أضحت مدينة منبج، شمالي سوريا، محطة نزاع دولي بارزة، مؤخرا، مع دفع أطراف الصراع وداعميهم بالمزيد من مقاتليهم إلى منطقة صغيرة أصبحت تضم أكبر القوى الدولية في العالم.
وتجد مدينة منبج، في محافظة حلب، نفسها محاطة بكل الأطراف، فمن جهة الشمال مثلا، تتقدم القوات التركية في إطار "درع الفرات" مع مقاتلي الجيش السوري الحر، في مسعى إلى كبح جماح ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية.
أما قوات الحكومة السورية وحليفتها الإيرانية، فترابط بدورها جنوب المدينة، مدعومة بالقوات الروسية ومراهنة على استعادة المزيد من الأراضي، مدفوعة بالحماس الذي خلفته استعادة مدينة حلب، أواخر العام الماضي، وتزايد الاهتمام العالمي بمحاربة تنظيم داعش على حساب المطالبة برحيل بشار الأسد.
في غضون ذلك، يحرص مقاتلو تنظيم داعش المتطرف على مواصلة القتال، من جهة الجنوب الشرقي لمنبج، مفاقمين أزمة إنسانية للآلاف من السكان الذين يكابدون ظروفا صعبة جراء حالة الطقس الباردة.
وتسيطر ميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" على منبج فيما ينتشر مسلحو داعش في ريف المدينة، لكن أطراف الصراع مختلفة في تقدير أولوياتها، ففي الوقت الذي تركز أنقرة على الميليشيات الكردية، بحكم ما تعتبره خطرا انفصاليا محدقا بخاصرتها الجنوبية، يرى التحالف الدولي أن الأولوية يجب أن تعطى لقتال متطرفي داعش.
وسيطرت "قوات سوريا الديموقراطية" على مدينة منبج، التي تبعد حوالي 30 كلم عن الحدود السورية التركية، في أغسطس 2016 بدعم من مستشارين عسكريين أميركيين وبإسناد جوي من التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن ضد المتشددين.
وكانت أنقرة هددت، الخميس الماضي، بضرب المقاتلين الأكراد في منبج في حال لم ينسحبوا من المدينة إلى شرق نهر الفرات، كما أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدوره أن قوات "درع الفرات" ستسعى إلى "تحرير" منبج على غرار ما فعلت في مدينة الباب.
ويشكل وصول مدرعات وعربات مصفحة تحمل العلم الأميركي، يوم الأحد، إلى مناطق تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" عائقا أمام وعيد أنقرة.
وينذر تنفيذ التهديد التركي بقيام حرب مفتوحة بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش التركي وكلاهما حليف لواشنطن، مما يعني تسديد ضربة قاصمة للسياسة الأميركية في المنطقة.