا وضع ثابت تقريبا في الأردن، منذ أن فتحت أبوابها لاستيعاب نحو مليون لاجئ سوري'.
في المقابل، يتناول محلل الشؤون العربية في صحيفة 'هآرتس'، تسفي برئيل، الأوضاع الاقتصادية في الأردن، باعتبار أنها ليست ضمن عوامل الاستقرار، حيث ارتفعت البطالة إلى 16%، وتكاد تصل إلى الضعف في وسط الشباب والأكاديميين وسكان الضواحي. بينما يصل العجز إلى 1.22 مليار دولار، وحتى رزمة المساعدات، بقيمة 5 مليار دولار لـ5 سنوات، من دول الخليج، انتهت العام الماضي دون أي إشارة إلى تجديدها.
علاوة على ذلك، فإن علاقات الأردن فاترة مع السعودية، على خلفية رفض الأردن لقوات التحالف العربي العمل من أراضيها.
ورغم أن الأردن تحصل على مساعدات أميركية أكبر من أجل تمويل معالجة شؤون اللاجئين، إلا أن المعطيات الرسمية تشير إلى أنها لم تحصل إلا على 6% من المبلغ المطلوب من أجل تحمل المصاريف الضخمة المطلوبة لمعالجة شؤون اللاجئين، وبضمن ذلك تخصيص أماكن كغرف دراسية، تفعيل وصيانة مخيمات اللاجئين، وتقديم خدمات صحية، ومساعدات للمحتاجين، والحفاظ على النظام في المخيمات.
كما يتضح أن نحو نصف اللاجئين السوريين يعيشون في المخيمات، في حين انتقل الباقون إلى المدن الكبرى، وخاصة عمان وإربد والمفرق. وأدى ذلك إلى نشوء مشكلة اقتصادية لمواطني الأردن حيث يحتل اللاجئون أماكن عمل أكثر، وخاصة في الأعمال البسيطة التي اعتال منها الأردنيون.
وفي هذا السياق، بحسب تقرير 'هآرتس'، فإن فقدان أماكن العمل هي نقطة حساسة بوجه خاص، حيث تتشكل أرضية خصبة لتنظيم أعمال احتجاج. ورغم أن وسائل الإعلام الأردنية تحدثت عن إقامة مصانع جديدة من قبل لاجئين سوريين في إربد، ونقل مصانع من سورية إلى الأردن، وتشغيل أردنيين في هذه المصانع، إلا أن ذلك يظل هامشيا في بحر البطالة، كما أن هذه المصانع لا تحل مشكلة فقدان أماكن العمل في مواقع أخرى.
وينضاف إلى ذلك، أعمال الاحتجاج على رفع أسعار الوقود، وتقليص الدعم الحكومي، ورفع أسعار المنتجات الأساسية. كل ذلك أدى إلى خروج مئات متظاهرين في الكرك والطفيلة والسلط ومأدبة.
ويضيف التقرير، أنه على المستوى الأمني فإن الأردن تواجه خطر نقل تهديدات داعش إلى داخل المملكة، وتبذل جهودا كبيرة لصد تقدم عناصر داعش في جنوب سورية. ويشير في هذا السياق إلى أن الأردن هاجمت في الشهر الماضي، بطائرات مسيّرة (طائرات بدون طيار) قواعد لداعش في محافظة درعا، جنوب سورية، وتجمعات لناشطي جبهة فتح الشام، بالتزامن مع تعزيز التنسيق مع روسيا بهدف منع تسلل عناصر داعش إلى جهة الأردن بعد هزيمتهم في حلب والهجوم المرتقب على مدينة الرقة شمال سورية.
ويضيف التقرير، أن الأردن، التي تستضيف مركز التنسيق العسكري الذي يضم السعودية والولايات المتحدة ودول أوروبا، وإسرائيل بحسب بعض وسائل الإعلام، تمكنت حتى الآن من صد تقدم داعش إلى حدودها، ولكن المخابرات الأردنية تخشى من تشكيل خلايا في داخل المملكة، ومن تأثيرات داعش على اللاجئين في أراضيها.
ويشير إلى أنه رغم التعاون الاستخباري مع عدد من دول الجوار، وتنفيذ طلعات جوية متواترة على طول الحدود الشمالية وداخل الأراضي السورية، إضافة إلى إبداء قدرات استخبارية جيدة في متابعة تنظيمات وحركات إسلامية راديكالية تنشط داخل حدود الدولة، إلا أن ذلك يبقى صراعا لا يوجد فيه ضمانات لإغلاق محكم على النشاط الإرهابي.
ونقلت الصحيفة عن صحافي أردني قوله 'نعيش في واقع هش، يمكن أن تقع عملية في كل يوم، ويكن أن تندلع المظاهرات ضد الحكومة بدون أي سابق إنذار، وتبحث المعارضة عن أي ذريعة لانتقاد سياسة الحكومة، وآخر مثال على ذلك هو النقاش في البرلمان الأردني على اتفاقية الغاز مع إسرائيل. في مصر كانت معارضة اتفاقية الغاز مع إسرائيل بين الشعارات المركزية لمظاهرات الثورة التي أسقطت نظام مبارك. والآن يطالب أعضاء البرلمان بالاطلاع على نص الاتفاق بالكامل. ليس من المؤكد أنهم سيفهمون بنود الاتفاق، ولكن مثل هذا النقاش يتحول إلى أرضية خصبة للاحتجاج ضد النظام'.
ويخلص التقرير إلى أن جزءا من مركبات التهديد على استقرار الأردن كانت قائمة منذ سنوات في الأردن التي تمكنت من تجاوز 'الربيع العربي'. ويبقى السؤال هو 'هل يوجد الآن تراكم مصيري لمسببات الثورة والتي تستطيع أن تتحدى النظام؟ لا يوجد جواب قاطع على ذلك. وفي نهاية الشهر الجاري سوف تستضيف الأردن القمة العربية، ويتوقع أن يتم التوقيع، على هامش القمة، على عدة اتفاقيات مساعدة، وخاصة من قبل دول الخليج. وفي حال تحقق ذلك، وفي حال مدت الإدارة الأميركية، وكذلك الاتحاد الأوروبي أيديهما للأردن، فإنها تستطيع تحييد جزء مهم من عوامل الخطر، وتعزيز شرعية النظام'.