أنفاق التهريب في رفح .. لقمة عيش مغمسة بالدم

الأحد 26 فبراير 2017 09:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
أنفاق التهريب في رفح .. لقمة عيش مغمسة بالدم



غزة -

مع إطلالة كل صباح يغادر الشاب العشريني صبحي منزله في مدينة خان يونس، قاصداً جنوب رفح، للعمل في نقل البضائع المهربة داخل أحد الأنفاق الحدودية.

صبحي يعلم جيداً مقدار المخاطر التي تنتظره تحت الأرض، بدءاً بالانهيارات الترابية، مرورا باستنشاق الغازات السامة، وليس انتهاءا بتسرب المياه القاتل، الذي حصد ويحصد أرواح العمال، لكنه وجد نفسه مضطراً للعمل في تلك المهنة الخطرة، من أجل توفير لقمة العيش لعائلته الفقيرة.

مغمسة بالدم
وأكد صبحي أنه سئم من كثيرة البحث عن فرصة عمل، لكنه لم يجد، ما اضطره لقصد مدينة رفح، وتحديداً منطقة الأنفاق، وتوسل لأحد ملاكها كي يوفر له فرصة عمل، وكان سعيداً حين وافق، على الرغم من المخاطر.

وأشار صبحي إلى أنه يحصل ما بين 40-60 شيكل عن كل يوم عمل يقضيه تحت الأرض، تارة يعمل في ترمرم النفق، وأخرى في سحب البضائع، والعمل في الأنفاق يحوي على مشقة كبيرة، كونه يتم في بيئة رطبة قليلة التهوية، ويشعر العاملون فيها بالبرد على الدوام.

وأكد أن والدته تتوسل إليه كل يوم أن يترك هذا العمل الخطر، لكنه مجبر على عصيانها، حتى يوفر لأسرته قوت يومهم، فأشقائه عاطلين عن العمل، والأسرة بحاجة لمصاريف يومية.

وأنفاق التهريب المنتشرة على الحدود المصرية الفلسطينية جنوب مدينة رفح، بدأت تستعيد نشاطها مؤخراً، وتهرب يومياً كميات من السلع والبضائع المختلفة، أبرزها السجائر والمعسل، وقطع غيار الدراجات النارية، إضافة إلى الأسماك الطازجة، لكن السلطات المصرية تواصل حملتها ضدها، وتدمير وتغرق يومياً العديد منها بالمياه، من أجل وقف التهريب.

مهنة قديمة جديدة
أما الشاب أحمد عامر، فأكد أنه سعيد لعودته للعمل في الأنفاق، بعد توقف استمر أكثر من ثلاث سنوات، فهي مهنته القديمة الجديدة، التي كان يعتاش منها، وبفضلها استطاع الزواج وفتح بيت وتكوين أسرة، لكن بعد توقفها ساءت أوضاعه المعيشية، وها هو الآن عاد للعمل.

وأكد أن مالك النفق الذي يعمل فيه طلبه بالاسم، كونه يمتلك خبرة في سحب البضائع، لكن العمل لم يعد كالسابق، فهو يعمل ما بين يومين إلى أربعة أيام أسبوعيا على الأكثر، بخلاف السابق حين كان يعمل طوال الأسبوع، وأحياناً ورديتين يومياً، متمنياً عودة نشاط الأنفاق لسابق عهده.

وأشار عامر إلى أنه ورغم خطورة هذا العمل، إلا أن عشرات الشبان العاطلين عن العمل يتوجهون إلى منطقة الأنفاق بصورة يومية، بحثاً عن فرص عمل، فعودة الأنفاق للعمل ولو جزئياً، شكلت بارقة أمل جديدة لمئات المتعطلين الباحثين عن فرص.

قلق من الحوادث
وأبدى الكثير من المواطنين قلقهم من تزايد حوادث الأنفاق مؤخراً، ووقوع ضحايا أبرياء من العمال ما بين قتيل ومصاب.

وقال المواطن يوسف طه، إن عودة الأنفاق للعمل يفتح باب الحوادث القاتلة من جديد، دون وجود وسائل أمن وحماية داخل الأنفاق، ولا حتى ضمانات حقوق العمال في حال أصيبوا.

وأشار طه إلى انه يشعر بالحزن كلما سمع بحادث وقع داخل نفق، ويشفق على هؤلاء العمال المساكين، وعائلاتهم القلقة، التي تنظر عودتهم سالمين، وتخشى تلقي نبأ وفاتهم في أي لحظة.
وأكد أنه في حال كان لا بد من هذا العمل، فيجب تنظيمه، وتوفير حماية للعمال، مع ضمان حقوقهم.

وكان ثلاثة من العمال لقوا حتفهم وأصيب سبعة آخرين بحالة اختناق، داخل نفق تجاري يقع على الحدود المصرية الفلسطينية جنوب مدينة رفح فجر، خلال محاولتهم ترميم النفق الذي كان تعرض للتدمير من قبل الجيش المصري قبل عدة أيام.

عن الايام